"روزنة".. ميلاد النكهات من الأرقام

 

د. خالد بن عبد الوهاب البلوشي

 

روزنة كلمة ذات وقع جميل في آذان كل من يسمعها وتعني الفتحة أو التجويف في جدران البيوت العُمانية التقليدية؛ حيث كانت وما زالت تُستخدم لوضع الأغراض بها، وحديثنا اليوم عن حفيد الشيخ العلامة الشاعر أبي سلام سليمان بن سعيد الكندي والذي يقول في إحدى قصائده الشهيرة:

وانظر بعينيك مشرقا ومغربا

تجد الرياض محيطة بالوادي

هذه المنازل قف بنا يا حادي

وانزل فديتك نحو ذاك الوادي

تلك الأبيات رسمها حفيده سليمان بن سيف الكندي على سقف إحدى قاعات مطعم روزنة، وأطلق عليها اسم "حجرة أبو سلام الكندي" تخليدا لذكرى جده العلامة.

ومطعم روزنة الذي استوحى تصميمه من هندسة القلاع العُمانية يحتوى على 30 حجرة سُمِّيَت بأسماء مناطق وولايات سلطنة عمان، وكذلك باسم بعض المعالم السياحية الشهيرة، إضافة إلى 4 قاعات واسعة تمثل المجالس العمانية المتنوعة. وعملت تلك الجماليات الهندسية على تجسيد العمارة العمانية الصلدة القوية خاصة القلاع التي عكس فيها هذا الصرح التصميم والتفاصيل الدقيقة.

لكن من يُدير هذه المنظومة المعمارية الرائعة التي تخفي وراءها كل ذلك الجمال، هو الشيف الفنان سليمان بن سيف الكندي، والذي يشرف على إدارتها بشغفٍ وحبٍ شديدين، من خلال لمساته داخل معمل إعداد الأطباق المختلفة.

ومنذ نعومة أظفاره وهو يحلم بوضع المطبخ العماني على خارطة المطابخ العالمية، وتحقق الحلم من خلال انضمامه لإدارة مطعم روزنة وتمَّ منح مطعم روزنة ووجباته الرائعة الجائزة الفضية في أشهر مسابقة دولية بمدينة كومو الإيطالية شهر يوليو 2022، واختطف تصميم المطعم أيضا الجائزة الفضية من بين آلاف المشاركين من مشارق الأرض ومغاربها.

واستطاع الشيف الفنان مبرمج الكمبيوتر خريج تقنية المعلومات والحاسب الآلي، أن يطلق العنان لأنامله المتخصصة في كتابة البرامج والأرقام، وتحويلها إلى نكهات ووصفات تُدغدغ براعم التذوق لدى مرتادي مطعم روزنة.

لا يخفى على أحد أنَّ هناك العديد من المطاعم الشعبية العُمانية منتشرة في ربوع سلطنة عُمان، إلا أن روزنة يُعد من المطاعم النادرة التي حازت على جائزة دولية، وكما هو معلوم لدينا أن المطاعم تؤدي دورًا حيويًا في الترويج والتسويق السياحي؛ فهناك من السياح- والذين يطلق عليهم الذوَّاقة- لديهم هواية السفر والترحال فقط لتذوق أطعمة الدول؛ سواء أطعمة الشوارع أو المطاعم، وقد تبوأ هذا النمط من السياحة مرتبة عالية ويحظى بملايين المُتابعين من شتى أنحاء العالم.

ويعد المطبخ العماني الثري بأطباقه المتنوعة ذات النكهات العربية والآسيوية والأفريقية، مطبخًا مميزًا، وتعمل وزارة التراث والسياحة منذ فترة على إعداد وتجهيز موسوعة الوجبات العمانية؛ حيث يتم الاستعانة بخبراء هذا القطاع ومنهم الشيف الفنان المبرمج سليمان بن سيف الكندي.

ويعد فوز مطعم روزنة بمثل هذه الجوائز العالمية، فوزًا لسلطنة عُمان، وما هذا إلا دليل على ثراء المطبخ العماني، ولذا لابُد من الترويج والتسويق لهذا النمط من السياحة في المعارض والمسابقات الدولية؛ حيث إننا نثق في قدرة العُمانيين على الحصول على جوائز عالمية والتي لها دور مُميز في جذب السياح إلى سلطنة عمان؛ لأن المطبخ العماني هو عبق الماضي مع نكهة المستقبل.