"الحرب قد تندلع في أي لحظة".. أمريكا تتأهب لغزو روسي لأوكرانيا "في أي يوم من الآن"

واشنطن- رويترز

قال جيك سوليفان مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض اليوم الجمعة إن هجوما روسيا على أوكرانيا قد يحدث في أي يوم من الآن وسيبدأ على الأرجح بهجوم جوي.

وأضاف سوليفان، الذي كان يتحدث في إفادة بالبيت الأبيض، أن أي أمريكيين ما زالوا في أوكرانيا عليهم المغادرة في غضون 24 إلى 48 ساعة، لأن وقوع هجوم جوي روسي سيجعل المغادرة أمرا صعبا.
و قالت الحكومة الأمريكية اليوم الجمعة إن روسيا ما زالت تعزز قواتها على حدود أوكرانيا بمزيد من الحشود، وإن الغزو قد يحدث في أي وقت، ربما قبل نهاية دورة الألعاب الأولمبية في فبراير الجاري. 

من جانبها، تشددت موسكو في موقفها من المساعي الدبلوماسية الغربية لنزع فتيل الأزمة، وأكدت رفضها للردود التي أرسلها الاتحاد الأوروبي وحلف الأطلسي هذا الأسبوع على مطالبها الأمنية معتبرة أن تلك الردود تنم عن "عدم احترام".  وأظهرت صور التقطتها الأقمار الصناعية ونشرتها شركة أمريكية خاصة موجات انتشار جديدة للجيش الروسي في عدة مواقع بالقرب من أوكرانيا. 

وفي أقوى رسالة تحذير يوجهها الرئيس الأمريكي جو بايدن حتى الآن للأمريكيين في أوكرانيا للمغادرة فورا، قال إنه لن يرسل قوات لإنقاذ الأمريكيين في حالة وقوع هجوم روسي.  وأضاف بايدن لشبكة (إن.بي.سي) نيوز "يمكن للأوضاع أن تتدهور بسرعة". 

ومن المقرر أن يجري بايدن مكالمة هاتفية لبحث الأزمة مع زعماء بريطانيا وكندا وفرنسا وألمانيا وبولندا ورومانيا، فضلا عن قادة حلف الأطلسي والاتحاد الأوروبي. 

وقال مصدر مطلع إن الرئيس الأمريكي اجتمع مع مستشاريه للأمن القومي في غرفة العمليات بالبيت الأبيض مساء أمس الخميس. وأوضح المصدر أن لهجة موسكو تزداد شدة، وأن روسيا سيرت ست سفن حربية في البحر الأسود وأضافت المزيد من المعدات العسكرية في روسيا البيضاء، مما دفع المسؤولين الأمريكيين للاعتقاد بأن الأزمة وصلت فيما يبدو إلى مرحلة حرجة.

وفي موسكو، نقلت وكالة إنترفاكس للأنباء عن بيان لوزارة الدفاع الروسية أن رئيس الأركان الروسي فاليري جراسيموف ونظيره الأمريكي الجنرال مارك ميلي أجريا محادثات عبر الهاتف تناولت الأمن الدولي. 

وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن اليوم الجمعة "نحن في مرحلة يمكن أن يبدأ فيها الغزو في أي وقت، ونقول بوضوح، إن هذا قد يحدث خلال الأولمبياد". 

وتختتم دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين يوم 20 فبراير.  أضاف بلينكن "الأمر بمنتهى البساطة، أننا ما زلنا نرى مؤشرات مقلقة للغاية تدلل على تصعيد روسي، بما في ذلك وصول قوات جديدة إلى الحدود الأوكرانية". 

ومع اتساع دائرة القلق، طلبت اليابان وهولندا أيضا من مواطنيهما اليوم الجمعة مغادرة أوكرانيا فورا. وسيتم سحب البعثة الدبلوماسية الهولندية من كييف ونقلها بعيدا عن الحدود الروسية إلى لفيف في غرب أوكرانيا. 

وقالت إسرائيل إنها تقوم بإجلاء أقارب طاقم سفارتها في كييف بسبب "تفاقم الوضع". وحث بيان لوزارة الخارجية الإسرائيليين على تجنب السفر إلى أوكرانيا كما دعا الموجودين هناك إلى "عدم التواجد في مناطق التوتر". 

كانت روسيا حشدت بالفعل أكثر من 100 ألف جندي قرب أوكرانيا، وبدأت هذا الأسبوع مناورات عسكرية مشتركة في روسيا البيضاء المجاورة ومناورات بحرية في البحر الأسود.  وتنفي موسكو أي نية لغزو أوكرانيا، لكنها توضح أنها ربما تلجأ لاتخاذ إجراء "عسكري تقني" لم تحدده في حالة عدم تلبية جملة من المطالب، من بينها وعد من حلف الأطلسي بعدم ضم أوكرانيا مطلقا وسحب قواته من شرق أوروبا.  

