في رحاب سماحة الشيخ

 

د. صالح العريمي

إلى فضيلة الشيخ الكبير والعالم المُبجل مُفتي وطننا الحبيب سلطنة عُمان، سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي.. أبعث لكم بتحية مُفعمة بالإجلال والاحترام، ملؤها الحب والعرفان لشخصكم الكريم.

وبعد.. يسرني أن أسطر بقلمي بعض ما يجول بخاطري من تقدير واحترام وإشادة بمواقفكم النبيلة ومساعيكم النَّيرة، وأنتم تسلكون نهج الوسطية وعدم الغلو في الدين، وتعملون على نشر روح المحبة والتسامح في وطننا العزيز سلطنة عُمان؛ حتى جعلتم العمانيين كالبنيان المرصوص، تجمعهم صلاة واحدة وإمام واحد والكل خلفه مهما اختلفوا في المذاهب، وذاك يشهد به زائرو وطننا الغالي والأجانب المقيمون به... كل ذلك بفضل فتاواكم التي أصبح من خلالها الكل كالجسد الواحد، فهذا شرف عظيم بالنسبة لنا، نعتز به، ويغشى صدورنا المليئة بكل الود والحب لشخصكم الكريم.

كما لا يسعني في هذا المقام إلا أن أشيد بما عبَّرتم عنه سابقاً وفي الكثير من المناسبات عن وقوفكم الدائم إلى جانب القضية الفلسطينية، ومناصرتكم الحق، وإشادتكم بالأبطال الشرفاء الذين يذودون عن حماهم لردع العدو الإسرائيلي وحماية المُقدسات الإسلامية، وعلى رأسها القدس الشريف. والحق أنَّ مواقفكم بخصوص هذه القضية تند عن العد، إذ حماسكم تجاهها منقطع النظير، وحبكم للمُقدسات الإسلامية وقدس أقداسها الركبان به تسير؛ وذاك ما جعل الكثير من المُهتمين بها يشيدون بما عبّرتم عنه من قول وفعل، مما زادهم قوة وإصراراً لنصرة إخوتهم في الداخل الفلسطيني، والوقوف مدافعين عن القضية الفلسطينية، ناهيك عن أنَّ العديد من العلماء والمفكرين قد استناروا وأشادوا بمواقف فضيلتكم التي تصدر اتجاه هذه القضية، ووقوفكم سدا حامياً ومانعًا لها ولأمة الإسلام، ضد كل عبث بقضاياها ومبادئها كما هو معروف عنكم.

أما فيما يخص وقفتكم الجريئة ضد الإساءة إلى رسول الأمة وخاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلم، فالقاصي والداني يشهد بها، والعدو قبل الصديق يفهم معانيها ويعي مقاصدها؛ إذ كانت تصريحاتكم وفتاواكم ذات صدى كبير في نفوس الرافضين لهذه الهجمة الشرسة ضد نبينا صلى الله عليه وسلم، فما زادت مواقفكم محبي رسولنا الأعظم إلا إيمانًا وقوة، والمضي قدمًا للتصدي لهذه الهجمات التي يدبرها المعادون لديننا، والحاسدون لنا، لما نعيشه في ظل ديننا الإسلامي الحنيف من قيم تسامح وتعايش وعدالة ورقيّ في الأخلاق والمُعاملة الحسنة، فكانت كلماتك حتمًا كالسهام في صدور الأعداء المغرقين في كراهية المسلمين، والمتطاولين على نبي الإنسانية سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، تماماً كما كانت عباراتكم مسهمة في إيقاف سيل هذا التعدي على رموز الإسلام.

كما أثلج صدورنا ترحيبكم بعودة مسجد آيا صوفيا لما كان عليه سابقاً أيام بنائه، فقد زادت فرحتنا بترحيبكم ورحابة صدركم الذي انتشر بسرعة بين المحبين لك والمتابعين لمواقفك الصادقة وفتاواك القيمة، وقد تابعنا بعض القنوات التي أشارت وأشادت بكل ذلك؛ فكانت مواقفكم ظاهرة تستحق الوقوف عندها، خاصة وأننا في زمن يسير فيه بعض فقهاء الأمة في ركب الحكومات التي يعملون معها، فيدورون في فلكها حيث دارت، غير عابئين بما عليهم اتخاذه من مواقف حازمة لنصرة الإسلام والمُسلمين وإشاعة قيم التسامح والنبل الإسلامية.

وإنني مقتنع تمام الاقتناع بأنَّ وقوفكم إلى جانب ذوي الحقوق نابع من مواقفكم بضرورة إعطاء الحقوق إلى أصحابها، مهما بعدت المسافات والأزمنة، فهذه عقيدتكم التي عهدناها من فضيلتكم منذ زمن بعيد، ولا زالت سراجًا منيرًا في سماء عالمنا الإسلامي.

أما وقفتكم الجريئة العادلة ضد التطبيع الصهيوني مع بعض الدول العربية، فقد أثلجت صدورنا، وأفرحت الكثير من العرب المُسلمين، كما كان موقفكم الرافض لهذا التطبيع ولعدم المساومة على الأقصى الشريف ووجوب تحريره وما حوله من أي احتلال باعتباره واجباً مقدساً على جميع المسلمين؛ كالسهام القاتلة للمطبلين للتطبيع.

شيخي النبيل الكريم.. حقيقة تضيق عباراتي المسطرة هاته عن الإحاطة ببحر مواقفكم الجليلة، ومكارمكم النبيلة، وفتاواكم التي تعد جامع جوامع العلم والمعرفة، ومعارفكم المشرفة المشهود لها والمعروفة على امتداد العالم الإسلامي، ونهجكم النبيل المبني على عدم الغلو في الدين والتسامح والمحبة بين الشعوب، ونصرتكم للقضايا الإسلامية والعربية التي يشهد لها المحبون لكم والمتابعون لمواقفكم... إننا نبتسم عندما ترتسم ابتسامة على محياك، فتبعث فينا روح الأمل والتفاؤل، تماما كما تدمع قلوبنا قبل عيوننا حين ننظر إليك وقد اغرورقت عيناك بالدمع، حين تشدك بعض المواقف، وتقف في تفسيرك لها على أعتاب كتاب الله تعالى وسنة نبيه.

أرجو من الله العلي القدير أن يمدكم بالصحة والعافية، وأن يُطيل عمركم، ويجعلكم كما عهدناكم وشهدنا سدا مانعا وحاميا لأمة الإسلام ولكتاب الله وسنة نبيه. فلكم مني كل التحايا والتقدير يا شيخي سماحة المفتي العلّامة. والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

تعليق عبر الفيس بوك