الدافعية نحو التعليم المدرسي

 

وليد بن سيف الزيدي

لمعرفة معنى الدافعية يمكن الرجوع إلى المقال الذي جاء تحت عنوان الدافعية في العمل بمنظومة إجادة والمنشور في الثاني من شهر فبراير من العام الحالي في جريدة الرؤية العمانية.

في بداية العام الدراسي (2021/ 2022) أُجريت دراسة بحثية بعنوان "أثر استخدام المنصة التعليمية جوجل كلاس روم لدى طلبة الصف العاشر على دافعيتهم للتعلم في مادتي اللغة الإنجليزية والدراسات الاجتماعية في ظل جائحة كورونا بمدارس تعليمية البريمي". ولن أتطرق للحديث عن تفاصيل هذه الدراسة وذلك من أجل التركيز على الهدف من كتابة هذا الموضوع وتسهيل وصول الفكرة إلى جميع المعنيين بالتعليم المدرسي ومخرجاته وخصوصًا إلى أصحاب القرار وأولياء الأمور.

وقد خلصت نتائج الدراسة إلى ما يلي:

1. أنَّ أثر استخدام المنصة التعليمية جوجل كلاس روم لدى طلبة الصف العاشر على دافعيتهم للتعلم في مادتي اللغة الإنجليزية والدراسات الاجتماعية في ظل جائحة كورونا بمدارس تعليمية البريمي جاء سلبيًا وبدرجة ضعيفة؛ وقد تعزى هذه النتيجة إلى حداثة التجربة في التعامل مع المنصة التعليمة جوجل كلاس روم، وقلة الأجهزة وضعف شبكات الإنترنت عند البعض وغياب الأدوار لدى العديد من الطلبة وأولياء الأمور، وضعف مهارات التعامل مع المنصة التعليمية وتطبيقات التعليم الإلكترونية.

2. لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين الذكور والإناث نحو استخدام المنصة التعليمية؛ وقد تعزى هذه النتيجة إلى مرور جميع أفراد العينة من الذكور والإناث بنفس التجربة من حيث الزمان والمكان، والتقارب في امتلاكهم لمهارات التعامل مع المنصة التعليمية وتطبيقات التعليم الإلكترونية.

3. لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين المدارس داخل وخارج المدينة نحو استخدام المنصة التعليمية؛ وقد تعزى هذه النتيجة إلى تقارب الإمكانيات من حيث توفر البنية التحتية في شبكات الإنترنت والأجهزة والتطبيقات الإلكترونية في التعليم داخل وخارج المدينة.

 4. توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين من لديهم رغبة مرتفعة في استخدام التكنولوجيا وبين من لديهم رغبة منخفضة، ولصالح من لديهم رغبة مرتفعة في استخدام التكنولوجيا؛ وقد تعزى هذه النتيجة إلى امتلاك من لديهم رغبة مرتفعة في استخدام التكنولوجيا لمهارات التعامل مع التكنولوجيا والتطبيقات الإلكترونية.

كما قام الباحث بإجراء مقابلات مع بعض طلبة الصف العاشر من الذكور والإناث في بعض مدارس المحافظة من غير عينة الدراسة التي تمَّ تحليل بياناتها باستخدام برنامج SPSS. وقد جاءت الاستجابات على النحو التالي:

* بالسعادة والارتياح في التعامل مع المنصة التعليمية أثناء الموقف الصفي؛ وذلك بسبب قلة عدد الحصص خلال اليوم الدراسي وإمكانية اختيار مكان التعلم وسهولة التواصل مع المعلم وغياب عامل الخجل في المشاركة والتفاعل في حل الأنشطة الكتابية والشفوية والتنويع في التطبيقات الإلكترونية أثناء عرض عناصر الدرس.

* وجود صعوبة في فهم الدرس التعليمي؛ وذلك بسبب ضعف شبكة الإنترنت وعدم توافرها عند البعض من الطلبة، وعدم قدرتهم على امتلاك أجهزة الحاسب الآلي، مما ترتب على ذلك انقطاع التواصل بين فترة وأخرى بين المعلم والمتعلم.

* تفاوت الآراء في التعامل مع الواجبات والأنشطة باستخدام المنصة التعليمية ما بين سهل وصعب؛ وذلك يعود إلى تفاوت الذكاء التكنولوجي بين المتعلمين ومدى تمكنهم من مهارات التعامل مع التطبيقات الإلكترونية وتوافر الأجهزة الحاسوبية وشبكة الإنترنت. 

* سهولة التعامل مع الاختبارات؛ وذلك بسبب إمكانية الرجوع إلى الكتاب المدرسي ومساعدة العائلة والدخول إلى شبكة الإنترنت للبحث عن المعلومات.

* تفاوت في الشعور بالقلق أثناء تأدية الاختبارات وهو نفس  القلق عندما يكون أداء الاختبارات في التعليم المباشر(الصفي)، ولكن الاختلاف يكون في مسببات القلق، حيث أن سببه في أداء الاختبارات باستخدام المنصة التعليمية مرتبط بمدى توفر شبكة الإنترنت وعدم انقطاعها أثناء تأدية الاختبار وحداثة التجربة ومهارات الطالب في التعامل مع التقنية كالكتابة باستخدام لوحة المفاتيح أو التنقل بين أسئلة الاختبارات والتأكد من إرسال الاختبار واستلامه من قِبل المعلم. على حين أن من مسببات القلق في التعليم المباشر الاستيقاظ المتأخر وذهاب الحافلة والتفكير بطبيعة المراقب في قاعة الاختبار ومدى صعوبة الاختبار وكفاية الوقت.

