حرب أوكرانيا والدماء العربية!

 

عبدالعزيز المنوري

ازدواجية واضحة يظهرها العالم الغربي منذ أن اندلعت الحرب بين روسيا وأوكرانيا، ففيما يغض الطرف على ممارسات الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة وتحديدا في القدس الشريف، يصرخ ويتحدث عن حقوق المستضعفين في الحرب الروسية الأوكرانية.

فبعد إطلاق روسيا لعمليتها العسكرية ضد أوكرانيا، كثرت تساؤلات عربية فلسطينية حول ازدواجية موقف الدول الغربية وهيئات الأمم المتحدة في التفريق بين الموقف المتخذ من حرب كييف والعمليات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين داخل غزة.

الغرب يتعامل مع القضية الفلسطينية كقضية عربية خاصة وأن لها تاريخ وأسباب كثيرة تعود لفترة مديدة ويتعامل المجتمع الغربي مع العرب والفلسطينيين كبشر أقل مكانة ورفعة عنهم، وأن بعض رؤساء العالم وصفوا العملية الروسية بلغة قوية وصحيحة عندما وصفوا أفعال الرئيس فلاديمير بوتين بأنها "جرائم ضد الإنسانية"، ولكنهم لم يستخدموا نفس اللغة وكانوا متخوفين وحذرين في وصف الإجرام بحق الإنسانية الذي ترتكبه إسرائيل ضد الفلسطينيين والتي تعتبر غير إنسانية لما فيها من تعدٍ على حياة ناس أبرياء.

العالم يشهد على ما فعلته إسرائيل من الاعتداء الوحشي وغير الإنساني بحق سكان غزة في آخر قتال عسكري، في ذلك الوقت لم ينطق أي قائد لوصف ذلك بالإرهاب، ولم تفرض هيئات الأمم المتحدة ولا زعماء العالم أي عقوبات على إسرائيل.

خلال عدة أيام فقط، فرض العالم الغربي الكثير من العقوبات على روسيا ورئيسها، في المقابل بعد 70 عاماً من إذلال الفلسطينيين، لم يقُم الرؤساء بأي من الإجراءات ضد إسرائيل، بحجة أنه من غير المفيد فرض عقوبات على تل أبيب! أم أن الدم الأوكراني أغلى من الدم الفلسطيني؟!

لسنين كانت سياسة كرة القدم العالمية هي عدم تدخل كرة القدم في السياسة وأنها لتقريب الشعوب مع بعضها ورسالة سامية عالمية، جماهير نادي سيلتك الأسكتلندي رفعت علم فلسطين في المدرجات تمَّ تغريم النادي 12600 ألف جنيه إسترليني باعتبار هذا العمل رسالة تحريضية مستفزة، ولكن جماهير نوادٍ مختلفة ترفع علم أوكرانيا يعتبر هذا تضامن، أيضا فرضت الفيفا عقوبات على المنتخب الروسي وتم طرده من كأس العالم 2022 في قطر، بعدها قال قائد فريق منتخب روسيا: "أرفض فكرة الحرب لكن هناك أشياء لا أفهمها لماذا كانوا يرددون كل تلك السنوات الماضية بفصل السياسة عن الرياضة والآن يعاقبون كل الرياضيين الروس".

تعدد أسباب هذه الازدواجية، ينظر الغرب إلى أن الشعب الأوكراني ذا العيون الزرقاء والشعر الأشقر ويتم قتلهم مع أطفالهم يوميا بصواريخ بوتين أن هذا ظلم ويميلون إليهم بعاطفية كبيرة أيضاً أن أوكرانيا دولة أوروبية غربية وليست متعودة على ذلك مثل فلسطين والعراق وسوريا.

تكمن قيمة المبادئ العالمية عندما يتم تطبيقها على الجميع دون تحيز، ويظهر ضعف هذه المبادئ في الغرب بسبب تحيزه في تطبيقها بناء على مصالحه.

إدانة أي عدوان من قبل أي دولة يعكس سياستها الخارجية ويبنيه بردود أفعال العالم من احترام، وتطبيق العدالة يعزز صورتها في أذهان العالم على أساس حمايتها للمبادئ الإنسانية والدفاع عن حقوق الناس.

أما الدولة التي تدين عدوان على بعض الشعوب لمجرد أنهم من نفس لون البشرة أو العين أو أنهم يتشابهون وتتجاهل دول ليس لها نفس الخصائص لا تستحق الاحترام، وبهذه الازدواجية تخسر حب واحترام الشعوب لها.

رجل أوكراني يفجر نفسه في موقع تجمع الجيش الروسي يتم تقديره وتمجيده وتكريم أهله ووضعه في لوائح الشهداء الأوفياء الذين ضحوا بحياتهم دفاعاً عن وطنهم وحريته واستقلاله، مقابل رجل فلسطيني يفجر نفسه في دبابة إسرائيلية ليحمي وطنه وأهله ويحررهم من الاحتلال يتم وصف الفعل بالإرهاب، من هذه أيضًا تظهر الازدواجية في العالم الغربي.

أوجه الشبه بين الحالتين كثيرة، أما بالنسبة للخلافات فأهمها أن الغرب يهدف إلى استنزاف روسيا واستنزاف قدراتها وإجبارها على الانصياع والابتعاد عن أوكرانيا بعكس الهدف تجاه إسرائيل، كلتا الحالتين في استمرار وسنشهد أحداثا ازدواجية كثيرة وميولا عاطفيا تجاه أوكرانيا وسيستمر هذا التعاطف، فقدان ذلك في القضية الفلسطينية لم يؤثر فالشعب الإسلامي وراء هذه القضية وكل العالم شهد ذلك وعلينا جميعا الوقوف وراء هذه القضية ودعمها باستمرار لتحريرها من العدو الإسرائيلي وبغض الدول الغربية وازدواجيتهم تجاه العرب.

تعليق عبر الفيس بوك