"اسمعني" (2-2)

 

 

خالد بن خميس المويتي

 

تلى ذلك بدء الجلسة الرئيسة للندوة حيث ضمت رئيس المبادرة ومساعده وأخصائيان اجتماعيان ومديرة مدرسة وأخصائية نفسية، أدارتها إعلامية متميزة، لخصت هذه الندوة أهم الأسباب التي قد تزيد من التأتأة وتتمثل في : موت أحد الوالدين أو كلاهما في مرحلة عمرية مبكرة، أو قسوة الأسرة وعدم تفهمها لمشاعر المُتأتِئ، أو عدم قبول المجتمع له، أو التضييق المدرسي سواء من المدرسين وقسوتهم عليه أو من زملائه الطلاب وتنمرهم، أو التعرض للتحرش الجنسي في بعض الأحيان، الأمر الذي يدفع بالمُتأتِئ الدخول إلى نفق الصمت الاختياري الذي يطول فلا يعرف المُتأتِئ كيف يخرج منه مرة أخرى.

وخلص المحاضرون إلى أن أهم أسباب التحكم أو التغلب على التأتأة هو تقبلها والتعايش معها وعدم الخجل منها، وبعدها يأتي دور التدريبات والتقنيات الكلامية وذلك عن طريق الذهاب إلى أخصائيي النطق والتخاطب أو الانضمام إلى دورات التحكم بالتأتأة مع المبادرة. وهذا بدوره سوف يساهم في إعادة البناء المجتمعي وإرجاع المُتأتِئ إلى مجتمعه المحيط والحرص على عدم انسحابه منه، وفيما يخص المُتأتِئ فعليه أن يهتم بالتدريبات المخصصة لذلك لأجل أن يتغلب على العقدة النفسية وعدم الخوف أو الصمت أو الانعزال، وليكثر من ترديد هذه الآية الكريمة من كتاب الله (رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي)، كما أكد رئيس المبادرة على أولياء الأمور أن يتبعوا الطرق الحقيقية في العلاج وأن لا يلجأوا إلى العلاجات الشعبية فالعلاجات الشعبية ليست حلًا أبدًا، وقد أعجبت كثيرًا بتعليق رئيس المبادرة على سؤال قد يتبادر إلى ذهن المُتأتِئ: (لماذا أنا؟) فقال في جوابه عنه: إن الله سبحانه وتعالى خلق الخلق متفاوتين ليعلم الأصحاء عظم نعمة الله عليهم ويذكر المبتلين بأن أمر الله ميزهم ولم يحقرهم، وذكر الحضور بهذا الدعاء "الحمد لله على نعمٍ ألفناها ونسينا شكرها".

وأضاف هلال الذهلي نائب رئيس المبادرة أنهم استطاعوا -بفضل الله- مساعدة أبنائنا وأبناء الخليج العربي بل أبناء الوطن العربي، وأشار إلى نجاح كبير حدث قبل أيام قلائل وهو إنقاذ طفل خليجي متأتئ حاول الانتحار فتواصلت أخته بعد تعرفها على المبادرة من خلال موقع التواصل مع رئيس المبادرة الذي تواصل بدوره مع المُتأتِئ وبحمد الله استطاع أن يقنعه بالعدول عن رأيه، وأنجاه الله عن طريق استغاثة أخته.

وقال رئيس المبادرة إنه التقى بمعالي وزيرة التربية والتعليم وتناقش معها حول هذه الفئة من المجتمع وناشدها وبشدة إحياء اليوم العالمي للتأتأة والذي يوافق 22 أكتوبر من كل عام في جميع المدارس، الأمر الذي سيلفت أنظار الأصحاء من الطلاب إلى رفاقهم والسعي إلى إشراكهم وتقبلهم في المجتمع المدرسي، كما أن إشهار هذا اليوم سيضخ كمية من التفاؤل والإيجابية لدى المتأتئين من الطلاب وسيساعدهم لقبول ذواتهم والتغلب على الصعوبات التي تواجههم بل سيصنع منهم -بإذن الله- عباقرة وملهمين .

إن الجهود التي بذلتها وتبذلها مبادرة "إسمعني" لمعونة المتأتأين ما كانت لتحظى بهذا البروز الإعلامي لولا الجهود التي بذلتها منصة "عيون" الرقمية، وأؤلئك الذين وقفوا معها يدعمون توجهها نحو التخصص في أعمال اجتماعية حقيقية، وكم أسعدني أن المنصة الرقمية الفتية "عيون" لم تكتفِ بصرف ما صرفته لأجل إقامة هذه الندوة، وإنما أهدت لكل مشارك فيها هدية ثمينة تبرعت به مؤسسة رائدة وهي "الحبيب العقارية" ومن يد مديرها العام وصاحبة السمو السيدة الدكتورة تغريد آل سعيد الموقرة، التي أستطيع وصفها برائدة الأمسية التي أقيمت برعايتها، ووصفي لها برائدة الأمسية يأتي من منطلق الحديث الذي أدلته صاحبة السمو من كل قلبها، وبكل شفافية وصراحة، كان حديثها بلسما لكل متأتئ، بل وكل من سمع ذلك المساء ويسمع إلى يومنا هذا وبعد يومنا ما بقي الدهر لحديثها ذاك.

أتوق إلى معرفة القادم في جدول أعمال "عيون الرقمية" ولا شك أنه لن يكون أقل مستوى مما شاهدته في تلك الأمسية.

 

تعليق عبر الفيس بوك