إلى متى ستكون الأقلام وسيطًا فقط؟!

 

 

مريم الشكيلية

 

"الكاتب هو عقل متحرك في جسد ثابت".. خورخي لويس بورخيس.

"عقل الكاتب في قلمه".. يحيى بن خاقان.

"الكاتب هو مهندس النفس البشرية" جوزيف ستالين.

 

الجميع يعلم دور الكاتب والكاتبة ودور النشر في المجتمع فهو صوت المواطن والرأي الذي ينقله إلى الجهات المعنية.. أيضًا هي الأقلام التي تضع قضايا الناس وهمومهم على الطاولة ليجد لها الحلول المناسبة.. إن دور الكاتب والكاتبة ليس بسيطاً كما يتخيله البعض ليس فقط قلم وورق وموضوع.. الكاتب والكاتبة في نظري هم فكر المجتمع وتقدمه.. هم التنمية الفكرية للناس.. والضوء الذي ينضح به عقول الآخرين ويغيرون أفكارهم وهم الذين يقودون المجتمع إلى عتبات الحقيقة والعلم والنور.

والأقلام، جهتان ومساران؛ منها أقلام تودي بفكر الكاتب والقارئ والمجتمع بهم إلى مسالك التخلف والرجعية والفتن وغيرها من براثن الهدم والشتات والتي لطالما حاربتها البيئة الطيبة والعقول المتيقظة والعالمة بخباياها ومآلاتها ومنها أقلام تنهض بالأمم وشعوبها وتكون المتكئ الذي يستند عليه الفكر السليم والذي لا يقل أهمية عن كل ما هو من شأنه أن يبقي الرسوخ والهوية للشعوب والمجتمعات بأسرها.

إذن بحجم معرفتنا للدور الذي تصنعه الأقلام ليس في حاضرنا فحسب وإنما هذا هو حالها على مر العصور  والشواهد كثيرة وفي شتى المجالات فلم نسمع يوماً عن حقبة زمنية أو في بقعة على سطح الكوكب عن مجتمعات خلت من فكر كتابها ودورهم رغم اختلافنا إلا إن لهم حضور قوي لا يمكن تجاهله.

واليوم ومع تزاحم وسائل التواصل والاتصالات المتسارعة والإنترنت وهذه التكنولوجيا العبقرية التي غزت كل بيت أصبح للأقلام دورها ونشاطها فقد أوجدت من هذه البرامج والأجهزة الحديثة متنفساً ليس فقط لسهولة تداولها وإنما أيضا لاتساعها وحركتها النشطة حتى إن اليوم ليس بالضرورة أن يكون للكاتب ورقة وقلم أو طابعة أو جهد شخصي وسفر لنقل قلمه ويسير به لمسافات حتى يسلمه شخصياً لصحيفة أو مجلة أو جهة أخرى الآن أصبح الأمر أسهل فبوجود هذه التقنية الحديثة وعصر السرعة فقط يضغط الكاتب على زر في هاتفه وفي غرفة بيته ليجد وبفترة بسيطة من الوقت والزمن قلمه في يد القارئ والمعنين بالأمر.

وفي خضم هذا الأمر حان الآن أن ينتقل الكاتب وأن تنتقل هذه الأقلام من دورها في نقل صوت الشعب وهمومه ومتطلبات حياته والدور الذي تلعبه في موقعها كوسيط بين العامة والخاصة بين الشريحة العريضة من الناس وبين المهتمين، حان دورها إلى أن تقوم بدورها في البناء والتنمية وأن تتزحزح من موقها كونها ناقلة للصوت فقط إلى العمل والانغماس في خدمة المجتمع بالعمل وليس فقط بالكلمة.

لكن.. كيف يكون ذلك؟ يكون ذلك من خلال تخصيص- على سبيل المثال- عائدات نشر الكتب للعمل الخيري أو للمحتاجين أو عمل مزادات خاصة لدور النشر للإصدارات تعود عائداتها للمساعدات وغيرها، وأيضا أن نحرص على صقل الكتاب دعماً واحتواءً ليكونوا سفراء أوطانهم في الخارج سفراء القلم المتزن الذي ينقل هوية ذاك الوطن ليعرف العالم بوطنه ويكون نافذة جاذبة للوطن، وتنفيذ دورات تدريبية وورشات عمل للكتاب وتثقيفهم وصقلهم ليكونوا واجهة حسنة للآخرين داخل وخارج حدود بيئتهم، وحشد الإعلام بكل أصنافه لتسليط الضوء على الأقلام التي تسعى وتحجز لها دورا في ركب التنمية لتكون قدوة يحتذى بها وأيضاً لتكون الصوت الناطق للتنمية.. وأن تكون بعيدة كل البعد عن التجاذبات الجانبية والتي تجعل القارئ مشتت الذهن أو البوصلة.

إن الأمم التي تنبهت لدور الأقلام في بناء الدول العصرية أولتها اهتماما خاصا ليس مادياً فقط وإنما اهتمام معنوي ومكانة خاصة لهم لتكون واجهة مشرفة ويكونوا شركاء بناء وتنمية وليس فقط وسطاء لنقل حدث أو قضية أو تتبع ثغرات.

تعليق عبر الفيس بوك