التغريب الوظيفي والتعثر المؤسسي

 

فيصل بن علي العامري

التغيُّر المتسارع الذي تشهده مختلف القطاعات والعوامل الحديثة كالعولمة، بات يُعيد أو يُجدد بعض الظواهر التي كانت وما زالت موجودة، ومنها الاغتراب الوظيفي؛ كونه مشكلة إنسانية اجتماعية اقتصادية مرتبطة بجميع الجوانب.

نتحدث هنا عن بيئة الأعمال الداخلية لأي مؤسسة وهي النواة التي من خلالها يتم التواصل وتعزيز الولاء الوظيفي في بيئة العمل، ومعظم المؤسسات العالمية الناجحة تجدها تعمل من أجل إحلال الأنظمة الجديدة والطرق الفعَّالة لخلق بيئة منظمة ترفد جميع موظفيها بروح الولاء المؤسسي.

وفي واقعنا المؤسسي تعد ظاهرة التغريب الوظيفي موجودة في بعض المؤسسات العامة والخاصة والعالمية والتي تكون وليدة الاندماج المؤسسي أو التغيير على مستوى القيادة والتي تكون ظاهرة سلبية تنسف قدرات وإنجازات الموظفين.

وهنا سأقوم بتعريف التغريب الوظيفي؛ حيث يعرف بأنه حالة من الانفراد أو التهميش الوظيفي كون شخص آخر يحل ويقوم بالتدخل في بعض المهام أو القرارات التي من خلالها يتم خلق العزلة للموظف حتى تقل الإنتاجية والتواصل في المنظمة.

وهنا سؤال يطرح نفسه ما هي الأسباب التي تؤدي إلى حدوت التغريب الوظيفي في المؤسسات، وهي تكمن في:

  • إدارة وتشكيل فرق العمل.
  • عدم إشراك الموظفين في القرارات.
  • عدم الاستماع أو التواصل.
  • عدم وجود قنوات تواصل داخلية وخارجية.
  • عدم المساواة أو العدالة في الأجر والفرص سواء التدريبية أو القيادية أو المناصب.
  • عدم وضوح الهياكل التنظيمية للمؤسسات.
  • لا يوجد تسكين داخلي للموظفين، وإنما يتم الاستعانة بموظفين جدد من مؤسسات أخرى حيث إن هذا السبب يعد بمثابة حرق لجهود الموظفين السابقين في المنظمة.

هذه الأسباب وغيرها تعد أسباباً رئيسية للتغريب الوظيفي، حيث قدم الفيلسوف الألماني" كارل ماكس" تعريفا لنتائج الاغتراب تظهر هذه النتائج بعض الاتجاهات والانفعالات غير المرغوبة في بيئة العمل وهي:

  • الإحساس بالعجز وكراهية البيئة المحيطة.
  • الشعور بالغرور وعدم الرضا العام عن العمل في المنظمة.
  • تقل القابلية لدى الموظف سواء في تطوير العمل أو في تقديم الخدمة للجمهور.

وهناك عدة أنوع للاغتراب الوظيفي وهي تختلف على حسب أعمال المنظمة:

  • الاغتراب عن المنتج أو الخدمة المقدمة؛ ويظهر عندما لا يملك الموظفون المعرفة العامة عن المنتج أو الخدمة التي يقدمونها؛ حيث يحدث عندما لا تكون هناك تشاركية للسيناريوهات للمعلومات عن المنتج والخدمة.
  • الاغتراب عن الإنتاج؛ وهو يحدث عندما يكلف الموظف بمحدودية الخدمة فقط دون تقديم له السيناريو الكامل عن مشروع المنتج أو الخدمة.
  • الاغتراب عن الآخرين؛ يحدث نتيجة شعور الموظف بأنه دخيل في مؤسسته حيث إنه يهمش من الفرق المرتبطة بمحيط عمله واختصاصاته.
  • الاغتراب عن الذات؛ ويحدث عندما يفقد الموظف التعايش مع وضع الاغتراب ويصبح فاقدًا للاستقلالية ولا يستطيع تنفيذ أو طرح فكرة إبداعية للمؤسسة ويشعر بعدم حاجة المؤسسة لوظيفته، وهنا يأتي دور المؤسسة في تقليل وجود الاغتراب الوظيفي من خلال:
  • بث روح العدالة والمصداقية لجميع الموظفين.
  • تمكين الموظفين حسب إمكانياتهم العلمية والوظيفية.
  • إشراكهم في رسم السياسات والتخطيط المؤسسي
  • التدوير الوظيفي من خلال فرق العمل بالمنظمة (التخطيط لخلق الصف الثاني أو البديل).
  • التدريب والتعلم المستمر.
  • التقييم المعكوس للمنظمة وجميع مستويات الأفراد.

وختامًا.. أتمنى من جميع قيادات المؤسسات بث روح التشارك بالأفكار والخطط مع موظفيهم وتمكينهم من الناحية العلمية والعملية والمالية وإعطائهم الفرص الموجودة لتحقيق الأهداف للمنظمة. ونحن لا ندّعي المثالية في أقوالنا ولكن هي رسائل ودروس نبعثها لأنفسنا أولا ثم لمن نُحب، ونقول كما قال الشاعر:

أسمع لقولي وإن قصّرتُ في عملي

ينفعك قولي ولا يضرك تقصيري

** متخصص في التنمية البشرية والتطوير المؤسسي

طالب دكتواره في فلسفة إدارة الأعمال

تعليق عبر الفيس بوك