في أمس الحاجة لها

 

 

أحمد بن موسى البلوشي

Falaj99@hotmail.com

يتميّز هذا العصر بوجود الكثير من المعارف الحياتية، فجميع المعلومات والمهارات التي نحصل عليها من خلال حياتنا اليومية، والأشخاص والمواقف، ما هي إلا معارف تُخزن في عقولنا، حتى ما نتعلمه في المدارس والجامعات يُعتبر معرفة، وكذلك ما نقرأه من كتب ومراجع، وما نتعلمه من المجتمع والأسرة هو كذلك معرفة، معنى هذا أننا نخزن المعرفة باستمرار في أدمغتنا من خلال مواقف الحياة المختلفة؛ لذلك يُعرف قاموس أكسفورد المعرفة بأنها: "مجموعة المهارات والخبرات التي يكتسبها الشخص من خلال التعلم أو التجربة أو القراءة أو المناقشة"، هل سألت نفسك: لماذا نحتاج للمعرفة؟ هل من الضروري أن تكون لدى شباب هذا الجيل هذه المعرفة؟ أعتقد أنَّ الجميع يشاطرني الإجابة وهي نعم، وتظهر أهمية هذه المعارف في كونها تُساعد الكثيرين من شباب هذا الجيل على التفاعل مع المجتمع الذي يحيط بهم دون خوف وتردد، وكل إنسان لديه هذه المعرفة قادر على قيادة الآخرين والتصرف في الكثير من المواقف، ويجب أن نعي شيئًا مهماً بأن هذه المعرفة الحياتية لا تأتي من فراغ، فهي تعتمد على جزء كبير من الخبرات لدينا وكيف نستطيع نقل هذه الخبرة لأبناء هذا الجيل؛ وذلك للتعلم والعبرة والعظة وتقديم إضافة إلى رصيدهم المعرفي، والأهم من ذلك الاستفادة منها والتي تظهر على الفرد من خلال تصرفاته وأفعاله وأقواله في المواقف المختلفة، والتي تساعده على التعامل مع هذه المواقف بإيجابية.

ما نشاهده ونتابعه من بعض الخلافات بين شباب هذا الجيل في مواقع التواصل الاجتماعي حول قضية ما، وفي حلقات النقاش العامة بالمجتمع، وطريقة تفاعلهم وتعاملهم مع الآخرين دليل على أنَّ البعض من شباب هذا الجيل يفتقر لسمات المعرفة الحياتية، يقول شكسبير: "نحن بحاجة إلى الخلاف أحيانًا لمعرفة ما يخفيه الآخرون في قلوبهم؛ قد تجد ما يجعلك في ذهول، وقد تجد ما تنحني له احتراما"؛ فالمعرفة ليست مرتبطة بمقدار ما تعلمت في المدارس والجامعات، ولا بنوع الشهادة التي تمتلكها، في الواقع أنت تتعلم في المدرسة كيف تكتب وتقرأ وتحسب، ولكن لا تتعلم بصورة كبيرة كيف تتعامل مع الآخرين، وكيف تُدير وقتك، وكيف تناقش، وكيف تطرح رأيك، وكيف تتصرف في الكثير من المواقف؛ فالمعرفة خليط من كل ما تتعلمه من هذه الحياة: القراءة والاطلاع من مصادر المعرفة، الانسجام مع المجتمع والتفاعل معه مصدر لهذه المعرفة، خوض الكثير من التجارب والتحديات تعتبر معرفة، أما أن تكون جالسًا بين أربعة جدر وتتفاعل مع أشخاص محددين، ويوفر لك والداك كل ما تريد، كن على ثقة بأنك تفتقر لمهارات مهمة ستحتاجها في المستقبل للتعامل مع المجتمع. وربما يأتي شخص ويقول لك ليس من الضروري أن تكون هذه المهارات متوفرة مع الشباب، ونقول بأن الإنسان بطبعه كائن اجتماعي، يكتسب منهم ويكتسبون منه، فهو لا يستطيع أن يعيش بمعزل عن الآخرين والتفاعل معهم؛ لذلك فهو في أمس الحاجة لهذه المهارات لكي يتواصل ويتعامل معهم، ومن خلال هذا التعايش وتبادل الثقافات والخبرات تتكون شخصية الفرد وتتولد لديه هذه المهارات.

يتضح لنا من خلال الكثير من المواقف بأن المهارات الحياتية تعتبر حاجة ضرورية لشباب هذا الجيل؛ فهي تساعدهم في التفاعل مع الآخرين بشكل فعال، ويكونون واثقين من ذاتهم، متوافقين مع مجتمعهم، يستطيعون من خلالها إيجاد حلول للكثير من التحديات التي يواجهونها، ويتعاملون معها بإيجابية.

تعليق عبر الفيس بوك