ممكنات اقتصادية

أحمد بن خلفان بن عامر البدوّي *

الخدمات الإلكترونية للأعمال التجارية

تختلف الإستراتيجيات الرامية لفكرة تكريس السياسة التنموية والاقتصادية والتي تهدف لبناء الدولة الحديثة من حيث فهم مصطلح الاستدامة، وكذلك قيادة مسارات لقيادة الخطط التنفيذية المقترنة بالمؤشرات الميدانية وصنع المنافسة؛ وذلك أسوة بالدول المُتقدمة إقليميًّا ودوليًّا؛ باعتبار أنَّ هذا مسعى وُضعت وحُددت له معايير لبناء مستقبل استشرافي يهدف إلى الاستدامة؛ حيث أصبحت أغلب الإستراتيجيات -لا سيما التي تأتي ضمن السياسة التنموية الاقتصادية- مرتكزا رئيسيا يُعتمد عليه في بناء الدولة الحديثة مع إضفاء محركات التكنولوجيا والتقنيات، وتضاعف هذا التوجه بشكل متسارع خلال العقدين الماضيين بالمنطقة والإقليم، كما أصبحت التوجهات الحديثة لتنمية القطاعات التنموية والاقتصادية تتبناها غالبية الدول وفي جميع الأحوال يأتي ذلك وفق إستراتيجياتها المعلنة، وتكون مقترنة بتوجهات إستراتيجية راسمة الأهداف والتطلعات التي من شأنها أن تُسهم في بناء المستهدفات الوطنية لتحقيق رؤيتها المستقبلية؛ فلو نظرنا لواقع الساحة التنموية بالمنطقة والإقليم وكيفية بناء فكرة الإستراتيجيات ضمن الإطار الخليجي، لوجدنا أنَّ دول مجلس التعاون الخليجي قدمت نماذج ناجحة جاءت بنسب متفاوتة من خلال استطلاعنا لعددٍ من المؤشرات الصادرة عن المنظمات الدولية، والتي باتت فعلياً ينظر إليها الساسة بالدول المتقدمة والخبراء الاقتصاديون منذ تطبيق الرؤى، لا سيما وأن تنفيذها يُلامس أهداف التنمية المستدامة المُقرة ضمن برنامج الأمم المتحدة.

من هنا، نتحدث عن تجربة السلطنة في "رؤية 2020" باعتبارها نموذجاً سابقاً عملت بمقتضاه مطلع الألفية الجديدة التي لامست العديد من الأهداف، تلاها بناء وإطلاق رؤية عُمان 2040، حيث إنَّ الخطط التنفيذية لرؤية عُمان 2040 مقترنة بالخطط الخمسية التي دخلت حيز التنفيذ بها بدءًا من الخطة الخمسية التنموية العاشرة، لا سيما وأنها جاءت بتوافق كبير جسدته الأولويات التي بُنيت عليها من مبدأ الشراكة المجتمعية لمواكبة برامج تنموية تكون أكثر إحكاماً وربطها ببرامج اقتصادية ذات أهمية بتطلعات المجتمع وسيادة للدولة، وأيضًا بناء شراكات إقليمية ودولية العائد منها تمكين الصناعات في القطاعات الاقتصادية الواعدة، ونخص بالذكر الموارد والمقومات الطبيعية لتكون مستدامة للأجيال القادمة وبالتالي تلامس مكانتها الأسواق العالمية، ونستقرئ من توجهات السياسة الاقتصادية أنها حددت أهدافاً إستراتيجية ركز الغالب منها على التنمية الاقتصادية في شتى القطاعات الحيوية واستغلال الموارد والمقومات الطبيعية والمكانة اللوجستية داخلياً وخارجياً؛ باعتبارها أحد العوامل المهمة لجذب ودعم برامج التنويع الاقتصادي وذات أثر مباشر في الاستدامة.

