400 خارطة ملاحية قديمة وأكثر من ألف قطعة أثرية

متحف الربان.. شاهد على الهوية الثقافية للتراث

...
...
...
...
...
...
...
...
...

 الرؤية- خاص

يعد التراث الثقافي أحد مكونات الهوية الثقافية للمجتمعات، ومورد مهم للتنمية والسياحة الثقافية، فهو يمثل ذاكرة الشعوب المليئة بالمعرفة والمهارات والخبرات التي تناقلتها الشعوب جيلا بعد جيل. وتعد المتاحف بما تحتويه من مقتنيات من أهم المنصات لالتقاء الأفكار لدورها المهم في تعزيز التماسك المجتمعي وتحقيق الرفاهية ونشر المعرفة.

المتاحف تعمل على صون الآثار القديمة والوثائق فهي بحق مؤسسة تعليمية فريدة من نوعها.

إنَّ مسؤولية إنشاء المتاحف ليست مقصورة على جهود الدولة والمؤسسات فالمبادرات الفردية والشخصية تمثل رافدا مهما في هذا الجانب.

إن المشروعات الثقافية من هذا النوع لا تحقق ربحا ماديا، لأنها مشروعات ذات كلفة عالية بمردود لا يغطي تكلفة التشغيل، لذلك قلما نجد مبادرات تتجه نحو إنشاء المتاحف.

في ولاية صور وفي العيجة بالتحديد وبقرب من معلم شهير وهو منارة العيجة أو ما يسمى محلياً ببرج رأس الميل، زرت متحف الربان لصاحبه بدر بن سعيد السناني شاب اختار أن يُغامر بإنشاء متحف يمثل ذاكرة جماعية للتراث العماني والصوري تحديدا، فمنذ صغره قد أحب جمع الصحف والطوابع والعملات، وكان والده قدوته في ذلك، ومع الوقت تطور الأمر إلى حلم أصبح يراوده حتى تمكن من تحقيق الحلم وبجهود فردية وبدعم من المهتمين.

البداية كان متحفا متنقلا تعرض المقتنيات الأثرية للزائرين ولزيادة عدد المقتنيات التي يصعب نقلها تم إنشاء المتحف في منزل تراثي قديم يتجاوز عمره خمسة وثمانين عامًا.

 في العام الخامس من إنشاء المتحف وبعد تجاوزه الكثير من التحديات التي زادته حماسة وإصرارا حدثنا بدر بن سعيد السناني عن متحف الربان.

يضم المتحف مجموعة متنوعة من المقتنيات الآثرية والتراثية والنادرة حيث يحتوي على أكثر من ألف قطعة أثرية قديمة وأربعمائة خارطة ملاحية نادرة ومئة وخمسين رواية وثمانية وثمانين مخطوطة موزعة على سبع قاعات، ففي الدور الأرضي تقع قاعة العطار التي تحتوي على مجموعة من العطورات والأعشاب القديمة والأواني والمكائن التي كانت تستخدم قديما في حياكة الملابس.

والقاعة البحرية والتي تضم مجموعة مختارة من مقتنيات الملاحة البحرية والأدوات التي كانت تستخدم في صناعة السفن في ولاية صور .

وقاعة النوادر والتي تضم ركن خاص عن الحرب العالمية بالإضافة إلى مجموعة من الوثائق والمخطوطات والخرائط البحرية والكتب والأعداد الأولى للصحف و العملات النادره لبعض الدول .

والقاعة الرابعة تنقلك لأجواء الطهي قديما في ولاية صور في تجسد تقليدي للمطبخ .

والقاعة الخامسة هي مخصصة لعرض الأبواب والنوافذ القديمة تضم بابا خشبيا عمره مائة وخمسون عاما مصنوع من خشب الساج تم جلبه من زنجبار.

والقاعة السادسة عبارة عن دكانة تعرض المنتجات التي كانت تعرض في محلات البقالة قديمًا في الفترة بين عام سبعين إلى عام ثلاثة وسبعين.

القاعة السابعة والأخيرة فهي مخصصة لعرض الأزياء العمانية الرجالية والنسائية التقليدية وبعض الحلي والإكسسوارات التقليدية وبعض الأسلحة التراثية من بنادق وسيوف.

 ما يميز المتحف تجسيده الحياة في الماضي فالمكان يفوح منه عبق التاريخ ويأخذك إلى أجواء الأجداد وحتى تعيش اللحظة فقد خصص السناني ركنا لهواة القراءة يستمتع القارئ فيه بنسيم البحر .

من التحديات التي تواجه السناني التكلفة العالية لتشغيل المتحف حيث إن معظم المقتنيات الموجودة تم شراؤها من مزادات عالمية ولأنها قديمة فهي تحتاج إلى عناية خاصة وترميم مستمر ووسائل حفظ ودراجات حرارة معينة تمنعها من التلف.

ويضيف السناني هذا بالإضافة إلى عدم وجود مصدر دخل ثابت للمتحف، فالمصدر الوحيد للدخل يعتمد عليه حركة السياح في الولاية وأحيانا أتلقى دعما من بعض المهتمين إلا أن ذلك لا يغطي تكلفة التشغيل.

كما تعد المساحة إحدى التحديات الكبيرة التي تواجه المتحف حيث إن المشروع مقام في منزل أثري وغير مجهز كمتحف متخصص لاستيعاب مقتنيات متنوعة .

 إن سبب استمراري بالمشروع إدراكي أهمية المتاحف في صون التراث والترويج عن ثقافتنا العمانية، فالتراث يعكس هويتنا ومع العولمة فإن الطريقة الوحيدة لحماية الثقافة وتراث الأجداد، إنشاء المزيد من المتاحف والعناية بالمتاحف القائمة.

إنني كصاحب متحف خاص يعنى بالتراث البحري والعماني أتمنى أن أتلقى دعما أكبر من الجهات المختصة كوزارة التراث والسياحة من حيث وضع كافة المتاحف الخاصة ضمن خارطة المزارات السياحية وتوجيه شركات السياحة لجلب الأفواج السياحية لزيارة المتاحف الخاصة في الولايات المختلفة.

كما أتمنى أن أحصل على تسهيلات لنقل المتحف لمكان أكبر ويرقى لما يحمله من رسالة إنسانية ثقافية تمثل التراث العماني البحري.

تعليق عبر الفيس بوك