على حين جاءت الاستجابات حول التغذية الراجعة للدروس التعليمية بأنها كافية لدى الإناث، على حين تفاوتت الاستجابات حول كفاية التغذية الراجعة للدروس التعليمية بين الذكور؛ وربما ذلك يعود إلى عامل الحرص والاهتمام لدى المعلمات بشكل أكبر مقارنة بالمعلمين.

وجاءت الاستجابات حول دور ولي الأمر في متابعة تعليم ابنه باستخدام المنصة التعليمية بأنه مهتم بذلك؛ وذلك بحكم قربه من ابنه والتناوب في متابعته من قِبل الوالدين والإخوة الذين يسبقونه في سنوات العمر. ولسبب أن اختيار العينة هنا كان بالطريقة القصدية.

وحول درجة التفاوت في اهتمام الطلبة بالمواد الدراسية الأخرى فقد جاءت متباينة؛ وذلك يعود لأسلوب المعلم في التدريس وقدرته على عرض المحتوى التعليمي والتنويع في الأنشطة من خلال قدرته في التعامل مع التطبيقات الإلكترونية التعليمية المختلفة.

وحول اكتساب الطلبة لمهارات التعامل مع المنصة التعليمية فقد جاءت الاستجابات إيجابية حول ذلك؛ وذلك بحكم الواقع الذي فرضته الجائحة في جعل الطلبة يتعاملون مع المنصة التعليمية لفترات طويلة من زمن العام الدراسي.  

وحول التزام الطلبة بتعليمات وإرشادات معلم المادة في التعامل مع المنصة التعليمية فيما يخص التحكم بالصوت والكاميرا والانتقال بين الأنشطة فقد أظهروا تعاونهم حول ذلك.

وحول إمكانية تكوين الصداقات بين الطلبة باستخدام المنصة التعليمية فقد جاءت الاستجابات بوجود صعوبة في ذلك؛ وذلك يعود إلى تعذر اللقاء وغياب التفاعل المباشر في الفعاليات والأنشطة المدرسية المختلفة.

وتم إنهاء المقابلة بسؤالهم: بعد خوضك لتجربة التعليم عن بعد والتعليم الإلكتروني أيهما تفضل مقارنة بالتعليم المباشر (الصفي)؟

وجاءت الاستجابات من غالبية أفراد العينة بأن التعليم عن بعد والتعليم الإلكتروني هو الأفضل مُعللين ذلك في عدة أسباب، نذكر منها: المرونة في اختيار مكان التعلم، واختصار زمن وجهد التعلم خلال اليوم الدراسي، وتعدد التطبيقات التعليمية في عرض المحتوى التعليمي والتفاعل مع الأنشطة أثناء الموقف التعليمي مما يساعد على الفهم والاستيعاب بشكل أفضل، وإمكانية التواصل مع المعلم في أي وقت، وسهولة تأدية الاختبارات الفترية والنهائية، وإتاحة الفرصة بشكل أكبر في تنمية مهارات التعامل مع التقنية الحديثة.

وبناء على هذه النتائج فإن الباحث يضع التوصيات الآتية:

- توسيع نطاق هذه الدراسة بحيث تشمل مراحل وعينات وتخصصات دراسية أخرى على مستوى المحافظة والسلطنة والوطن العربي بحكم التقارب في الإمكانيات والقدرات والثقافات والبيئات التعليمية؛ مما سيساعد على إعطاء تصور أفضل للتعليم في ظل الجائحة ومن ثم التخطيط الجيد له مستقبلًا. ومن ثم مقارنة تلك الدراسات في السلطنة والوطن العربي بالدراسات العالمية  التي تناولت التعليم في ظل وجود الجائحة؛ لتكون الصورة أكثر وضوحًا في وضع الخطط المستقبلية في مجال التعليم بناءً على تلك الدراسات.

- زيادة وتيرة دعم وتعزيز البنية التحتية في مجال استخدام التكنولوجيا في التعليم المدرسي من خلال توفير وتقوية شبكات الإنترنت وتوفير الأجهزة الحاسوبية والذكية الحديثة، وبالتشارك ما بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص والجمعيات الأهلية والتطوعية.

- تكثيف الدورات التدريبية للمعلمين والطلبة حول تطوير مهارات التعامل مع التقنيات التعليمية وتنويعها والتخطيط لها. وهنا يمكن الرجوع إلى المقال الذي حمل عنوان إلى متى والمنشور في الثالث عشر من شهر ديسمبر من العام الميلادي 2020 في جريدة الرؤية العمانية، والذي يحمل بعض الأفكار في سبيل تحقيق ذلك.

- دعم جهود ومبادرات المعلمين المتميزين في استخدام التقنيات التعليمية في التدريس، والاستفادة من خبراتهم، وتكريمهم على مستوى المحافظة والسلطنة.

- إدراج البحث العلمي ضمن المنهج الدراسي للطالب؛ حتى يتسنى له فهم البحث العلمي وأدواته وكيفية التعامل معه مما سيساعد على دقة البيانات التي يكون مصدرها طلبة المدارس، والتي في بعض الأحيان تقل فيها دقة البيانات لقلة وعيهم بماهية البحث العلمي.

والله الموفق.

 

 

 

 

 

 

تعليق عبر الفيس بوك