د. أحمد العمري
تابعتُ مع كل المُتابعين ما يتردد في وسائل التواصل الاجتماعي من تغريدات وأفكار وآراء ومطالبات مختلفة الاتجاهات والمضامين متشعبة ومتعددة، فالكل يدلو بدلوه!
فهناك من يقول إن في أمريكا يعملون كذا وكذا.. وهناك من يقول في الصين عندهم هكذا وهكذا... وثالث يقول إن في إنجلترا هكذا يتصرفون بهذه الطريقة فيعملون كذا وكذا... ويأتي الرابع ليقول إن اليابانيين عندهم هذه الطريقة وتلك العملية وذلك الفعل... إلخ.
بل وهناك من يُطالب بأكثر من هذا، فيدعو إلى اعتناق أفكار دخيلة ويطالب بتطبيق توجهات ومناهج وسياسات ما أنزل الله بها من سلطان. ويأتي آخر ليطالب بالحزبية والملكية الدستورية متجاوزًا كل الحدود وجميع الخطوط الحمراء، ومتحديًا كل الفرضيات والمنطق والواقع والأعراف والتقاليد.
ربما يطلق البعض دعوات لا يعرفون مخاطرها ولا يفهمون مآلاتها ولا يعقلون حتى فلسفتها، وهنا أقول لكل الإخوة الكرام: رفقًا بما أنتم مقدمون عليه وافهموا وعوا ما تطالبون به، وما تقولونه وما تسعون لتحقيقه؛ لأنَّ البواطن دائمًا عكس ما تظهر في غالب الأحيان.
ولقد رأينا بكل وضوح ماذا فعل ما يُسمى "الربيع العربي" بالأمم والشعوب، ولا يحتاج هذا تفصيلًا أو شرحًا أو تعليلًا.
وهنا أتذكر المقولة الخالدة للسلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- عندما قال: "إن التحزب نبتة كريهة ترفضها التربة العُمانية"؛ فالتحزب يعني التصفية والتخلص من الغير دون أي رحمة ولا شفقة.
لكن في الأعراف والتقاليد وسنن القبائل النخوة والعزة والكرامة والأنفة والحب والتقدير والاحترام والفزعة والهبة وحسن التعامل وجميل المكارم.
لسنا بحاجة لما تصدِّره أمريكا أو تصنعه الصين أو ما تتميز به إنجلترا أو تفعله اليابان! إننا نحتاج للعلم والتكنولوجيا وليس الكل في الكل، فنحن لسنا بحاجة لأخذ الجمل بما حمل، أو أن نأتي الأمور بكل سلبياتها "خذوه فغلوه"، ولكننا بحاجة لأخذ ما هو مُفيد وما هو مناسب لنا كمُجتمع. لدينا الدين الإسلامي السمح المعتدل الذي يؤمن بأن المذهب العام هو "لا إله إلّا الله محمدٌ رسول الله"، وما دون ذلك فهي اجتهادات، نحترمها ولا نعادي أو نخاصم من اتبعها.
ثم لدينا الأعراف والتقاليد العُمانية الضاربة في جذور التاريخ وأصالته، وبعدها لدينا النهضة الهيثمية المتجددة التي تربط مسندم بظفار، ونزوى بصور، وعبري بمسقط، والبريمي بصحار، وهيما بإبراء.
فهل هكذا يوجد تماسك وتوحد وتعاضد وتآخٍ وتعاون وتلاحم وترابط أفضل مما نحن عليه؟!
فلنحمد الله رب العالمين على ما حبانا به وأكرمنا بما نحن فيه، ولا داعي للمطالبة بالأفكار الغربية أو الشرقية؛ فأعرافنا وتقاليدنا وكريم ديننا وحسن تعاملنا، أقوى وأفضل وأوضح وأنصح من أي فكر مستعار أو أي تدخل مغرض.
حفظ الله عمان وسلطانها وشعبها...