عُمان.. في عينيِّ الهيثم

سعيدة بنت أحمد البرعمية

◄ تبوح الصورة بوحا يُطمئِن القلوب بأنَّ "عُمان في عيني الهيثم".. فلا مسافة ولا حدود تفصله عنها وإن كان في أقصى بقاع الأرض

 

تناولتْ وسائل التواصل الاجتماعي صورةً رائعةً للسلطان هيثم بن طارق -حفظه الله ورعاه- وهو منهمك ذهنيًّا في قراءة جريدة "عُمان"، على هيئات مُختلفة ونظرة ثابتة من الشغف بالقراءة والوطن معًا.. مَنْ ينظر للصورة نظرة عابرة يتبادر إلى ذهنه مُباشرة أنَّ جلالة السلطان -حفظه الله- يقرأ الجريدة كأيّ قارئ شغوف بالقراءة، ومُتابعة الأخبار اليومية وتتبع ما يحدث كأيّ واحد منّا. ولكن من يقف أمامها متأملا محاولا استنطاقها؛ فحتما ستغدق عليه من فيّض بوحها ما يُشعِره بالاطمئنان؛ فتبوح له الصورة بعمق الدلالة الفكرية والروحية والانتمائية، وبالحبّ والشوق للوطن.. إنَّ الصورة تبوح بوحاً جميلاً يطمئن القلب بأنّ "عُمان في عينيّ الهيثم"؛ فلا مسافة ولا حدود تفصله عنها؛ وإن كان في أقصى بقاع الأرض، وهي في الجنوب الشرقي من شبه الجزيرة العربية.

عيناه المغروستان بوقار وانسجام في جذور الصحيفة النابعة حروفها من فكر أبناء الوطن، ليست مُجرَّد نظرات قارئ شغوف بالقراءة فحسب؛ بل يتعدَّى ذلك إلى أسمى درجات حبِّ الوطن والعناية به وتفقد أحواله، والبحث عن راحته، من خلال تقصي مصالحه والعناية بفكر وأفكار أبناء الوطن.

كثيرًا ما تستوقفني الصور وتجذب اهتمامي، فأجدني أقف طويلا أمامها، أنظر وأستمتع بطريقتي الخاصة بجمال وعمق ما يخفيه ظِلُّ الألوان، لقد رأيتُ السلطنة الغالية بجغرافيتها الممتدة وتاريخها العريق في عينيّ السلطان، وهما تسافران من المملكة المتحدّة إلى الوطن العزيز، عبر حروف جريدة "عمان"، واقعتين تحت تأثير متعة السفر بالكلمات.

وجدتُ في هذه الصورة بوحًا أسر واستباح سرقة نظري، استوجب الوقوف اهتماما وتقديرا؛ فهي تعطي الكثير من الدروس، وتبوح بالكثير من الحقائق التي قد لا يدركها الكثير من الناس، وتوجه الكثير من التوجيهات، وتبرز اهتمامات القائد الذي راهن على تخطي الصّعاب، وصنع من العقبات سلالم النجاح. 

أجزم ملء فمي بما جزمت به العرب من اللغة، أن عُمان ليست كأي بلد، ونظرة قائدها الهيثم ليست كأيِّ نظرة، وجوهر شعبها الأصيل منقطع النظير، ولهذا أجزم بأنّ صورة السلطان المتداولة مؤخرا وهو يقرأ جريدة "عمان"، ليست كأيّ صورة؛ فهي تحمل من الرمزية ما يحمل البحر في بطنه العوالم واليقين.

إنَّها عدسة مُبدع، اختصرت مسيرة عامين من العمل الدؤوب والتخطيط والتنفيذ والطموح والإصلاح، فنقرأ من خلالها أنه لا خشية على وطن في عينيّ قائد يجلس في مكان مفتوح للحياة، تحيط به الأشجار والاخضرار، لا سقف فيه سوى سقف السماء، بهيئة متواضعة بعيدا عن الرسمية وفخامة الأماكن المغلقة، ينظر منه إلى عُمان، يقرأ، يُخطط، يمدُّ أفقه بعيدا؛ ليُشيِّد وطنًا ثوابته الأرض وسقفه السماء، أدرك بنظرته الثاقبة ما يريد الوطن، وماذا يريد أبناؤه، تجاوز بذكائه وحسن إدارته تحديات المرحلة الراهنة بكلِّ ما فيها على كافّة الصُّعد، ووضع نصب عينيه ما تتطلبه المرحلة المُقبلة.

لم تكن الصورة تعني القراءة فحسب، بقدر ما هي عناية فائقة بالوطن، والحرص على مصالحه والبحث عمّا يؤرق أبناءه بالبحث بين سطور ما يكتبون، فاعتنى بفكرهم وأنصت لأطروحاتهم، وآمن بما يطمحون إليه للرقي بذواتهم من خلال السعي المتواصل لتوطيد المواطنة الكريمة.

همستْ لي الصَّحِيفة، أنها باسمها الفخم بمثابة الوطن الغالي بيد قائد ذي نظرٍ ثاقبٍ حكيم، له قدرة فائقة على تحقيق أهداف عُمان والوصول بها إلى برِّ الأمان، وهذا ما لمسناه على مدار العامين الماضيين.

على كلٍّ منِّا أنْ يُدرك عُمق وأبعاد الصورة، ويعمل من أجل تحقيقها، ويكن على يقين بأنّ أفقه الذي ينظر إليه بات على مقربة منه، فليُكّثف ثقته وليُعزز جهوده وليُشمّر عن ساعديه؛ ليمضي قدماً مؤمناً بالوصول، هُنّ خمسٌ عجاف، أصبحنا تقريباً في مُنتصفهن، سيمضي النصفُ الآخر مثلما مضى نصفه الأول، الأمر يتطلب منّا قوة فوق القوة، ونحن أقوياء نؤمن بأنّ السنوات العجاف سيطردها الخَصْب دون رجعة، بإذن الله.