النسويَّة العُمانية

 

د. أحمد العمري

لقد تشرفت مع عدد من الزملاء والزميلات المُكرمين والمكرمات أعضاء وعضوات مجلس الدولة، وبترشيح كريم من معالي الشيخ رئيس المجلس الموقر؛ للمشاركة في الندوة الحوارية الوطنية "المرأة العمانية في قطاعي التعليم والاقتصاد.. تحديات وآفاق"، وذلك في معهد النفط والغاز داخل حرم جامعة السلطان قابوس، والذي تنظمه مشكورة وزارة التنمية الاجتماعية.

وددتُ أن أكتب هذا المقال البسيط جدًا تحضيرا لهذه الندوة المهمة، وأقول فيه إن الإسلام أكثر دين أعطى المرأة حقوقها وميزها وأعطاها مرتبة عالية لم تنلها قبل الإسلام ولا بعده إلى يوم الدين، مهما ادعى من ادعى وحاول من حاول. فقد كرم الإسلام المرأة في كل آيات وسور القرآن العظيم، وقد بسط ذلك بالأحاديث النبوية الشريفة؛ حيث قال صلى الله عليه وسلم: "الجنة تحت أقدام الأمهات" في إشارة إلى عظمتها وسموها ورفعة مقدارها. وعندما سئل عن أحق الناس بالبر قال "أمك"، وقد كررها ثلاثًا وفي الرابعة قال "أبوك"، في إشارة إلى المرأة وتضحياتها وتحملها وصبرها وجلدها. كما قال صلى الله عليه وسلم "خذوا نصف دينكم عن هذه الحميراء"، في إشارة إلى السيدة عائشة رضي الله عنها، وكأنه يوجه إلى أن المرأة يُمكن أن تُستفتى وتكون قاضية ومعلمة ومرشدة ومرجعًا دينيًا، وقد كانت هكذا أم المؤمنين السيدة عائشة.

لكن لنأتي إلى عصرنا الحالي، وننظر ماذا تكون وما المؤمل؟ فسنجد أن هناك "الإخوانيات" و"النسوة القبيسيات" التي تشكلت في سوريا، ونجد هناك النسوية الإسلامية التي أنشأتها ناشطة إيرانية، وقد انتشرت في العالم العربي والإسلامي، وارتكزت حاليًا في جمهورية مصر العربية وأغلبية الدول العربية والإسلامية. ثم هناك النسوية الماركسية والعلمانية والليبريالية، وغيرها وغيرها الكثير. هذا في عالمنا الإقليمي والعربي والإسلامي، وإذا ما انتقلنا للعالمية سنُصدم بأفكار غريبة وعجيبة ومخالفة للطبيعة والتكوين البشري، وهي نشاز في المجتمع والعرف الاجتماعي، وسنتواجه مع الشذوذ ودعاة المثلية الذين ندعو الله سبحانه وتعالى، أن يكفينا شرهم ولا نتمنى حتى خيرهم.

فإلى أين المفر؟! وهنا لا نجد سوى عُمانيتنا وهي المُنقذة لنا والحامية والداعمة والساندة لنا، فلدينا أعراف أقوى من القوانين وتقاليد أشد من الأنظمه والدساتير. فلا يمكن للمرأة أن تستقبل الرجال سواءً في الفرح أو الترح، فذلك من شأن زوجها أو أخيها، ونحن في سلطنة عمان تجاوزنا تمكين المرأة بملايين الأميال، وليس أدل على هذا من أن الندوة التي نحن بصددها تنظمها وزارة على رأسها امرأة ذات كفاءة ومؤهلة للقيادة.

إنَّ عندنا ولله الحمد نهج إسلامي واضح، وأعراف وتقاليد رصينة وحافظة، وتوجيه سامٍ من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- بتمكين المرأة.

فهل نحن بحاجة إلى أفكار الآخرين التي ظاهرها ملفوف بسكر، ولكن جوفها سم وعلة؟!

كل النسويات التي سبق وذكرتها لها مآرب ومقاصد وأهداف؛ ظهر منها ما ظهر، وما خفي كان أعظم. لذا أرى أنه لا بُد للشخصية العمانية أن تنجلي ولابُد للنهج السليم أن يظهر؛ مرتكزًا على 3 محاور ذات خصوصية عمانية وهي: الدين الإسلامي السمح والمعتدل، والأعراف والتقاليد العمانية، والتوجيهات السامية بتمكين المرأة. وعليه فإنني أقترح ومن الآن أن تتبنى الندوة في أولى توصياتها، نهج "النسوية العهدية" نسبة للسيدة الجليلة حرم جلالة السُّلطان- حفظها الله ورعاها- وبالخصوصية العُمانية وبالهدف الاجتماعي الخالص، دون أية مآرب أو مقاصد، وتفاديًا لأية مآلات أخرى. وسواءً تبنتها وأشرفت عليها وزارة التنمية الاجتماعية أو رفعت درجتها لتحظى بالإشراف من لدن "مؤسسة عهد"، فإنَّ المبادئ والقيم والثوابت واحدة.

حفظ الله عُمان وسلطانها وشعبها.