تهنئة عيد الفطر المبارك

حمدان بن سيف الضوياني (أبو سعود)

"لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ"

لهذه الآية الكريمة مدلول عام وشامل للحياة؛ لأن الدين منزهٌ عن الإكراه للإنسان، وجاء التأكيد "قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ"؛ أي من الفوضى والعجرفة والتعسف والتسلط والظلم، وإجبار الإنسان لأخيه الإنسان.

وجاءت العديد من الآيات تؤكد ذلك: (وَإِذۡ قَالَ رَبُّكَ لِلۡمَلَٰۤىِٕكَةِ إِنِّی جَاعِلࣱ فِی ٱلۡأَرۡضِ خَلِیفَةࣰۖ قَالُوۤا۟ أَتَجۡعَلُ فِیهَا مَن یُفۡسِدُ فِیهَا وَیَسۡفِكُ ٱلدِّمَاۤءَ وَنَحۡنُ نُسَبِّحُ بِحَمۡدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَۖ قَالَ إِنِّیۤ أَعۡلَمُ مَا لَا تَعۡلَمُون) سُورَةُ البَقَرَةِ: 30.

انظر إلى هذا الحوار الراقي، وقد جاء في آية أخرى (وَلَقَدۡ كَرَّمۡنَا بَنِیۤ ءَادَمَ وَحَمَلۡنَٰهُمۡ فِی ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِ وَرَزَقۡنَٰهُم مِّنَ ٱلطَّیِّبَٰتِ وَفَضَّلۡنَٰهُمۡ عَلَىٰ كَثِیرࣲ مِّمَّنۡ خَلَقۡنَا تَفۡضِیلࣰا) سُورَةُ الإِسۡرَاءِ: 70.

وهذا الحوار والتكريم لإنسان نفهم منه أن الإنسان مخير في فكره وثقافته الإنسانية، ومبادئه وقيَمه، وعاداته الاجتماعية، وتقاليده، وأعرافه، ولكن هذه الحرية وهذا التكريم الذي مُنح إياه لا يعني أبدًا التعدي على الآخر، والانفلات من سنن الحياة الاجتماعية؛ لأن الحرية أكثر تقيدًا وأكثر التزامًا في المجتمع الإنساني، خاصة حرية الفكر والعقيدة والكلمة، والثقافة والإيمان والمبادئ والقيم الدينية والحقوق المجتمعية.

إذن لا تجبرني على شيء؛ بل اسمع رأيي وأسمع رأيك، وأنت غير ملزم فيما أطرحه وأقوله، وأنا غير ملزم فيما تطرحه وتقوله؛ حيث لك رأي ولي رأي، والحياة مشتركة والقواسم موجودة بيننا، والوطن يسع الجميع، والمعبود هو الله الواحد الأحد، وقرآننا واحد ونبيننا واحد، وديننا الإسلام.

علينا أن نبتعد عن النعوت والصفات التي تؤثر على النفوس في البغضاء والكراهية مثل: التكفير، والإلحاد التي تخرجنا عن الملة الإسلامية؛ لأنك لا تملك الحقيقة المطلقة، ولا أنا أملكها، ولكل مجتهدٍ له نصيب بقدر ما يملك من ملكات العلمية والفكرية والثقافية للمجتمع.

دعنا نعيش مع بعضنا بعضًا، وإن اختلفنا في الرأي، بأمن وأمان في الأخوة، والمحبة، والسلام وفي الجيرة، والمسجد، والمصنع والمدرسة والمعهد والجامعة، وتحت قبة البرلمان الواحد، وعلينا أن نسعى جميعًا في تطوير الوطن وتقدمه في الإنتاج والتصنيع، والحرية والديموقراطية، والعدالة والمساواة، فجميعنا مواطنون صالحون.

ولا شك أن الجهل والتخلف والفقر والمرض هو نتاج ما كسبت أيدي الناس.

وإننا لنرجو الحرية والنضال لفلسطين العربية وشعبها المناضل العظيم، فالنصر آتٍ آتٍ لا محال، والاندحار والهزيمة والعار للمحتل الصهيوني، وتعيش فلسطين حرة عاصمتها القدس العربية.

إنه لمن الشرف العظيم أن أتقدم بالتهنئة لإخوتي وأخواتي وبناتي وأبنائي بمناسبة عيد الفطر المبارك؛ حيث تغمرني روحانية المناسبة بالفرحة وبشعور القرب والمحبة والسلام، ولمن القلب إلى القلب وأدعو الله العلي القدير أن يعيدها علينا جميعًا ونحن ننعم بالصحة والعافية مقترنة بالإنجازات والتقدم للوطن.

حفظ الله عُمان وشعبها الأبي من كل شر ومكروه.

وكل عام وأنتم بخير.. وتحيا عُمان!

تعليق عبر الفيس بوك