رحيل إليزابيث

 

 

مسلم بن سهيل العمري

@alamri_musalam

 

 

رحلت الملكة إليزابيث الثانية، ملكة الأناقة والحكمة، تاركة إرثًا تاريخيًا شكلته طيلة فترة حياتها والتي شارفت قرنًا من الزمن.

ستة وتسعون عامًا، منها 70 عامًا على عرش بريطانيا العظمى، والتي ألحقت بها ممالك ودولًا حول العالم ولُقّبت في وقت ما بـ"الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس". لكن شمس هذه الإمبراطورية أفلت مع نهاية القرن العشرين، بعد أن حصلت دولٌ عدة على استقلالها، ورغم ذلك بقيت العديد من المستعمرات السابقة تحت التأثير والنفوذ البريطاني.

وعاصرت الملكة إليزابيث العديد من الأحداث العالمية، خصوصًا حركات التحرر في منتصف القرن الماضي. ربما استطاعت الملكة أن تحافظ على أهمية بريطانيا ودورها العالمي، من خلال العمل الدؤوب، وزياراتها وحنكتها؛ حيث يقول بعض المحليين، إنها تتمتع بدهاء سياسي يُرافق صمتها البروتوكولي.

لقد مرَّ على حكمها 16 من رؤساء وزراء بريطانيا، أولهم ونستون تشرشل وآخرهم قبل يوم من رحيلها ليز تراس؛ لتحظى الأخيرة بسطر في موسوعة ملوك العالم.

وحرصت الملكة وأفنت عمرها في خدمة بريطانيا وشعوب دول الكومنولث وكسبت قلوب البريطانيين. وواجهت العديد من المواقف الصعبة في حياتها العائلية، ربما تمكنت من إظهار صمودها أمام محبيها؛ وأبرز تلك الأحداث طلاق ولي العهد، وحادثة الأميرة ديانا، وانتهاءً بالأمير هاري ولقاءاته الصحفية.

ولعل أكثر ما يميز قوتها وصلابتها، أنه لم تكن هناك انتقادات حادة لها خلال فترات حكمها والتي تعد أطول فترة حكم في تاريخ بريطانيا، وثاني فترة حكم في أوروبا بعد لويس الرابع عشر.

انتشر خبر وفاة الملكة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، قبل نشرات الأخبار، وأصبح العالم يبحث صورة أو جزءًا من تاريخ محفوظ ومحفور في سطور الزمن.

رحلت الملكة لينصَّب تشارلز الثالث ملكًا لعرش بريطانيا، بعد أن كان وليًا للعهد وهو في الثالثة من عمره، وكان مُرافقًا لها طيلة حكمها، وربما نهل من خبراتها الكثير، رغم اهتماماته البيئية والخيرية.

لقد كان ظلها الذي لا يختفي عنها، حين ظهورها في جل المناسبات، وبدت عليه ملامح التأثر والحزن بعد خطابه الأول لرحيلها، ولكنه بدا متماسكا للحفاظ على تاج بريطانيا.

ولعله أبدى الاستعداد الكامل للمضي قدماً على نفس النهج. ويبدو أنه يتمتع بشعبية كبيرة خصوصا عند مصافحته للجمهور والحشود في قصر بكنجهام.

لم تمت الملكة من ذاكرة العالم، وصفحات التاريخ؛ لتبقى هذه الصفحات محل تنقيب لمن يبحث عن حقائق ومعرفة المزيد من التفاصيل.

تعليق عبر الفيس بوك