محمد بن عيسى البلوشي
ما شكل لي قلقا بعد تقديمي لعرض مرئي لمرحلة الدراسات العليا هي بعض التفاصيل المهمة التي اطّلعت عليها في مرحلة البحث عن موضوع (الاستراتيجيات الحديثة في التسويق)، فليس من المعقول أو المنطق أن سكان العالم العربي الذي يشكلون 5% من سكان العالم لم يستطيعوا تعزيز المحتوى العربي العالمي إلا بنزر يسير جدًا وهو (0.16%). فما هو يا ترى السبيل، ودولنا تنشد التحول الرقمي ومكننتة خدماتها؟
في الواقع واجهتُ تحديا في محركات البحث الإلكترونية وأنا أبحث عن محتوى متخصص في الإعلام والتسويق على مستوى البيانات والأرقام، استرشد من خلالها إلى قياس بعض سلوكيات مجتمعنا نحو تلك الخدمات. لا أقصد هنا المحتوى الخاص بالأخبار والتغطيات الصحفية والمعلومات العامة، بل كنت أبحث عن دراسات متخصصة توصلت إلى معرفة توجهات العموم في بعض المنتجات أو السلوكيات الشرائية أو التسويقية.
لا أدري هل أن الكل يدري بأن "الإحصائيات تشير إلى توقع وصول مساهمة تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الاقتصاد عالميا إلى نحو 15.7 تريليون دولار أمريكي بحلول عام 2030 ". إن كنا ندري ذلك فهذا مؤشر جيد يقودنا إلى أن ندرك أن "تطبيقات الذكاء الاصطناعي" هي التي تقود مرحلة مهمة في اتخاذ القرارات الاستراتيجية؛ ليس على مستوى تصريف البضائع في الأسواق العالمية فحسب، بل على مستوى صناعة القرار في أسعار الموارد الأساسية للعالم.
إن "الوريد السري" الذي تعبر عبره كل المغذيات لصناعة القرار عبر "رحم" الذكاء الاصطناعي، والذي يعكس فهمنا العميق لأهمية صناعة المحتوى الإعلامي والمعلومات باللغة العربية. هو ذلك الدور الذي تقوم به دوائر التواصل والإعلام في المؤسسات الحكومية والرسمية والخاصة، والذي يعزز تنوع المعلومات الإنتاجية/ التوعوية/ التعليمية/ التثقيفية/ التنويرية في مختلف المواضيع والقضايا ذات العلاقة، وهذا ما كانت تقوم به دوائر وشركات العلاقات العامة.
نعم، تعتمد فكرة تطبيقات الذكاء الاصطناعي على قراءة رقمية لما يتم نشره وتداوله وتناوله من أخبار/ تقارير/ بحوث/ استطلاعات للرأي/ معلومات عبر مختلف المنصات الإعلامية (التقليدية/ المرئية/ الرقمية)، وتعتمد في عملها على عنصر تحليل المحتوى لتحديد توجهات المجتمع نحو فكرة معينة، ويراقب سلوك مستخدمي الإنترنت/ منصات التواصل الاجتماعي عبر خوارزميات عالية في الحساسية يصعب العمل عليها يدويًا. إضافة إلى قراءة الأحداث الرسمية وغير الرسمية، والخروج بتنبؤات مستقبلية تساعد على التحليل الديموغرافي ومعايير التنافسية.
وفي عالم اليوم أصبحت الحاجة إلى الرصد والمتابعة والتحليل أكثر إلحاحًا في ظل صراع الأسواق الاقتصادية العالمية، خصوصا مع دخول محتوى منصات التواصل الاجتماعي والإعلام الرقمي إلى قائمة تحديد التوجهات العامة. وأعتقد أنه أصبح لدوائر التواصل والإعلام في جميع المؤسسات دور مهم في صناعة المحتوى عبر أدوات يمكن التعرف عليها والتدريب على ممارستها.
أعتقد أنه حان الوقت أن تكون دوائر التواصل والإعلام هو "لاعب الارتكاز" لتسريع خطوات التحول الرقمي الذي تتجه إليه حكومتنا في إطار رؤيتنا نحو "عُمان 2040"، وهذه العملية إن تمت عبر لجان متخصصة؛ فإن أدوات نجاحها تكمن في يد الإعلام، لأنه "الحبل السري" الذي يستطيع أن يوصل الرسائل التي يراد أن تصل إلى الأطراف ذات العلاقة.