مطالب بفرض ضريبة دخل على أصحاب الحسابات "المليونية"

الترويج عبر مشاهير "السوشال ميديا" مثار جدلٍ.. واتهامات بالحرص على جني الأموال دون ضوابط

مقترحات بإنشاء جهة متخصصة في مراقبة محتوى "المؤثرين" لضبط المخالفات

الرؤية- سارة العبرية

المؤثرون أو "مشاهير السوشال ميديا" باتوا في الوقت الراهن الوقود الذي يُشعل منصات التواصل الاجتماعي، إيجابًا وسلبًا، خاصة وأن الشبكات الاجتماعية أصبحت توفر للكثيرين بيئة خصبة لجني الأموال بأسرع وقت، ودون تكبد عناء كبير.. هكذا يرى بعض المنتقدين هؤلاء "المؤثرين"، ويطالبون بفرض المزيد من الضوابط على سلوكهم الترويجي للكثير من المنتجات والسلع والخدمات، علاوة على ضرائب دخل فعلية، لانعدام إسهاماتهم في الاقتصاد الوطني، خاصة وأن الكثير منهم لا يملك سجلًا تجاريًا، وذكروا من بين هذه الضوابط إنشاء جهة تتولى مراقبة أو تلقي الشكاوى تجاه أي محتوى مخالف ينشره المؤثرون عبر حسباتهم.

ومشاهير السوشال ميديا يحظون عادةً بمتابعة عشرات الآلاف أو الملايين من مستخدمي الشبكات الاجتماعية، وغالبًا لا يحتاجون إلى بيانات اعتماد أو شهادة خبرة أو دراسة تخصص مُعين للولوج إلى هذا المجال؛ بل كل ما هنالك إثبات قدرتهم على جذب أكبر عدد من المستخدمين لمتابعتهم وإنشاء محتوى "يستقطبهم" عبر مختلف المنصات مثل: Instagram أوTwitter أوFacebook أوSnapchat أوYouTube".

وكان مجلس الدولة قد أقر في يوليو 2019، مقترح "تنظيم الإعلان" المقدم من لجنة الثقافة والإعلام والسياحة، حيث تضمنت توصيات الدراسة إيجاد قانون ينظم ويعمل على ضبط عمل السوق الإعلاني في السلطنة، وفي المقدمة منها الإعلانات الرقمية عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

وتذكر دراسة حديثة لشركة "إي ماركتر eMarkter" أن 84% من شركات التسويق تخطط للإعلان عبر المشاهير في عالم التواصل الاجتماعي.

ويعتقد سعيد البوسعيدي مدير إدارة التواصل المؤسسي بمجلس الصحة لدول مجلس التعاون أن التسويق عبر المؤثرين في السلطنة في نمو مستمر وتحسن، فقد مرت التجربة في السلطنة مثلها مثل باقي الدول القريبة بعدة مراحل من التطور والنمو ولكن بوتيرة أبطئ نسبيًا وذلك لدواعي مجتمعية واقتصادية، وهنالك عدد من الجهات بدأت تعمل بشكل منظم أكثر واستراتيجي مع تحليل منطقي وقياس أثر دقيق للتعامل مع المؤثرين.

سعيد البوسعيدي.jpg
 

 

استثمارات ضخمة

وحسب التقارير العالمية، من المتوقع أن تصل قيمة الاستثمار على المؤثرين في العالم خلال عام 2022 إلى 16.4 مليار دولار أمريكي، وقد تم صرف مبلغ ما يزيد عن 491 مليون دولار أمريكي خلال النصف الأول من عام 2022 في المملكة العربية السعودية فقط، (وفق ما نقله تقرير مقدم من منصة ديفلو).

