حاتم الطائي
◄ التنظيم الباهر لـ"كونجرس الصحفيين" يؤكد قدرتنا على تنظيم أكبر المؤتمرات الدولية
◄ الضيافة العُمانية الأصيلة ضمانةٌ أساسيةٌ لنجاح أي مؤتمر ومعرض عالمي
◄ التنويع الاقتصادي يتحقق بتكامل الجهود والاستفادة من المقومات كافةً
الطريق إلى المُستقبل يبدأ من الحاضر ويرتكز على الماضي المتجذر في أعماق التاريخ، وإذا أردنا أن نستشرف مُستقبل أمة من الأمم، علينا أن ننظر إلى حاضرها ونستند على ماضيها، وتلك قاعدة شهيرة يُدركها العاقلون، ولذلك عندما عكفت عُمان على وضع رؤيتها المُستقبلية، نظرت إلى ما تملكه في حاضرها وما كانت عليه في ماضيها الزاخر على مر الأزمان والعصور، فخرجت لنا رؤية "عُمان 2040"؛ لتؤكد أننا أمة حضارة نستهدف إعادة بناء الأمجاد التي تحققت ذات يوم، ولكن هذه المرة في صورة عصرية تأخذ بأسباب التقدم وتعتمد بالكامل على وضع تصوُّرات وأهداف طموحة ترتقي بتطلعات كل إنسان عُماني، لكي نرى في المستقبل عُمان التي نريد، ونحلم، ونطمح أن نعيش فيها.
والمستقبل هنا لا يعني ذلك الزمن البعيد الذي قد لا نشهده، أو زمن أبنائنا وأحفادنا؛ بل كل يوم وساعة ولحظة آتية حتى ولو كانت بعد ثانية من الآن!
أقول ذلك وعُمان قد انتهت لتوّها من إنجازٍ مُبهرٍ تحقق بسواعدَ عُمانية ماهرة، استطاعت أن تُنظّم اجتماعات الاتحاد الدولي للصحفيين "الكونجرس 31" بكفاءة واقتدار، وشهِدَ بذلك ما يزيد عن 350 صحفيًا من أكثر من 100 دولة حول العالم، قدِموا إلى السلطنة متسائلين عن طبيعتها واقتصادها وشعبها وكل تفاصيلها، فوجدوا شعبًا مضيافًا طيب الأعراق، واقتصادًا آخذا في النمو بفضل الخط الطموحة التي يجري تنفيذها، وطبيعة ساحرة خلّابة تأسر القلوب قبل العقول، وأسلوب حياة حديث ومعاصر لكنه ليس صاخبًا؛ بل يتميز بالسكينة والهدوء والدعة، وجدوا عُمان التي تفاجئ زائريها دائمًا، عُمان التي يقع في غرامها كل مُحب للجمال وكل عاشق للإبداع والتميُّز.
