الخروج عن الأمن القانوني كارثة!

 

ظافر بن عبدالله الحارثي

dhafiralharthi@gmail.com

 

الأمن القانوني مبدأ مهم يترتب عليه قيام المجتمع وبناء الدولة القانونية، وكذلك التزام السلطات العامة في الدولة لتحقيق قدر نسبي من الثبات للعلاقات القانونية، وحد أدنى من الاستقرار للمراكز القانونية، كل ذلك بهدف إشاعة الأمن والطمأنينة بين الأفراد، بحيث على إثرها يتصرف الأفراد باطمئنان على هدي قواعد قانونية منظمة دون التعرض لمُفاجآت أو ممارسات يكون من شأنها زعزعة هذه الطمأنينة والاستقرار.

ويعد الأمن القانوني شرطاً من شروط جودة القانون، وأراه شرطا من شروط جودة الحياة كذلك، فهذا الأمن ليس فقط له علاقة بكافة المجالات التي في مقدمتها الأمن القضائي، بل يترتب عليها الانتقال بالأفراد لمستويات تتسم بالرقي والتقدم والازدهار، وذلك على اعتبار أنَّه يستبعد خطر عدم الاستقرار وانعكاسات  التغيير المفاجئ، ويرسي نظامًا قويًا يبنى عليه باقي البناءات.

ومن مقتضيات هذا الأمن العلم بالقاعدة القانونية، وذلك يتأتى باستخدام لغة واضحة لا تحتمل التأويل تسمح للأفراد من خلالها بإدراك الحقوق والواجبات، ومعرفة الإجراءات وأحكامه، حتى يتمكنون على أثره من التخطيط، ورسم الآمال، بناء الأهداف وتنفيذها، إبرام التصرفات، والقدرة على خلق حالة قانونية بموجبها يستطيعون إشباع حاجاتهم المختلفة والمتعددة الضرورية منها والكمالية، فالقانون هو إرادة الأمة، وتعبيرا لحاجاتها، والأمن لا يقتصر فقط في بسط تشريع قوي، بل في إيجاد منظومة عدلية متكاملة متناسبة، تقوم بواجباتها من ناحية، وتشجع وتحفز وتحترم وتساعد الأفراد من ناحية أخرى.

ومن الناحية التطبيقية، فإن هذا الأمن يفرض على الهيئات الحاكمة الحكم على أساس القانون، مراعية في ذلك تدرج القواعد القانونية، وسيادة القانون في كل التصرفات ومن جميع الأشخاص سواء الطبيعية أو الاعتبارية، بل وتضمن بتر كل تدخل وخروج لذلك مهما كانت الأسباب والاستثناءات، والحرص على عدم تضخم التشريعات وتبعثرها، وسرعة الإنجاز، وغرس الوعي القانوني في كل فرد.

إن فكرة الأمن القانوني ورسالتها عميقة، كما إنها ما زالت تشكل موضوعًا شيقًا ودائما للدراسات والأبحاث، ولكن في المُقابل جوهرها بسيط مقترن بالإنسان ومتماشية مع الفطرة والمنطق، وإن فكرة زوالها خطيرة جدًا كون أنها تبدأ بالاستثناءات والتساهل وتتدرج شيئًا فشيئًا حتى تصبح ممارسة وظاهرة تشكل خروجًا عن الأمن القانوني، والتي ما إن هيمنت سوف يكون من الصعب جدًا الرجوع لها مرة أخرى.

تعليق عبر الفيس بوك