صراع الذكاء الطبيعي والذكاء الاصطناعي

 

علي بن مسعود المعشني

ali95312606@gmail.com

الصراع هو حالة سببها تعارض حقيقي أو متخيل للاحتياجات والقيم والمصالح، ويمكن أن يكون الصراع داخليًا (في الشخص نفسه) أو خارجيًا (بين اثنين أو أكثر من الأفراد).

ويساعد الصراع- كمفهوم- على تفسير الكثير من جوانب الحياة الاجتماعية، مثل الاختلاف الاجتماعي وتعارض المصالح والحروب بين الأفراد والجماعات أو المنظمات. ومن الناحية السياسية يمكن أن يشير الصراع إلى الحروب أو الثورات أو النضالات، والتي قد تنطوي على استعمال القوة، كما هو الحال في الصراع المسلح. والصراعات في بيئات اجتماعية يمكن أن تؤدي إلى التوترات عند عدم وجود حل سليم لها أو ترتيب للتعامل معها. وقد يصل الصراع إلى العنف، لكن، كما يقول غراهام إيفانز وجيفري نوينهام، قد يكون له وظائف إيجابية؛ فهو يعمل بشكل خاص على تعزيز التلاحم بين الجماعات ويقوي مركز الزعامات.

والتعريف الشائع للصراع كما ورد في "ويكيبيديا": «عندما يتصور طرفان أو أكثر تعارض الأهداف ويسعيان إلى إضعاف قدرات الآخر للوصول للهدف».

والصراع عادة- وكما هو معرف ومعلوم- يكون بين أفراد أو جماعات وينتهي بزوال أحد الأطراف زوالًا ماديًا أو معنويًا، وبالتالي يُعد من المقبول والمألوف أن يُشكل الصراع ديدن حياة وأداة لازبة لها.

الجديد اليوم هو أن يبتكر الانسان صراعًا بنفسه يُلغي خاصية عظيمة وفضيلة كبرى بداخله مثل: الذكاء الطبيعي ويرتقي بعلم من علوم الكمبيوتر يُسمى الذكاء الاصطناعي، هذا الذكاء المرشح للارتقاء إلى مراتب تُلغي الحاجة للإنسان في حقول العمل والإنتاج وصولًا إلى حقول المعرفة من منطق واستنتاج وتحليل.. إلخ.

البعض ومن باب الانبهار والتسليم بقضاء العلوم وقدرها، لم يعد يفكر- حتى مجرد التفكير- في آثار بعض العلوم والابتكارات الحديثة والتي نسمع بها كل يوم، بينما البعض الآخر يعتبر أن تلك العلوم ضرورة وتحصيل حاصل للتطور العلمي، وأن عليه الانحناء والتسليم بها ولها. بينما يرى البعض- وهم قلة- أن غاية العلم خدمة الإنسان وتقديم الخيرية والنفع له. ومن هنا فهو يعتقد بناءً على هذه القاعدة أنه ليست جميع العلوم والابتكارات ضرورية للإنسان أو على أقل تقدير ليست ضرورية لجميع الأفراد والمجتمعات.

الذكاء الاصطناعي- في تقديري- سيوفر على الإنسان الكثير من الوقت والجهد والمال كذلك، وفي المقابل سيُلغي الكثير من الأعمال والوظائف التي يقوم بها الإنسان حول العالم.

والدول التي ارتقت بالعلوم الحديثة- كالغرب مثلًا- ستحقق الفوائد المرجوة من الذكاء الاصطناعي؛ لأنه أتى نتيجة حاجة لهم وطور من العلوم وأبحاثها المستمرة، بينما شعوب جنوب الكرة الأرضية ستدفع الثمن باهظًا؛ كونها لا تنتج المعارف والعلوم التقنية أولًا، ولا تمتلك مهارات السيطرة عليها ولا تطويرها وتوطينها.

فالمزيد من الانغماس في التقنية وعلومها المختلفة فيما يُعرف بشعوب العالم الثالث أو جنوب الكرة الأرضية يعني الانتحار البطئ وإحلال الآلة قسرًا بدل العنصر البشري، وهذا يعني المزيد من البطالة والمزيد من أدوات الاستعمار التقني.

إن مواكبة العصر- في تقديري- لا تكون بالانجرار الأعمى خلف كل جديد، وإن تسبب لنا بالكثير من المشاكل العضوية الحادة والتي قد تتعاظم لتشكل مهددات حقيقية للدول والشعوب.

ما نطالب به في هذه المقالة المختصرة ونتمنى إدراكه هو أهمية الاهتمام بترقية الذكاء الطبيعي لأبنائنا أولًا، وصولًا إلى ترسيخ ثقافة التعامل مع التقنية بشيء من التفاؤل الحذر، وألا نُلغي عقول أبنائنا بذريعة طغيان ظاهرة الذكاء الاصطناعي فنخسر العقل والنقل والاجتهاد معًا.

قبل اللقاء.. كل منظومة علمية أو قيمية يجب أن تؤطرها الأخلاق أولًا وآخرًا، كي تصبح ذات قيمة انسانية.

وبالشكر تدوم النعم..