المعضلة الغذائية

 

فاطمة هبيس الكثيرية

أخبار متداولة ومنتشرة كانتشار النار في الهشيم عن أزمة غذائية محتملة تزامناً مع هجوم روسيا على أوكرانيا، هذه الأخبار نجد لها صدى على أرض الواقع بارتفاع بعض السلع الغذائية عالمياً.

ولا يخفى على الجميع أن روسيا وأوكرانيا تنتجان ما يقرب من ثلث صادرات القمح في العالم، ما يعني أن قطع الشحنات الدولية من القمح بسبب الحرب؛ سيؤدي إلى نقص القمح، ورفع سعر المحصول، وهذا يعني أن الطبقة الفقيرة لن تستطيع شراء القمح، أو على الأقل لن تستطيع توفير ما يلزمها من هذا المحصول المهم لتسد رمقها.

ومجرد التفكير بهذا الاحتمال أمر مقلق للغاية فالغذاء وقود الحياة؛ فالإنسان لا يستطيع الصمود لفترة طويلة بدون غذاء.

فهناك إجماع بين الأطباء بأن الإنسان الذي يتمتع بصحة جيدة يستطيع البقاء دون طعام لمدة ثمانية أسابيع، وعلى النقيض قد يموت آخرون في أقل من هذه المدة.

وتقف عدة أسباب خلف ذلك:

-العامل النفسي الذي يختلف من شخص إلى آخر ومدى قدرته على التحمل وتمسكه بالحياة وقوة الإرادة.

-الطقس عامل آخر مهم جدا حيث إن الطقس الحار يؤدي للجفاف مما يؤدي إلى فقدان الماء في الجسم.

-أيضا البرودة الشديدة تؤدي إلى حرق الجسم للمواد الغذائية للحصول على الطاقة.

ومهما اختلفت القدرة على البقاء من شخص لآخر فالنتيجة، واحدة زيادة احتمال الإصابة بالأمراض.

أما نقص الماء فهذا أشد خطورة فالماء شريان الحياة، وقد قال تعالى (وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ). وبما أننا نخسر الماء بشكل سريع عن طريق التعرق والتبول وحتى التنفس فهذا سيؤدي إلى ارتفاع حرارة الجسم، فيصاب الإنسان بجفاف الجلد وتسارع ضربات القلب وبالتالي انخفاض ضغط الدم ونتيجة لذلك لن يستطيع الصمود كثيرًا.

ومن أجل تفادي وصول البشرية إلى هذه الحالة؛ فوجب على الجميع البحث عن حل قبل وقوع الأزمة، وبما أننا في بلد غني بثرواته الطبيعية التي حباها الله بها فعلينا جميعا التكاتف مع الحكومة الرشيدة للحفاظ على هذه الثروات العظيمة التي إن حافظنا عليها، واستغللناها أفضل استغلال فستمر الأزمة علينا مرور الكرام أو كالضيف الخفيف.

ومن هنا وجب على أصحاب الأراضي الزراعية المحافظة عليها وزراعتها بكل المحاصيل الممكنة والعناية بها، وتشغيل أبنائهم العاطلين عن العمل في مزارعهم أو حتى الطلاب في الفترة المسائية فسنضرب عصفورين بحجر واحد؛ الاستعداد لأي كارثة قادمة في نقص الغذاء وأيضا سيتشرب أبناؤنا خبرات في الزراعة وحب الأرض وتمسكهم بها، وأيضاً تكون مصدر رزق لهم كما أنهم سينشغلون عن أماكن اللهو وتضييع الوقت في ما لا يفيد.

كما يجب على أصحاب الثروات الحيوانية عدم إهمال هذه الثروة، وهذا الكنز الذي بين أيديهم لأنها قد تصبح هي سبب بقائهم على قيد الحياة بسبب كثرة الفوائد العائدة عليهم من منتجاتها المختلفة، فمن المعروف للجميع كثرة إدرارها للحليب، وخاصة في محافظة ظفار الغنية بهذه الحيوانات والجميع يدرك أهمية الحليب للجميع، وخاصة الأطفال وكبار السن بجانب صناعات أخرى مثل الأجبان والزبدة والسمن والروب واللبنة والقشطة وغيرها وكما أن هناك بعض الطبخات القائمة على الحليب وخاصة للأطفال وكبار السن.

وطبعاً اللحوم الحمراء التي لا غنى عنها والتي تدخل في أصناف عديدة من الأطعمة والطبخات اللذيذة. كما يمكن تجفيف اللحم والاحتفاظ به لمدة طويلة خارج الثلاجة.

ويجب عدم ترك هذه الحيوانات سائبة في الشوارع أو الجبال دون راع مما يؤدي إلى الحوادث، أو سقوطها في الوديان من أماكن مرتفعة جدا فهذه خسارة وإهدار كبير لهذه الثروة. وعلى أصحاب الحرف اليدوية العمل على تطوير هذه الحرف وتجديدها وإتقانها بشكل محترف، فقد تكون هي مصدر رزقك الذي يجعلك تعيش بكرامة.

كما يجب تعليم أطفالهم هذه الحرف فهي تنمي مهاراتهم، وخاصة في أوقات الفراغ، كما أنها ستكون وسيلة جيدة لانشغالهم بما ينفعهم، وتنشيط عقلياتهم التي سيطرت عليها الألعاب الإلكترونية، كما أنها ستخفف عليهم صدمة انقطاع الإنترنت لو حصل هذا الأمر خاصة وأنهم ادمنوا السوشيال ميديا والألعاب الإلكترونية.

وفقنا الله وإياكم إلى مستقبل آمن ورؤية عميقة تتعدى التركيز على القشور السطحية والمظاهر الخداعة.

تعليق عبر الفيس بوك