112.. أَجِبْ.. حَوّلْ

سعيدة بنت أحمد البرعمية

قرأت خبرًا مؤسفًا للغاية عبر تويتر عن وفاة شخصين بصحراء الربع الخالي بالقرب من منطقة الحشمان بمحافظة ظفار، لكن الردود والتعليقات أسفل التغريدة لم تكن على ائتلاف، فهناك من يقول إنهما غير عمانيين، وهناك من ينفي الخبر ومن يؤكده، إلا أنه لفت نظري أن أحد المعلقين يقدم معلومة، بوجود رقم للطوارئ يمكن لأي شخص الاتصال به وطلب المساعدة. تذكرت وقتها أنها معلومة قد قرأتها منذ سنوات؛ لكني نسيت الرقم تمامًا، ليس لصعوبته، إنما لمجرد النسيان.

لست بصدد البحث والتقصي عن مدى صحة الخبر؛ بل إنني ءاسف إن كان الخبر صحيحًا، فبالرغم ممّا وصلنا إليه من تقدم ثقافي ومعرفي، في زمن يُفترض أن تكون فيه خدمات شركات الاتصالات تصل إلى كلّ مكان وفي متناول الجميع، نسمع بمن يفقد روحه لهذا السبب وكأننا رجعنا للخلف 100 عام!

ماذا يعني أن يفقد شخص حياته في عام 2022 في صحراء الربع الخالي وتنقطع به كافّة سبل النجاة، ونحن في عصر ذهبي من التقدم التكنولوجي والمعرفي والمادي، أيّ عجز هذا؟!

إنْ صحّ الخبر فهو مؤسف، وعجز جسيم من شركات الاتصالات بالدرجة الأولى بسبب تقصيرها في توصيل الخدمات إلى كافة أرجاء السلطنة، مع العلم أن جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله- قد أولى هذا الجانب اهتمامًا وعناية، بتوجيهاته السامية؛ لأهمية وضرورة وصول خدمات الاتصالات إلى كل مكان في سلطنة عمان، مهما كانت طبيعة ووعورة المكان، وبالدرجة الثانية هو قلة الوعي من أغلب العمانين وغير العمانيين بوجود خدمة بإمكانها أن تحول الشعور بلحظات الموت إلى نجاة. 

إذا عجزت شركات الاتصالات في إيصال الخدمات، أو لم توليها أهمية بالغة، فما الحل؟

لابد من وجود حلّ، وخلق آلية تسهل معرفة الناس بخدمة الاتصال برقم الطوارئ 112 ليعلم المواطن وغير المواطن على أرض السلطنة، أن هناك طرف خيط يمكنه الإمساك به ليقودة للنجاة في حال لحق به الخطر وتعذر لديه الإتصال، فالرقم 112 يمكن لأي شخص الإتصال به في حالة غياب الشبكة، رغم كل الصعوبات التي يتعرض لها، كأن يكون جهازه في وضع الطيران أو بدون شريحة "sim".

إنّ الإتصال بالرقم 112 في حال وصول الشخص لأي نوع من الأمور التي تشكل خطر على حياته بسبب تخلي خدمات الإتصال عنه، يوصله للرقم 9999 فتحدد مكانه عمليات الإنقاذ وتسرع إليه.

أقترح أنّ يُكثف التثقيف التوعوي في هذا الجانب، وهذا لن يحصل إلا من خلال خلق آلية سهلة تصل إلى متناول الجميع دون حضور دورات أو محاضرات توعوية، فعامة الناس لا يسعون حتما لحضور المحاضرات، فليس لديهم وقت لذلك، وقد يكون ليس من اهتماماتهم، مهما اختلفت أعمارهم، فالحياة تشغلهم عن الكثير من الأمور؛ لكنهم يتوافدون باستمرار لشراء المستهلكات اليومية من مأكل ومشررب.

اقتراحي أوجهه للشركات المنتجة للسلع الإستهلاكية اليومية كشركات الماء والمرطبات والمصانع المنتجة لرقائق الشيبس كبطاطس وبوفاك عمان وغيرها، وعلى الأكياس بأنواعا؛ وذلك بطباعة الرقم 112 عليها، لتساهم في معرفة الناس بالرقم وسهولة الاتصال به في حالة أن أحدهم احتاج إليه، فسيجده مكتوبا على العلب والأكياس، التي بالتأكيد هي بحوزته وفي سيارته في أي مكان كان، على سبيل المثال قنينة ماء أو علبة عصير أو مشروب غازي أو كيس نايلون حوى بعض أشياءه.

أتمنى أن يكون خبر وفاة الشخصين غير صحيح، وأتمنى أيضا أن أرى اهتمامًا فعليًا بهذا الموضوع، وذلك بإيجاد طريقة يلجأ إليها من تاهت به السبل ولحقه خطر يهدد حياته، لسبب أنه يجهل وجود خدمة يمكنه من خلالها قلب الموازين وإزاحة شبح الموت الذي بات يكشر عن أنيابه بالقرب منه.

قد لا أكون وفقت في المقترح، وقد يكون هناك مقترح أفضل، هذا لا يهم بقدر الحاجة الماسة للنظر في هذا الموضوع نظرة عناية وإدراك لتفادي هذا الخطر المؤسف.