المُعلم محمد عبدالعزيز يفتح لـ"الرؤية" صفحات من تاريخ التعليم في عُمان

...
...
...
...

الرؤية- فيصل السعدي

لم يكن الأستاذ القدير محمد عبدالعزيز، من دولة فلسطين الشقيقة، يُدرك عندما تخرج عام 1975 من معهد الحسين الزراعي "الخضوري" في الضفة الغربية، في تخصص رياضيات وعلوم، أن الأقدار ستأتي به إلى سلطنة عُمان، للعمل في مهنة التدريس والمشاركة في بدايات مسيرة التعليم في عمان، ليُكتب اسمه ضمن قائمة طويلة تضم أوائل المعلمين العرب الذين حضروا إلى السلطنة لتعليم العمانيين مختلف العلوم والمناهج.

عبدالعزيز تحدث إلى "الرؤية"؛ حيث فتح صفحات من تاريخ التعليم في عمان، وخاصة في مراحله الأولى التي رفعت شعار "التعليم ولو تحت ظل شجرة". ولا شك أن القدر ساهم في قدوم الأستاذ محمد عبدالعزيز إلى عُمان، فرغم أن المعهد الذي تخرج فيه لم يكن يسمح لخريجه بالعمل خارج الحكومة، إلا أنه عندما فُتح الباب أمام بعثة إعارة للعمل في عمان، أجرى مقابلة، وتعرف على الأستاذ حسن سومار، الذي سأله عن تخصصه وخبراته، وأخبره أن عمان تحتاج إلى هذا التخصص، والسفر سيكون في اليوم التالي إلى سلطنة عمان، وقدم عقد العمل لتوقيعه براتب أساسي في ذلك الوقت 90 ريالًا عمانيًا. ويقول الأستاذ عبدالعزيز: "بعد توقيعي العقد تبقى لي مراجعة الوزارة لإعطائي تذكرة السفر إلى سلطنة عمان، وبعد أسبوع حصلت على التذكرة، وعند وصولنا مطار السيب الدولي (وقتذاك)، كانت السيارات من نوع "لاندروفر" والتي نقلتنا إلى المدرسة السعيدية، وفي اليوم الثاني قالوا لنا سنذهب إلى المنطقة الشرقية للتدريس هناك". ويضيف: "في ظهر اليوم الثاني تحركنا إلى دوار نزوى الذي يسمى الآن باسم دوار برج الصحوة، وكان الشارع إلى الداخلية والشرقية غير معبد وكان من التراب والصخور، وما زلت أتذكر تلك الرمال التي تجتاح الشارع فجأة، وصعوبة السير في شارع غير واضح المعالم يشق الصحراء، وبعد تعب وصلنا ولاية صور في الساعة 12 ليلًا، وكان سكن المعلمين بجوار البحر". ويوضح الأستاذ عبدالعزيز أن المسؤولين في ذلك الوقت أخبروه أنه سيذهب إلى ولاية الكامل والوافي، فيقول: "عند ذهابي إلى مدرسة قتيبة بن مسلم وجدتُ 7 مدرسين من الأردن هناك، وكانت منطقة الكامل عبارة عن استراحة للمسافرين من وإلى مسقط، وفي بعض المرات أنا وزملائي المدرسين نستقبل المسافرين لتوفير ما يلزمهم من طعام وشراب". ويزيد قائلاً: "كانت المدارس للبنين والبنات، وكان الطلاب يأتون إلى المدرسة مع آبائهم الذين كان عدد منهم يلتحقون بفصول تعليم الكبار، ولم نواجه صعوبة في تعليمهم لأنهم كانوا يحفظون القرآن الكريم".

وعن ذكرياته مع طبيعة المعيشة في ذلك الوقت، يقول: "أنا وزملائي المعلمين كنا نشتهي أكل الخبز، فكنا نعد الخبز بأنفسنا، حيث نشتري كيس الطحين وبعض الطلبة يجلبوا لنا حطب السمر على ظهر الحمار". ونظرا لشغفه الكبير بالزراعة، حرص الأستاذ عبدالعزيز على جلب بذور الطماطم والبطاطا الحلوة وبعض الخضراوات لزراعتها أمام سكن المعلمين الذي كان يقطن فيه.

ومن اللحظات السعيدة التي يفخر بها الأستاذ عبدالعزيز أنه كان يرى نتاج جهده في تفوق طلابه، حيث يؤكد أن العديد من الطلاب الذين تتلمذوا على يديه تخرجوا في تخصصات الهندسة والطب، وهناك بعض الطلبة من كان يحقق مراكز متقدمة على مستوى السلطنة.

وقضى الأستاذ عبدالعزيز في مسيرة التدريس في عمان قرابة 21 سنة، بين مدرسة قتيبة في منطقة الكامل ومدرسة حفص راشد في ولاية السيب ومدرسة موسى بن نصير في منطقة الخوض، ثم انتقل إلى التعليم الخاص في آخر 3 سنوات من مسيرته.

وعبر الأستاذ عبدالعزيز عن انبهاره بما حققته السلطنة من تقدم مذهل، مشيدًا بالتعامل الراقي من العمانيين في كل مكان زاره وعاش فيه.

 

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة

z