د. أحمد العمري
من الذي يلبس الدشداشة العُمانية في العالم غيرنا؟ ومن الذي يتمصَّر بالمصر العُماني غيرنا؟ ومن الذي يلبس الخنجر العماني غيرنا؟ ومن الذي يتوشَّح بالسيف العماني غيرنا؟ إنها موروثات تركها لنا الأجداد والآباء ونحن نعتز بها ونفتخر بل ونتباهى بها.
من مثلك يا سلطنة عُمان، سلطنة وسلطان؟!! ومن مثلك شعب مُتعاضد مُتَّحد مُتفق متآخٍ مُترابط متضامن متعايش، متجانس متفاهم متآلف متوافق متحاب.
إنَّ الأعاصير والمنخفضات التي حدثت في سلطنة عمان أثبتت بما لا يدع مجالا للشك تلاحم وتعاضد هذا الشعب العماني العظيم. فعندما حدثت في مسقط كنَّا كلنا مسقطيين، وهكذا لما تحدث في مسندم فنحن مسندميون ولما تكون في الباطنة نضحى كلنا باطنيين، وفي الداخلية نكون جميعا داخليين، وكذلك في الظاهرة والبريمي والشرقية والوسطى وظفار.
يالها من ملاحم وطنية خالدة تعتز بها النفوس وتقشعر لها الأبدان.
الحمدلله.. إنها نعمة خصَّ الله بها شعب سلطنة عُمان وتتمنى كثير من الشعوب والمجتمعات أن تكون مثلنا؛ لأننا ننبض بنبض واحد ونتنفس بروح واحدة منذ مازن بن غضوبة وصولًا للإمام الموحد أحمد بن سعيد، حتى النهضة الحديثة التي قادها المغفور له بإذن الله تعالى جلالة السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه، وها نحن في عهد النهضة الهيثمية المتجددة التي أكدت على الثوابت والإرث التاريخي وانتهجت العمل المؤسسي الواقعي والمنطقي.
إنَّنا في سلطنة عمان ماضون إلى عصر التقدم والتطور، لكن بقاعدة الأعراف والتقاليد والثوابت، التي لا نتزحزح عنها قَيْد أُنملة من العادات والهوية الوطنية الراسخة في اللهجة والفنون والآداب والأعراف وحتى في الأكل.
لأجل هذا بَقِينا على مسافة واحدة من كل شعوب العالم لأنَّنا احترمنا أنفسنا أولا، واحترمنا الآخرين بقدر احترامنا لأنفسنا، ولم نتدخل في الشؤون الداخلية للغير، ولن نسمح للغير بالتدخل في شؤوننا، وهذا نهج ثابت ماضون عليه إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
وهنا أتذكر موقف سلطنة عُمان عندما وقَّعت جمهورية مصر العربية الشقيقة الكبرى اتفاقية السلام، وقد ثارت الدنيا حينها، وتم نقل الجامعة العربية إلى الشقيقة تونس. لننظر ماذا حدث بعد ذلك ألم تُطبِّع بعض من هذه الدول التي كانت ترى ذلك خطأ فادحًا وغير مقبول.
بينما بقيت سلطنة عُمان على نفس وضعها ومبدأها الحيادي لأن المبادئ لا تتغير والثوابت لا تتزعزع، ولكن المصالح تتبدل كلما دعت الحاجة والمجال هنا ليس لسرد هذه المواقف التاريخية، ولكن للمرور، فلنمر بالحرب العراقية-الإيرانية، ثم احتلال الشقيقة العزيزة الكويت، ثم غزو العراق، وأخيرًا حرب اليمن والعبرة هنا بالموقف العماني الثابت الراسخ الماضي على النهج والمبدأ.
فالحمدلله أننا عُمانيون وخلقنا كعُمانيين.
... إنَّ نعمة الأمن والأمان لا يحس بها إلا من افتقدها، وكثير من أمم وشعوب العالم تفتقدها فعلا، لكننا ولله الحمد والمنة ننعم بها، آمنين مطمئنين في عيش رغد واستقرار أمني وسياسي منقطع النظير.
حَفِظ الله عُمان وسلطانها وشعبها وكل مُقيم على أرضها الطيبة الآمنة المستقرة.