ويقول أحمد الشبلي صانع محتوى إنَّ التسويق عبر المؤثرين والمشاهير في السلطنة لا نستطيع أن نُطلق عليه ناجح أو غير ناجح، لأنَّ حاليا لا يوجد لدينا معايير وأرقام معينة تقيس هذا النجاح، ولكن نستطيع القول بأن التجربة موجودة في السلطنة وهناك إقبال جيد عليها من قبل الشركات والمؤسسات وأصحاب الأعمال والمشاريع للإعلان والترويج عبر المؤثرين وهناك نشاط جيد لهم عبر المشاريع التي تستهدف الأفراد بشكل كبير.

أحمد الشبلي.jpg
 

ولم يعد المؤثرون مُجرّد مُؤثرين أو مشاهير عبر وسائل التواصل الاجتماعي فحسب؛ بل إن تأثيرهم في العمليّة التسويقيّة واضح جدًا، خاصة في ظل ارتفاع نسبة المشاريع الجديدة يومًا تلو الآخر.

خطط التسويق

ويقول جهاد مصطفى- مُتخصص في التسويق الرقمي والحملات الإعلانيّة- إنه عند إعداد الخطط التسويقيّة نُخصص نسبة تتراوح ما بين 15- 25 في المائة من الميزانية للمؤثرين، نظرًا لتأثيرهم القوي في السوق، وتأثيرهم على المُتابعين في تعزيز العلامات التجاريّة، أو إحداث فارق في نسبة المبيعات. ويلفت إلى أن من الضروري نختار المؤثر الحقيقي لا المشهور، فلا يهم عدد المتابعين ومدى شهرة الشخص بقدر تأثيره في وسائل التواصل الاجتماعي.

جهاد مصطفى.jpg
 

وأصبح الإعلان عبر المؤثرين يساهم في التعريف على المنتج أو المؤسسة أو العلامة التجارية ويبقى الدور الأكبر للثبات هو "الميزة التنافسية" متمثلة في جودة المنتج بالسعر وآلية تقديم المنتج.

ويذكر شاكر بن غمتيل مؤسس "هاش تاق عُمان" أن سلطنة عُمان إلى الآن لم تضع إعلانا مرخصا ولا يوجد طلب ترخيص للإعلانات عبر المؤثرين، والأسعار تتراوح ما بين 200 ريال إلى 1000 ريال عُماني.

شاكر بن غمتيل.jpg
 

بينما يوضح الدكتور خالد الخوالدي مدير دائرة الإعلام والعلاقات العامة ببلدية صحار أن أي عمل لا يكون له نظام يؤطره وقانون يوجه بوصلته فهو عمل مصيره الفوضى وسيعتريه الخطأ المتكرر والظلم في بعض جوانبه؛ داعيًا أولا إلى ضرورة وضع قانون ينظم العلاقة بين صاحب الإعلان والمعلن له ووجود صفة قانونية للطرفين وترخيص بلدي يمكن الرجوع إليه. ويضيف الخوالدي أن السلطنة لم تضع قانونًا ينظم عمل المؤثرين في وسائل التواصل الاجتماعي، مؤكداً أنه لابد من وضع تشريعات تنظم عملهم وعدم الاعتماد على قانون المواقع الإلكترونية الذي يحدد أعمالا أخرى.

خالد الخوالدي.jpg
 

الترخيص مطلوب

فيما يرى إسحاق بن هلال الشرياني الرئيس التنفيذي لأكاديمية "إغناء" أن الإعلان  يحتاج إلى ترخيص فهو ينظم العملية التسويقية ويحد من الغرر والغش والتضليل، والسعر المحدد يعتمد على المنتج والمعلن والمؤثر حسب عدد متابعيه وعدد الوسائل المستخدمة، وهناك أسعار وضعتها عدد من الدول ممكن الاستفادة من خبراتهم في هذا المجال من بينها السعودية منعت مشاهير السوشيال ميديا من الإعلان والترويج دون ترخيص، وحددت الإعلان بـ 1500 ريال عُماني.

إسحاق الشرياني.jpg
 

وبدأت العلامات التجارية في استخدام أساليب التسويق المؤثر لتحقيق أهداف متعددة للوعي بالعلامة التجارية، وزيادة المبيعات والترويج من خلال مشاركة محتوى الشركة أو إنتاج برامج خاصة بهم من خلال صفحاتهم، وبعضهم يشترك مع المؤثرين لتمثيل العلامة التجارية.

