براغيث

 

عمرو العولقي

حين تلفح صفحة وجهك شمس يوم جديد، تقوم على عجل للقيام بمهامك اليومية، تذهب لمقر عملك ناويًا تعلم شيء جديد، أو قضاء حاجة قمت بالتخطيط لها مسبقًا.

تعلم في قرارة نفسك أنك ربما ستُقابل تلك الشخصية التي لا تطيق تعاملك معها! صاحب تلك الشخصية لا يجيد الصعود لأعالي الجبال أو المباني، ولا يحب أن يشغل تلك الأجزاء الإبداعية في دماغه، عدا جزء بسيط يمكنه من القفز على ظهور الآخرين، إنه نوع من البشر يقتات على مجهود الغير، أفكارهم، خططهم، نجاحهم،  فهو أشبه ما يكون بمصاص طاقات لا يشبعه إلا نهب طاقات الآخرين.

يُوسم أحيانًا بالمُتسلق!  يوجد في أي مكان تقريبا، وعادة ما يكون لبقاً، حسن التَّعامل، معسول اللسان، يُحسن تدبير الأمور لصالحه دائماً بغض النظر عن من يكون ضحية مصالحه، ربما عرفت الآن شخصية من هذا الفصيل .

دعني أخبرك أكثر، فربما تكون أنت متسلقا ولكنك لا تعلم !!

المُتسلق هو من يعشق الصعود على أكتاف الغير بغض النظر عن من يكون أو نوع العلاقة التي تربطك به، يتخذ أشكالا عديدة فقد يكون زميلا، مديرا، رجل دين، شخصية عامة،  قريبا تربطك به صلة دم أو حتى شخص لا تعرفه أصلا ولم تلتق به أبدا .

ولتوضيح شخصية المتسلق دعني أعطيك مثالا: مُدير في العمل يقوم بإعطائك عدة مهام لا يستطيع غيرك تنفيذها وبمجرد إنهائك للعمل واستلامه، يقوم بتقديمها باسمه، ويوهم الغير أنَّه من قام بذلك الجهد، ضاربا بك عرض الحائط، ربما قد يعقد معك اجتماعًا ويطلب منك أفكارا، فيلتهمها كنار أضرمها بركان، وعندما يُعلنها،  يقول إن كل الأفكار الإبداعية كانت من مخيلته وابتكاره، ولا حول لك ولا قوة،  فيكون بذلك قد تسلق بحكم مركزه الوظيفي على كتف كل من قام بكل العمل وحيداً وتفرد بالثناء والترقية على حساب غيره ونسف كل الجهد المبذول من الآخرين.

مثال آخر: أحد أقربائك يقوم بالضغط عليك للتنازل عن حق ما بحيث تكون أنت سلم النجاح له فيتسلق هو تاركا إياك تعاني ويلات ما قمت به وحدك بعدما حصل على ما يُريد .

مثال أخير: المتسلق الذي لا تعلم عنه شيئاً هو ذلك الشخص الذي يقوم باستغلال نجاحك وصيتك في المجتمع وينسب هذه النجاحات لنفسه، بحيث يكون هو من قام بصنعك وتدريبك أو حتى مساعدتك على النجاح فيتسلق باسمك بعلم أو دون علم منك فهو لا يكترث لغضبك أو إنكارك.

تكثر الأمثلة ويكثر المتسلقون المجهزون بحبال الاستغلال ولف تلك الحبال بطرق شتى حول رقاب الضحايا، المهم هو التسلق والعبور وتحقيق المصالح الشخصية ولو أدى ذلك لتعثر أو إيذاء الغير أو سرقة مجهودات الغير بغير وجه حق.

ربما أنك بدأت تستوعب ما أقصده الآن، فربما قفز إلى عقلك الآن متسلق كنت تعرفه جيدًا وربما تكون أنت ذلك المتسلق ولكنك لا تدرك ذلك؛ فالمتسلقون أعتبرهم لصوص، يسرقون جهود غيرهم، لصوص لأفكارهم، استغلاليون لطاقات من حولهم.

الملاحظ أننا نجد أن كل المتسلقين يشتركون بصفات محددة وهي الأنانية وحب الذات، مراوغون ماهرون، لديهم حب الظهور والتميز بأيِّ طريقة كانت، وأخيرًا لديهم مهارة تحريف الحقائق وإعادة قولبتها بما يتناسب مع مصالحهم .

عزيزي المتسلق.. اعلم أنك مفارق كل ما صنعته، الحياة قصيرة مهما طالت، وثق دائمًا أنَّ ما هو لك فهو لك وما ليس لك، فلن يكون!

تعليق عبر الفيس بوك