لقد أكد لنا هذا التنظيم الرائع، وتلك الاستضافة التاريخية لاجتماعات الاتحاد الدولي للصحفيين، أنَّ عُمان قادرة على التحول إلى مركز دولي للمعارض والمؤتمرات، وتلك صناعة واعدة تتوافر لها جميع الإمكانيات في وطننا الحبيب، وتضمن الآلاف من فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، إذا ما استفدنا منها الاستفادة المُثلى، وسعينا إلى تطويرها ومواصلة تحسين بنيتها الأساسية المتقدمة، فضلًا عمّا توفره هذه الصناعة العالمية من نمو اقتصادي وانتعاش في الحركة التجارية والسياحية. ولنا في هذه الاجتماعات الدولية المثل والنموذج، فما الذي ينقصنا حتى تتحول عُمان إلى مركز دولي وإقليمي للمؤتمرات والمعارض؟
الإجابة على هذا التساؤل، تُحتِّم علينا طرح المُقومات التي تزخر بها عُمان وتمثل البنية الأساسية الصلبة لنمو هذا القطاع الواعد، الذي يعد واحدًا من أبرز القطاعات التي تدعم التنويع الاقتصادي، لما يوفره من إيرادات وعوائد غير نفطية. المقومات تبدأ من امتلاك عُمان لواحد من أكبر مراكز المؤتمرات والمعارض على مستوى المنطقة، وهو مركز عمان للمؤتمرات والمعارض بمدينة العرفان، بقاعاته الضخمة الفخمة، وإمكانياته المتطورة والتي تعتمد على توظيف التكنولوجيا الرقمية، وقدرة هذا المركز على استضافة مختلف الفعاليات مهما بلغ عدد زائريها، بفضل ما يشتمل عليه من قاعات متعددة وصالات عرض وغرف اجتماعات. أيضًا يمكن للقطاع الفندقي الراقي بمختلف تصنيفاته أن يوّفر عامل جذب وأحد مقومات استقطاب المؤتمرات والمعارض العالمية؛ حيث يزخر هذا القطاع بأعداد كبيرة من المنشآت الفندقية؛ إذ تشير الإحصائيات إلى أنَّ هذا العدد يتجاوز 500 فندق ومنشأة فندقية، بما يزيد عن 26 ألف غرفة، ومعظم هذه الفنادق في محافظة مسقط وحدها، علاوة على أنَّ مشروع مركز عمان للمؤتمرات والمعارض يتضمن فندقين من فئة 5 نجوم. أضف إلى ذلك، توافر البنية الأساسية للتنقلات والحركة على أعلى مستوى، فمطار مسقط الدولي وغيره من مطارات السلطنة في صلالة والدقم وصحار وخصب، تقدم خدمات رائعة للمسافرين، وتضمن لهم سفرًا مريحًا آمنًا، وإجراءات سريعة وسهلة عند دخول أو الخروج من البلد، فضلًا عن شبكة طرق متطورة للغاية ومنظومة نقل عام مريحة ورقمية، وتلبي جميع الاختيارات. والأهم من ذلك كله، وفي المقام الأول: كرم الضيافة العمانية الأصيلة، والابتسامة البشوشة التي يُقابل بها العُماني كل ضيف وزائر لعُمان، ويؤكد ذلك أنَّ عمان تتصدر- في التقارير الدولية- تفضيلات الأجانب للعيش فيها كأفضل وأأمن دولة.
ومن هنا نقول إن توافر الإمكانيات المتعددة يجب أن تكون نقطة انطلاق نحو نمو حقيقي في صناعة المؤتمرات والمعارض من خلال التوظيف الأمثل والأنسب، والاستفادة من مؤسساتنا المختلفة- وخاصة مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص- في استقطاب الأحداث العالمية، ونقترح تأسيس هيئة أو جهاز يتولى مسؤولية جذب وتنظيم وإدارة المؤتمرات والمعارض الدولية والإقليمية، على أن يتم إعداد ملف ترويجي متكامل عن عُمان وما تزخر به من مقومات، وما تتمتع به من طاقات وإمكانيات لتنظيم أكبر المؤتمرات والمعارض. وكذلك يمكن التعاقد مع شركات العلاقات العامة الشهيرة حول العالم والاستفادة من سفاراتنا ومكاتب التمثيل التجاري في الخارج، من أجل بناء صورة ذهنية متطورة عن عُمان في المحافل الدولية.
إنَّ التنويع الاقتصادي الذي نطمح إلى تحقيقه ضمن مستهدفات رؤية "عمان 2040" يجب أن يتضمن صناعة المؤتمرات والمعارض، لكي نضمن الاستفادة من كافة الإمكانيات، وتحقيق أعلى العوائد، والأهم من ذلك ترسيخ مكانة عُمان كمحطة دولية تستقطب الوفود العالمية من كل مكان، ليجتمعوا في بيئة آمنة ومثالية من شتى الاتجاهات.. وإنني لعلى يقين بقدرتنا على تحقيق المُنجزات مهما كانت التحديات.