وتقول سبأ البوسعيدية مدير أول شؤون الشركة بـ"عمانتل" إن كثيرًا من العلامات التجارية تتجه للمؤثرين ذوي الأعداد الكبيرة من المتابعين، ويكون العائد ضئيلا، ويرجع ذلك لاختيار أشخاص قد لا يتوافقون مع اهتمامات المؤسسة أو العلامة التجارية، مشيرة إلى أن هناك عوامل يجب على العلامات التجارية النظر إليها عند التعاقد مع المؤثرين وهي تحديد نوعية المحتوى المطروح عبر حساباتهم، وأهمية معرفة عمر متابعي هذه الصفحات لتحديد الفئات المستهدفة.

سبأ البوسعيدية.jpg
 

ويشير سعيد البوسعيدي إلى أن أغلب الشركات التي تعمل بشكل منظم واستراتيجي في اختيار المؤثرين وطريقة قياس العائد من الاستثمار لهم، استطاعت الوصول لشرائحها المستهدفة وتحقيق الأهداف.

 

ويقول البوسعيدي: "نجد بعضا من العلامات التجارية وخاصة الشركات الصغيرة التي تشكو قلة العائد من الاستثمار مع المؤثرين، وهذا ليس خطأ المؤثر فقط، ولكن في الأصل خطأ العلامة التجارية التي تقوم بإدارة أو التعامل مع هذه الأداة التسويقية".

استقطاب الجماهير

ويقول الدكتور سيف الدين العوض عميد كلية الإعلام بجامعة أم درمان الإسلامية بالسودان إنَّ الإعلان أصبح رائجًا عبر هؤلاء المؤثرين، وقد صارت كثير من العلامات التجارية تتوق إلى التواصل مع الزبائن من خلال المؤثرين أكثر من وسائل الإعلام التقليدية، ومن ثم صار الإنفاق على هذا النوع من الإعلان يحظى بميزانيات ضخمة مقارنة بما سبق.

د. سيف الدين العوض.jpg
 

ويذكر جهاد مصطفى أن العلامة التجارية استطاعت الوصول إلى الشرائح المستهدفة من خلال هؤلاء المشاهير، وذلك حينما نُخصص إعلانات لتعزيز ولاء العلامات التجارية، أو تحقيق زيارات، أو رفع نسبة المبيعات؛ فإن للمؤثرين دور حقيقي وواضح في تحقيق هذه الأهداف، ولا يمكن أن تتخلى عنهم العلامات التجارية التي تحرص في خططها على تنويع الأهداف التسويقية، لا أن تهتم فقط بتحقيق المبيعات.

وهنا يرى إسحاق الشرياني أن المشاهير "المؤثرين" سببوا كثيرًا من الضعف للمؤسسات الإعلامية والتي هي بالأصل قائمة على الصحف والمجلات.

وحول التنافس الحقيقي بين المؤثرين والمنصات الإعلانية، يرى جهاد مصطفى أن العلاقة تكاملية أكثر من كونها تنافسية؛ لأنه يُمكننا كمسوقين أن نستفيد من مقاطع الفيديو التي يروجها المؤثرون لعلامتنا التجارية في حملات إعادة الاستهداف، بالتالي هنا العلاقة تكاملية أكثر.

فيما يوضح شاكر بن غمتيل أنه عند تطبيق استراتيجية للتسويق والإعلام يتعين على المؤسسات تفعيل قنواتها الإعلامية بما يتناسب مع حملاتها والتسويق عبرها من أجل تقوية المحتوى الإبداعي، وتفعيل حساباتها لجلب المزيد من المتابعة للتأثير على خوارزميات منصات التواصل للوصول إلى شريحة أكبر من الجمهور.