ونُدرك هنا جميعًا أنَّ إعداد الهدف الإستراتيجي ما يراد به إلا تحقيق الأولوية الوطنية وتأمين فكرة البناء والتأسيس وإحاطته بركن التخطيط الهادف، وبطبيعة الحال لا يقبل التجزئة مهما كان التبرير سلفاً ولاحقاً لا من المعنيين وقتها أو جهات التكليف المباشرة بالتنفيذ، والوضع في الاعتبار نظرة ثاقبة تلامس طموحات منطلقات الشراكة المجتمعية، فلو بُنيت فكرة التأسيس لأي هدف إستراتيجي تتصدرها مقولة التخطيط يحتاج إلى عقول متنوعة والتنفيذ يحتاج إلى عقول متجانسة، فكيف سيكون التقييم من وجهة نظركم؟

ومن منطلق الأولويات الوطنية التي انبثقت من رؤية عمان 2040، نسلط الضوء على أولوية وطنية جسدتها القيادة والإدارة الاقتصادية وحددها توجه إستراتيجي احتضن بمحتواه التنفيذي بناء قيادة اقتصادية ديناميكية بكفاءات مُتجددة تعمل في إطار مؤسسي متكامل، من أجل الوصول للأهداف المُعلنة والتي من بينها ليس على سبيل الحصر قيادة اقتصادية فعَّالة بصلاحيات ملزمة ذات مهام واضحة وسريعة الاستجابة للاحتياجات التنموية وفقاً لمؤشرات أداء محددة، وهنا نطرح تساؤلا: هل ما زالت مؤسساتنا المعنية بالسياسة الاقتصادية بحاجة لمراجعة مسارات ومنهجيات الخدمات الإلكترونية والتي قد لا تتوافق أو تتلاءم مع المرحلة المقبلة، باعتبارها من الممكنات الاقتصادية؟ حتمية الإجابة سوف نجمع بأهمية ذلك لأنه بطبيعة الحال وبواقع المتغيرات الاقتصادية على الساحتين الإقليمية والدولية، تحكم علينا أن تكون السياسات الاقتصادية أكثر شفافية لضمان النجاح؛ فعندما نرسم توجهاً يتمثل في جسد القيادة والإدارة الاقتصادية والذي نراه من وجهة نظرنا أنه أحد أهم الممكنات الاقتصادية -نظام المحطة الواحدة- الذي لا يزال يحقق إسهاما في بناء العلاقة منذ أن تمَّ العمل به العام 2004 كونه بدأ كنظام تفاعلي حضوري حدد إجراءات وكيفية التعامل في إنجاز المعاملات التجارية، وهذا ما يدفعنا مستقبلا إلى فكرة ترسيخ الاقتصاد الرقمي والمعرفي بين المتعاملين بواسطة التكنولوجيا من خلال التوجه باستكمال الربط الحكومي الذي بدأ ولله الحمد انطلاقه عام 2014م، حيث نراه من وجهة نظرنا أيضاً سيُسهم في تطوير العديد من المسارات التي تلامس إرضاء المتعاملين من المستثمرين في بيئتي الأعمال والاستثمار، ويؤمن لهم الحراك الاقتصادي بشكل يضمن الريادة والاستدامة الاقتصادية لهم.

وبلا شك أن الساحة الاقتصادية الإقليمية بل والدولية هي من تفرض نفسها على تهيئة كافة المفاصل الاقتصادية، والتوجه نحو العمل بالاقتصاد المعرفي والرقمي، وتجسيد ذلك ضمن كيان إلكتروني استشرافي واحد يكون أكثر فاعلية وتفاعلية، هدفه التمكين الاقتصادي؛ باعتباره نقطة تحول ترسم منطلقاته ترسيخ مبدأ الشفافية بين محركين رئيسيين يُسهمان في وقائع النمو الاقتصادي يُمثلانه المستثمر الطموح والاستشراف الحكومي، ونتفق وبدون شك على أن بناء الشراكة المجتمعية وتعظيمها تعتبر نقطة انطلاقة تُجسدها جاهزية الممكن الاقتصادي في الخدمات الإلكترونية، وبدوره يلامس المتعاملين والتطورات الإيجابية والقراءة للنمو الاقتصادي للإحصائيات التي توفرها البيانات الرسمية؛ لذا آن الأوان على الجهات المباشرة والمعنية بالمفاصل الاقتصادية سرعة مواءمة تطوير أنظمتها لتكون أكثر ديناميكية واستخدام البيانات المفتوحة كأداة في جذب واختيار قطاعات الاستثمار، حيث إنَّ ذلك يُسهم في زيادة التوطين الاستثماري والتنافسي المبني على مصطلح الاستدامة؛ وبالتالي تأمين احتياجات سوق العمل ومواءمة ذلك مع التطلعات لمؤشرات الأداء المستهدف لعامي 2030 و2040.

ولمزيد من الحديث في هذا الممكن الاقتصادي، سيأتي مقالنا القادم.

* خبير اقتصادي

تعليق عبر الفيس بوك