عندما يقع المواطن ضحية للاستغلال

جابر حسين العماني

jaber.alomani14@gmail.com

اشترى سيارته من أحد معارض السيارات، وبعد فترة من الزمن توقفت السيارة عن العمل، واضطر للذهاب بها إلى ورش الإصلاح، وفي كل ورشة يدخلها، يطلب منه العامل تغيير قطعة معينة واستبدالها بجديدة، لكن بلا فائدة تذكر.. استنزف الكثير من المال بسبب استغلال العاملين في هذا القطاع والتي يهمهم فقط جني المال على حساب الزبون!

اكتشف صاحب السيارة بعدها أن المشكلة لم تكن في كل تلك القطع السابقة التي تم استبدالها بمبالغ خيالية، وإنما المشكلة الفعلية هي مجرد "فيوز" صغير جدا لا تتعدى قيمته ريالا واحدا لا أكثر، انتهت صلاحيته وسبب له تلك المشكلة، وبعد تركيبه وتجربته على السيارة رجعت السيارة بكامل قوتها وهي تعمل بلا توقف.

بكل اختصار هذه هي قصة أحد المواطنين الكرام والتي تكشف لنا عن بعض ورش إصلاح السيارات التي لا يوجد فيها المتخصصون في مجال إصلاح المركبات، والعمالة الوافدة التي تعمل فيها هدفها الوحيد كسب المال واستغلال الزبون؛ ليصبح ضحية سائغة بين أيديهم.

هذه عينة من مجالات الاستغلال التي يمارسها بعض ذوي النفوس الضعيفة، وإلّا فإن القصص في الآفاق الأخرى كثيرة جدًا لا يسعها مقال واحد لاستقصائها.

من المؤسف أن هناك اليوم من المواطنين والمُقيمين وبحسن نية يتعاملون مع هذه العمالة، فيقعون في فخ الاستغلال، يصرفون الأموال في غير محلها؛ كشراء قطع غيار وتركيبها، بينما السيارة في غنى عنها، فإلى متى يستمر الغش التجاري في ورش إصلاح السيارات؟ ألم يقل الله في محكم التنزيل: "وَأَقِيمُواْ ٱلْوَزْنَ بِٱلْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُواْ ٱلْمِيزَانَ".

ومن هنا ينبغي على الجهات المسؤولة تكثيف الرقابة على المخالفين الذين يستغلون الزبائن، وأيضًا توعية الجميع بمخاطر التعامل مع العمالة غير المتخصصة والتي همها الوحيد استغلال الناس وغشهم وسرقتهم بطرق مختلفة ومتلونة كاستبدال قطع قديمة على أنها غير صالحة وهي في الواقع صالحة للاستخدام واستبدالها بجديدة ثم بيع القديمة والاستفادة من أسعارها ويبقى الخاسر الأول والأخير هو الزبون.

إن مراقبة الأسواق من أهم السبل لتحقيق ما نص عليه القانون المتعلق بسلامة المنتجات والخدمات الكثيرة التي تقدمها الأسواق المحلية للمستهلكين، وهي تستهدف بالدرجة الأولى حماية المستهلك من أخطار المنتجات وكذلك العاملين عليها ومتابعتها بشكل دقيق بحيث يكون السوق بعيدا عن الغش والكذب والاستغلال والاحتيال.

وكما إن للجهات الرسمية والمسؤولة في الدولة تكثيف الرقابة على كل تاجر أو عامل مستغل، كذلك من الواجب على كل فرد المساهمة الفاعلة في كشف تلك الممارسات التي أصبح همُّ من يمارسها جمع المال وسرقته من الناس بشتى الطرق، وذلك من خلال إبلاغ الجهات الرسمية عنهم وما يقومون به من غش وكذب ونهب واحتيال على أموال الناس بدون وجه حق.

ومن أجل حماية أسواقنا من المستويات المتدنية أخلاقيا كالكذب والسرقة والاحتيال على المواطنين علينا جميعا الاستفادة من فترات حكم الصالحين من الخلفاء الأجلاء الراشدين الأخيار، فعلى سبيل المثال عندما نتأمل إلى فترة حكم الإمام علي بن أبي طالب، نجده كان حريصًا على مراقبة الأسواق، واعظًا ومنبهًا القائمين عليها من التجار، فقد كان ينزل إلى السوق وهو يحمل في يده المباركة ما تسمى بالدرة، وهي نوع من أنواع السياط التي كان ينبّه بها كل من يقوم بغش الناس أو الاحتيال عليهم او استغلالهم وسرقتهم فقد كان- رضوان الله عليه- يقول دائمًا للتجار: "أيها التجار، قدموا الاستخارة، وتبركوا بالسهولة، واقتربوا من المبتاعين، وتزينوا بالحلم، وتناهوا عن اليمين، وجانبوا الكذب، وتجافوا عن الظلم، وأنصفوا المظلومين، ولا تقربوا الربا، وأوفوا الكيل والميزان، ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين".