الحياد الصفري الكربوني

 

أحمد بن موسى البلوشي

تغير المناخ من أكبر التحديات التي تُواجه البشرية حاليًا، حيث نلاحظ التغير الكبير في ارتفاع درجات الحرارة سنويًا، وزيادة كميات الغبار في الجو، وانتشار الأمراض المختلفة، وزيادة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وقد سجلت نسبة الغازات الدفيئة مثل ثاني أكسيد الكربون، وأكسيد النيتروز، والهيدرو فلور، والكربونات، والميثان الناتجة عن الثورة الصناعية رقمًا قياسيًا خلال السنوات الماضية في الغلاف الجوي.

ويُلقي علماء المناخ باللائمة في تضخم مشكلة الاحتباس الحراري على زيادة نسبة هذه الغازات التي تتميز بقدرتها على امتصاص الأشعة تحت الحمراء التي تنطلق من الأرض، فتقوم بالحفاظ عليها وبالتالي ترفع من درجة حرارة الهواء مما يجعلها تساهم في رفع درجة حرارة كوكب الأرض،  الأمر الذي أصبح يشكل ناقوس خطر على هذا الكوكب، والذي دعا دول العالم للتحرك السريع لإنقاذه من هذه الكارثة. وقد حذرت العديد من المنظمات الدولية، ومن بينها الأمم المتحدة من أن الوضع المناخي الحالي يُنذر بكارثة.

وقد جاء اعتماد مولاي صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم، عام 2050 موعدًا لتحقيق الحياد الصفري في سلطنة عُمان، وإعداد خطة وطنية للوصول إلى ذلك، وإنشاء مركز عُمان للاستدامة دليلًا على حرص مولانا المعظم الشديد لتحسين الأداء البيئي وتخفيف آثار التغير المناخي، والحفاظ على كوكب الأرض وانقاذه من التلوث، وتوجيه الوحدات الحكومية، والجهات ذات الاختصاص بالعمل معًا لتحقيق هذا الهدف والتخفيف من الآثار الناتجة عنه. ويعد الانتقال إلى عالم صافٍ من الانبعاث من أكبر الصعوبات والتحديات التي تواجهها الدول، ولتحقيق ذلك نحن بحاجة إلى قدر كبير من العمل الجاد من قبل جميع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة لتحقيق ما وجه به السلطان هيثم المعظم. ويشير مفهوم الحياد الصفري إلى فكرة خفض انبعاثات الغازات الدفيئة إلى أقرب مستوى ممكن من الصفر؛ عن طريق الإجراءات التي ستتخذها الدول والمنظمات والأفراد لخفض انبعاثات الكربون إلى الصفر، وهذا يعني الموازنة بين انبعاث الغازات المضرة بالبيئة وقدرة الغلاف الجوي على استيعابها.

ولتحقيق ما تصبو له سلطنة عُمان في هذا الجانب يتطلب تكاتف جميع مؤسسات الدولة المختلفة ومنها التعليمية كذلك لنشر ثقافة الحياد الصفري بين الطلبة والمتعلمين، وإقامة ورشات العمل المختلفة والمؤتمرات الدولية في هذا الجانب، وقيام المؤسسات ذات العلاقة والاختصاص بالإجراءات التي تكفل التقليل من الانبعاثات الضارة في الغلاف الجوي من حيث استخدام مصادر الطاقة النظيفة، والأنشطة الصناعية الصديقة للبيئة.

عزيزي المواطن.. يجب أن يكون لديك دور حقيقي في هذه الخطة فالتقليل من استخدام الكهرباء، واستخدامك لمزود كهرباء صديق للبيئة، واستخدام مصابيح LED، والاستخدام الأمثل للماء، والتقليل من استخدام السيارة، واستخدام وسائل النقل الجماعية، كل هذه التصرفات وغيرها كفيلة بالتقليل من انبعاث الكربون بالغلاف الجوي والوصول للحد الصفري منه.

تعليق عبر الفيس بوك