قانونية التسويق عبر المؤثرين

ويوضح الدكتور خالد الخوالدي أنه لا يوجد قانون خاص بالتسويق لهؤلاء المؤثرين ولم تفرض أي ضرائب عليهم وعلى المشرع الانتباه إلى هذا الأمر ودراسته دراسة دقيقة لمعرفة ما للمؤثر في مواقع التواصل الاجتماعي وما عليه.

كما يقول أحمد الشبلي إنه إلى الآن لا يوجد قانون ينطبق على عمل الإعلانات من قبل المؤثرين، لكن ينبغي على المعلن قبل القيام بإعلان التأكد من وجود التراخيص اللازمة من حماية المستهلك ووزارة التجارة ترخص لهذا التاجر للقيام بالتخفيضات.

ويذكر الدكتور سيف الدين العوض أنه حتى الآن لا يوجد قانون محدد، ولكن ربما يُعمل بقانون جرائم المعلوماتية في بعض الحالات، مثل إذا قدم المؤثر معلومات مضللة أو كاذبة أو شائعات، لافتاً إلى أن قوانين الإعلام الجديد لم تُقَر بعد، إلا في عدد قليل من الدول مثل مصر والسعودية وفرنسا. ويطالب العوض الدول العربية بالإسراع في إقرار قانون الإعلام الجديد، لأنه لا شك سينظم الإعلام الجديد ويعطي كل ذي حق حقه. ويضيف أنه لا تُفرض حاليًا ضرائب على المؤثرين، ولكن في ظل زيادة أرباح المؤثرين حتمًا ستنتبه الحكومات إلى هذه الدخول الفائقة الأرباح وربما ستفرض قوانين تنظم هذا الأمر في القريب العاجل، ولكن يبقى على المؤثرين التصدق من أموالهم والقيام بمسؤولياتهم الاجتماعية، إلى حين فرض الضرائب عليهم من الحكومات مُستقبلًا.

نصائح وتحذيرات

وينصح جهاد مصطفى دائمًا بالتخصص في مجال واحد ويكون واضحا ودقيقا، لأننا يهمنا كمسوقين بالدرجة الأولى وأن يكشف المؤثر عن إحصائيات حسابه للشركات التي تنوي التعاقد معه، مثلًا: أماكن تواجد جمهوره، والمواقع الجغرافية، والسن، والاهتمامات، وأفضل أوقات للنشر، مؤكدًا أن هذا سيُعزز الثقة المتبادلة بينه وبين العلامات التجارية.

فيما يضيف الشرياني أن على المؤثرين أن يتمسكوا بتخصصاتهم ولا ينجروا لمجالات لا تمت لهم أكاديميًا أو علميًا بشيء حتى لا يفقدوا مصداقيتهم، موجهًا النصح إلى مشاهير السوشيال ميديا بألا يجعلوا المال نصب أعينهم دائمًا وبعدم التدليس والتغرير بالجمهور لدواعي تحقيق الأرباح واكتساب الشهرة.

ويوجه شاكر بن غمتيل  المشاهير بالمصداقية في الإعلان وفهم المنتج، وأيضًا الاطلاع على نشاط المؤسسة التي ترغب في الإعلان معهم؛ فالكثير من المشاهير يقعون في مساءلات قانونية حيال شركات استثمارية وهمية أو عقاقير أو مواد تجميل غير مرخصة.

أما سبأ البوسعيدية فترى أن النصيحة الأولى التي يجب توجيهها للمؤثرين،هي التحلي بالمصداقية، لافتة إلى أن المسؤولية تقع على الطرفين (المؤثر والجمهور) لتقديم كل ما هو جيد وذي جودة للمتلقي، لكن مسؤولية المؤثرين أكبر؛ حيث يجب ألا يعلنوا عن منتجات وخدمات إلا لتلك التي تحظى بجودة عالية أولًا، والمُرخّصة من كل الجهات الرسمية، وأن تكون المنتجات والخدمات مفيدة للمتلقي وألا تأتي بأي ضرر عليه.

تعليق عبر الفيس بوك