قلة احترام

 ويقول الغرب إن المطالب الرئيسية غير منطقية ولا يمكن تلبيتها. وقدم الاتحاد الأوروبي وحلف الأطلسي ردودا مشتركة هذا الأسبوع، قائلَين إن الدول الأعضاء في الحلف والاتحاد اتفقت على التحدث بصوت واحد.  وقالت وزارة الخارجية الروسية اليوم الجمعة إنها طلبت ردودا بصورة منفردة من كل دولة على حدة ووصفت الرد الجماعي بأنه إهانة.  أضافت الوزارة "لا يمكن النظر إلى هذه الخطوة من منظور آخر سوى أنها علامة على انعدام الأدب الدبلوماسي وعدم احترام طلبنا". 

وشرعت عدة دول غربية في مساع دبلوماسية هذا الأسبوع لإقناع روسيا بالتراجع، لكن موسكو تجاهلتها، ولم تقدم أي تنازلات للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي زار روسيا يوم الاثنين وسخرت علانية من وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس التي وصلت أمس الخميس. 

وكان وزير الدفاع البريطاني بن والاس آخر مسؤول غربي رفيع يطرق أبواب موسكو.  وأبلغه نظيره الروسي سيرجي شويجو أن روسيا سترد في القريب العاجل على رسائل الأطلسي والاتحاد الأوروبي.

وقال والاس إن شويجو كرر تأكيدات روسيا أنها لا تخطط للغزو.  ولم تثمر محادثات رباعية في برلين بين روسيا وأوكرانيا وألمانيا وفرنسا عن خطوة واحدة للأمام أمس الخميس.

وكانت المحادثات جزءا من عملية سلام طويلة الأمد في الصراع بين أوكرانيا وانفصاليين مدعومين من روسيا.  قالت باريس وكييف إن الوفد الروسي طلب من أوكرانيا التفاوض مباشرة مع الانفصاليين، وهذا المطلب "خط أحمر" ترفضه أوكرانيا منذ بدء الصراع في 2014.  وقال وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا "إذا وافقت أوكرانيا على ذلك، سيتغير موقف روسيا من طرف في الصراع إلى وسيط فيه". 

مواقف متضاربة

 وقالت شركة ماكسار تكنولوجيز، التي مقرها الولايات المتحدة وترصد حشود القوات الروسية منذ أسابيع، إن صورا التقطت يومي الأربعاء والخميس تظهر موجات انتشار جديدة للقوات في غرب روسيا وروسيا البيضاء وشبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو في 2014.  ولم يتسن لرويترز التحقق على نحو مستقل من الصور. 

وتقول روسيا إن من حقها تحريك القوات على أراضيها وفق رؤيتها الخاصة، وإنها لا تشكل أي تهديد للخارج.  ووحدت معظم الدول الغربية موقفها من خلال التهديد بفرض عقوبات اقتصادية على موسكو في حالة غزو أوكرانيا، لكن تباينت آراؤها بشأن ما إذا كان التهديد فوريا أو سريعا. 

وحذرت واشنطن ولندن من أن الغزو قد يحدث في غضون أيام. فرئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون يصف الأيام المقبلة بأنها أخطر لحظة في أكبر أزمة أمنية تشهدها أوروبا منذ عقود. 

وعلى طرف النقيض يقف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي يعتقد أن روسيا ليس لديها نية لغزو أوكرانيا لكنها تريد تغييرات في الترتيبات الأمنية الأوروبية، وعملية السلام الحالية التي تقودها فرنسا وألمانيا لإيجاد حل للصراع الانفصالي في أوكرانيا. 

وأيًا كانت النوايا، فقد ردت موسكو بموقف رافض لكل الضغوط الغربية. وانتشرت صور ماكرون على الإنترنت هذا الأسبوع وهو جالس بعيدا جدا عن بوتين عند طرف الطاولة الضخمة في الكرملين وكان الأمر موضع سخرية على نطاق واسع. 

وقال الكرملين إن التباعد كان ضروريا ذلك لأن ماكرون رفض اختبار كوفيد-19 يجريه أطباء روس. وقال مسؤولون فرنسيون إن جدول ماكرون لم يترك فسحة من الوقت لانتظار نتائج الاختبار. وقال مصدران فرنسيان أيضا إن مكتب ماكرون كان يساوره القلق من حصول موسكو على الحمض النووي لرئيس فرنسا.

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة