تأكيد أهمية التدريب على رأس العمل لضمان إنتاجية الموظف الجديد

معضلة التوظيف.. معيار الأقدمية يُضعف فرص الخريجين الجدد في العمل!

مسؤولو موارد بشرية يكشفون أساليب المفاضلة بين المُرشحين للوظائف

◄ المؤسسات تسعى لتوظيف أفضل المخرجات لضمان استمرارية المنافسة

الرؤية- سارة العبرية

تُمثل عملية اختيار الأفراد لشغل الوظائف الشاغرة أمرًا مرهقًا لمسؤولي الموارد البشرية في مختلف المؤسسات؛ نظرًا لأنَّ كل مؤسسة تحتاج إلى مواصفات دقيقة في المرشحين لشغل هذه الوظائف، وذلك عبر معايير تضعها كل مؤسسة- حسب أولوياتها- للانتقاء والمفاضلة بين المرشحين.

ويؤكد مسؤولو موارد بشرية ومختصون في التوظيف أن عملية تعيين الموظفين الجدد لا تقتصر على فريق الموارد البشرية وحده، ولكن أيضًا للمديرين التنفيذيين الذين يشاركون بفعالية في الاختيار، وتحديد مواصفات ومهارات بعينها يجب أن تتحقق فيمن يشغل الوظائف الشاغرة، وفقًا لاستراتيجية كل شركة أو مؤسسة وأهدافها.

ويقول أسامة بن عبدالله آل حمزة مدير الموارد البشرية والإدارة بشركة وكالة الخليج "عُمان"، إن التوظيف الجيد أمر حيوي لكل منظمة، خاصة عندما تكون أسواق العمل غير متاحة وضيقة للعثور على الأشخاص المناسبين للوظائف المناسبة في الوقت المناسب، لضمان الوصول إلى قوى عاملة لديها المهارات والقدرات والكفاءات ذات الصلة باحتياجات المنظمة الحالية والمستقبلية.

ويضيف أن الأمر لا يقتصر على توفير الموارد البشرية الفعالة لملء الفراغ الوظيفي، بل يتعلق بالتأثير على نجاح الأعمال على المدى الطويل، وذلك باستخدام بيانات تخطيط القوى العاملة لفهم المهارات المطلوبة للأداء التنظيمي، موضحا أن عملية التوظيف تختلف وتعتمد على حجم المنظمة ومواردها؛ لذلك يجب اتباع مراحل التوظيف بتحديد مهام الوظيفة، واستقطاب المتقدمين للوظيفة، وإدارة عملية التقديم والاختيار، بالإضافة إلى تحديد الموعد.

ويؤكد أسامة آل حمزة ضرورة التركيز على الكفاءات والمهارات المطلوبة للوظيفة وليس الأقدمية فقط، لأنَّ الأقدمية لا يمكن أن تكون معيارا لاختيار الموظف المناسب؛ بل من الممكن أن تكون من المعايير المطلوبة للوظيفة مثل المهارات السلوكية والمهارات الوظيفية والخبرة؛ حيث إنه في حالة تضمن الوصف الوظيفي مستوى تعليميا معينا وخبرة عملية فمن الممكن أن يكون المرشح للوظيفة يمتلك الشهادات الدراسية المطلوبة، ولكنه لا يملك خبرة في نفس المجال الوظيفي بما أنه من متطلبات الوظيفة الأساسية، وعليه ترجح كفة الاختيار للمرشح الذي يمتلك الشهادات العلمية المطلوبة والخبرة المطلوبة.

وينصح آل حمزة الباحثين عن عمل بضرورة تحديث بياناتهم من وقت إلى آخر، وعدم الانتظار حتى الحصول على الوظيفة لكي لا ينسى ما تعلمه سواء عن طريق القراءة والتدريب في بعض الشركات والمشاركة في النشطة والأعمال التطوعية.

ويرى موسى بن ناصر الجديدي مدير الموارد بشرية وشؤون إدارية، أن التوظيف يعد دورا من أدوار قسم الاستقطاب والاختيار والتعيين بالموارد البشرية؛ والذي يسعى لاختيار وتصفية المترشحين للوظائف التي تقدمها المؤسسات الحكومية والخاصة، وأنه بحسب المعايير الوظيفية والمهارات التي يقدمها قسم الموارد البشرية في الوصف الوظيفي يتم اختيار الشخص المناسب، مؤكدا أن لكل وظيفة مهارات وقدرات لابد أن يتقنها المرشح وأن تكون لديه إمكانية التعلم والتطوير.

ويُبيِّن أن معايير التوظيف بشكل عام تتضمن توفر القدرة الصحية والخبرة العلمية والعملية والكفاءة وفن الاتصال لدى المرشح للوظيفة، بالإضافة إلى القدرة على اتخاذ القرار والإدراك والمعرفة التقنية والفنية.

ويشير رضوان الجلواح مستشار الموارد البشرية والتسويق بالمملكة العربية السعودية إلى أن معايير التوظيف ليست ثابتة أو محددة؛ لكنها تعتمد على مهارات التواصل الفعّال ومهارات حل المشكلات ونمط الشخصية في المقابلة الشخصية والخبرات المتوافرة في المرشح.

فيما يعتبر نايف بن علي الفهيد، الخبير في الموارد البشرية بالسعودية، أن المعيار الأساسي لقبول مرشح في وظيفة ما هو الأخلاق والأمانة والنزاهة والاحترام وتقبل الاختلاف واحترام الغير، بغض النظر عن كل أشكال الاختلاف الجنسي والعرقي والطائفي، ويأتي بعد ذلك معيار الكفاءة الأكاديمة والمهنية سواء من التخصص والخبرات والمهارت، بالإضافة إلى الذكاء العاطفي والاجتماعي والاستعداد لتعلم المزيد والتطور باستمرار والمقدرة على العمل الجماعي، واحترام كل سياسات العمل الداخلية والخارجية في القطاعين الحكومي والخاص.

وتذكُر نوف بنت سلطان البوسعيدية اختصاصية تدريب وتطوير، أن أهمية المؤسسة- أيًّا كان حجمها وتوجهها- تكمن في قوّة أفرادها من حيث الخبرات العلمية التراكمية والمستوى التعليمي وكذلك التدريب الذي يحظى به أفرادها، موضحة أن المؤسسة عليها أن تنتهج التوظيف عبر معايير دقيقة بعيدة عن المحسوبية والمحاباة وأن تكون الكفاءة هي المعيار الأمثل والأفضل في هذا الأمر حتى تستطيع تحقيق أهدافها.

وتوضّح أن مسألة التوظيف من منظور تحقيق "العدالة الاجتماعية" سلاحٌ ذو حدين؛ فلا ينبغي أن يكون ذلك على حساب نزاهة المؤسسة وجودة العمل بها والديناميكية التي تعمل عليها، مضيفة: "كما هو معلوم أن غاية كل مؤسسة في تطلعاتها الريادية هي النهوض بخدماتها من حيث الجودة والمعايير، وأن عملية التقدم لشغل الوظائف هي حق مشروع للجميع، والأكفأ والأنسب من ناحية المتطلبات الوظيفية له أولوية الاستحقاق الوظيفي".

وتؤكد البوسعيدية أن من أهم الجوانب التي تزيد من فرص القبول لدى المتقدمين للوظائف هو السعي للحصول على خبرات في تخصصاتهم، والتوسع المعرفي من خلال التدريب الوظيفي في مختلف المؤسسات، والتثقيف المستمر وخدمة المجتمع وعدم الاكتفاء بالمؤهل الأكاديمي لكي يواكبوا وتيرة التطور المتسارعة.

وتتحدث أميرة البلوشية اختصاصية إدارة أعمال، عن وجود معايير كثيرة للتوظيف من بينها عامل الأقدمية في الشركات؛ حيث إن الخبرة العملية تساعد في تسهيل التعامل مع مختلف الأفراد داخل المؤسسة والإدارة، وفي كيفية التعامل مع المشاكل التى يواجهها وحلها، لافتة إلى أن الكفاءة والمهارة يحددان منافذ الإتقان في العمل و التميز فيه.

وتضيف: "ليس كل قديم نافع ولا كل تاريخ يؤرخ، لذلك في بعض الأحيان يوجد هناك ميزة من استفادة في توظيف الأقدمية التى تعتبر مكسبا وربحا للمؤسسة وفي بعض الأحيان يعتبر خسارة ومضيعة للوقت؛ لذا عملية التوظيف وكيفية الاختيار مسألة تحتاج إلى تكامل بإنجاز مجموعة من الأنشطة التى تتمثل في الاستقطاب والاختيار والتعيين، كما أن معظم المؤسسات لا تتهاون فيما يخص الأقدمية وتعتبرها مكسبا لها، في حين أن هذه الخطوة قد تكون خسارة لها لأنها تمنع الاستفادة من الطاقات الجديدة".

وتقول شفاء بنت سعيد الكيومية إدارية موادر بشرية، إن المؤسسات تسعى إلى توظيف أفضل المخرجات كي تضمن استمراريتها في المنافسة؛ كما أن التكنولوجيا أصبحت عاملا أساسيا في رفع وتحسين مستويات الإنتاج، مشيرة إلى أن عدم الممارسة وتطوير المهارات تشكل فجوة تقع على عاتق الحكومة.

وتشير الكيومية إلى أن من ضمن الخطوات التي يجب القيام بها وضع "برنامج تدريبي" يساعد على تطوير ودمج الموظف في بيئة العمل، وذلك عن طريق تقديم الأدوات والمهارات اللازمة في تخصصات معينة لضمان التطوير المهني لدى الموظف واستمرارية التطوير المؤسسي على المدى الطويل.

تعليق عبر الفيس بوك