جابر حسين العماني
الإعلام العربي بوسائله المُختلفة، عند بزوغ تاريخ الثامن عشر من نوفمبر المجيد، في كل عام، يُسلط الضوء على الاحتفالات الوطنية العمانية بالعيد الوطني المجيد، وهو حدث وطني جليل القدر، يحتفل به العمانيون، ومن خلاله ينقل الإعلام العربي والأجنبي الكثير من العادات والثقافات العمانية الموروثة والأصيلة، والتي تحظى على الكثير من الاحترام والتقدير والإجلال في الخارج والداخل، وذلك بكل تأكيد يتطلب من الشعب العماني الذي عرف بعاداته وقيمه الحفاظ على إرثه العماني الأصيل وعدم التفريط به والسعي لإبرازه في المحافل المختلفة بأفضل ما يكون.
العيد الوطني مناسبة خالدة في قلوب أهل عُمان، لذا يجب الاهتمام بها بالشكل الذي يليق بالإنسان العماني الذي يجدد فيه الحب والولاء والعرفان لوطنه وسلطانه، وذلك من خلال تجسيد الأخلاق والوفاء والاحترام للقيم والمبادئ والأعراف العمانية والعربية الأصيلة، التي عرف بها أهل عُمان وتربوا عليها، والابتعاد الكامل عن كل ما يُعكر صفو الوطن والمواطنين والمقيمين على أرض الوطن، خصوصا ونحن نواكب النقل المباشر لعدسات الإعلام العالمي، الناقل لما يحدث من احتفالات متنوعة ينقل من خلالها العادات العمانية المعروفة بأصالتها وحضارتها التأريخية.
إن الاحتفال بالعيد الوطني المجيد حق مشروع يجب أن يتمسك به العمانيون في كل مكان وزمان؛ بل ويحافظون عليه، وذلك بما يحتوي من إرث تأريخي عظيم، من خلال التركيز على الثوابت، والابتعاد عن التصرفات السيئة والمشينة التي يقوم بها بعض المواطنين خصوصًا من فئة الشباب، واستغلال المناسبة للخروج إلى الشوارع للتعبير عن فرحتهم وسعادتهم بالعيد الوطني، ولكن بالطرق غير اللائقة بسمعة واحترام الوطن ومن عليه، كالتفاعل في العيد الوطني مع بعض العادات السيئة التي تعرض مرتكبيها للمساءلات القانونية، كقطع حركة المرور والطرقات، وتعطيل حركة الناس، وذلك باستعراض المركبات والتفحيط، وإزعاج الناس بأصوات الغناء والطرب بصوت مرتفع، والتجاوز من اليمين، وقيادة المركبات بطرق متهورة، وعدم احترام المسافات المتعارف عليها في قانون السير على الطرقات، أو إخراج الأجساد البشرية من فتحات السيارات العلوية، مما يشكل مخالفات واضحة للقانون، وغيرها من العادات التي لا تتناسب مع الأخلاق العمانية الأصيلة والتي هي في محل التقدير والاحترام والنقل المباشر للعالم عبر الإعلام المحلي والعالمي، قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَٰذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَىٰ عَذَابِ النَّارِ ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [سورة البقرة: الآية 126].
وفي المقابل ما نراه اليوم من مظاهر جميلة ورائعة في الاحتفال بالعيد الوطني في الثامن عشر من نوفمبر المجيد مثل: تزيين البيوت، ورفع العلم العماني عاليا شامخا على البيوت وفي الطرق وفي كل مكان، وتبادل التبريكات، وترديد النشيد الوطني، وإقامة العروض العسكرية والفنية وغيرها من المظاهر الوطنية الراقية، والتي تجسد الحب والوفاء للوطن والسلطان، فهي أمر مهم جدا لا يختلف عليه اثنان، ومن الجميل التفاعل معه، قال الإمام علي بن أبي طالب: (عَمُرَتِ البُلدانُ بِحُبِّ الأوطانِ)، ولكن الأهم من كل ذلك أيضًا هو أن يتعهد المواطنون بالإخلاص والوفاء لتراب الوطن والدفاع عنه وعن مُقدراته وخدمته.
إن خدمة الوطن والدفاع عنه شرف عظيم ما بعده شرف، وهو واجب أخلاقي وشرعي مقدس، يجب تقديسه واحترامه وإجلاله من قبل الجميع، فخدمة الوطن هي في حد ذاتها تشكل إسهاما كبيرا في إعلاء مفهوم الوطن والمواطنة، وذلك من خلال تنمية مهارات وإمكانيات الشباب وصقل مواهبهم وطاقاتهم المتفتقة بنور العلم والفهم، وذلك بهدف خدمة الوطن وإنعاشه اقتصاديا، مما يسهم ذلك عزته وازدهاره ونجاحه وإعلاء شأنه ورفعته بين الأمم، وبقائه صامدا ومتألقًا على الدوام، ويجعل منه متميزا بمشاريعه العمرانية والاقتصادية والثقافية.
لذا ينبغي على الجميع رفع شعار "فداك يا وطن"، فالوطن يستحق منَّا الكثير من الحب والتقدير والإجلال، وتجسيد ذلك الحب في خدمته والسعي الجاد من أجل ازدهاره ونجاحه، ليتمكن الجميع من العيش فيه بأمن واستقرار واطمئنان، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لا خَيرَ في الوَطَنِ إلّا معَ الأمنِ والمَسَرَّةِ".
نسأل الله العلي القدير أن يحفظ عمان وسلطانها الكريم حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- وسدد على طريق الخير والنجاح خطاه، وأسعد الله أيامكم ولياليكم بالعيد الوطني الثاني والخمسين المجيد.