بناء قدرات القيادات الوطنية في السياحة والطيران

 

 

د. خالد بن عبدالوهاب البلوشي

 

منذ انطلاق الاستراتيجية الوطنية للسياحة والتي تستهدف في أحد أهدافها الرئيسية إضافة 500 ألف وظيفة بحلول عام 2040 وعلى أن تمثل هذه النسبة حوالي 75% من المواطنين العمانيين، يدعمها التزايد المطرد لأعداد الخريجين من قطاعي السياحة والطيران والتي هي في تزايد مستمر ولكن للأسف فإنَّ قدرة القطاعين على استيعاب هذه الأعداد لازالت خجولة جدًا.

وعلى الرغم من وجود مؤسسات أكاديمية ومهنية ترفد القطاعين بالخريجين إلا أن الفرص تكاد تكون معدومة.. إن تمكين المواطنين لن يتأتى بسهولة إلا إذا تمكن القطاعان من الحصول على قيادات وطنية شابة من خلال برنامج وطني يعمل على بناء قدرات رأس المال البشري الشاب والذي في مجمله يمثل 65% من تعداد سكان سلطنة عُمان. والملاحظ أن هناك نموا سريعا في القطاع الفندقي يقابله رغبة حثيثة تعمل على رفد القطاع بالسياح من كل أنحاء المعمورة.

غير أنَّ هناك العديد من الشركات السياحية وشركات إدارة الوجهات السياحية تستعين أثناء ذروة المواسم السياحية بمرشدين سياحيين أجانب ولفترة محددة نظرا لشح أو محدودية العناصر البشرية الوطنية المتمكنة.

وتعمل وزارة التراث والسياحة وقطاع الطيران على بذل جل ما لديهم من طاقة لجذب السياح من دول ذات كثافة بشرية مرتفعة مثل الصين والهند ودول الاتحاد الأوروبي من خلال الترويج المستمر على مدار العام لسلطنة عمان كمقصد سياحي مميز عالمياً ولأجل تحقيق هذا يتوجب إعداد وتجهيز كوادر وطنية من خلال برنامج وطني تشرف عليه وزارة التراث والسياحة مع شركائها من القطاعين.

يجب أن يعمل هذا البرنامج الوطني على تنمية قدرات قيادات القطاعين المتخصصين سواء في السياحة أو الطيران.وكذلك صناع القرار من خلال اختيارهم بناء على معايير دولية مبنية على الخبرة والقدرة.

ويتم ذلك من خلال التعاون مع إحدى الجامعات أو الكليات أو المعاهد الدولية والتي تتربع على عرشها سويسرا، والمعلوم أن هناك حزم من البرامج المتنوعة تمنح المنتسبين مهارات عديدة ومنها على سبيل المثال وليس الحصر (مهارات التواصل مع الآخرين - القيادة - حضارات الدول …إلخ ).

ومن أشهر تلك المؤسسات بسويسرا المعهد الدولي لإدارة الفنادق IMI ومعهد "لا روش وغلون"؛ حيث حصل البعض منهم على اعتماد جامعة هارفارد العريقة.

وتعمل تلك المعاهد على تكوين الروح القيادية لدى منتسبيها ومنحهم شهادات عالمية، ونقترح في هذا السياق أن يتم إعداد هذا البرنامج الوطني في أسرع فرصة ممكنة. على أن يتم إشراك الأكاديمية السلطانية في الإدارة لكى تتولى التنسيق الأكاديمي والإشراف على البرنامج مع وزارة التراث والسياحة وشركاء القطاعين.

وتحظى تلك المؤسسات الأكاديمية بسمعة دولية راقية حيث يتنوع المحتوى الأكاديمي لديها مما يتيح لقيادات القطاعين لاحقاً الفرصه للتدرج الوظيفي خاصة مع ظهور سلاسل من الفنادق المحلية والتي استطاعت أن تثبت وجودها محليا وإقليميا ودوليا.

ونود أن نشير في هذا السياق إلى ما ذكرته منظمة السياحة العالمية وكذلك اتحاد النقل الدولي IATA من أن هناك ما لا يقل عن 73 مليون وظيفة سيوفرها القطاعان بحلول عام 2025 في أنحاء العالم.

ومع ازدياد عدد الغرف الفندقية والمقاصد السياحية وتوسع شبكات الطيران سيدفع الأمر بالمستثمرين بالقطاعين إلى جذب قيادات ذات قدرات متميزة في ظل التنافس العالمي.

لذلك نلاحظ أن القيادات الحالية تعاني من عدم وجود فرص تدريبية دولية تستطيع من خلالها الحصول على آخر ما وصلت إليه تلك القطاعات من حداثة وتطور.

ونأمل أنه عند تطبيق هذا البرنامج الوطني أن تكون من أهداف ومهام تلك القيادات تفعيل الاستراتيجية الوطنية للسياحة ومعها أهداف رؤية "عمان 2040" للقطاعين الواعدين.

وختامًا.. إنه لمن الأهمية العمل على الربط الأكاديمي مع إحدى المؤسسات الأكاديمية السويسرية؛ حيث سيمنح هذا البرنامج الوطني منتسبيه القدرة على حلحلة الجمود الإداري والعملي في القطاعين إن وجد وإضافة الجديد إليه حتى نحقق ما نصبو إليه برؤية "عُمان 2040".