دراسة بحثية مرموقة ترسم "خرائط النقاط الساخنة للحوادث المرورية".. وتحلل 12438 حادثًا مروريًا في 5 سنوات

 

◄ الطرق التي تكثر فيها الدوارات والتقاطعات تشهد تكرارًا في الحوادث المرورية

مسقط- الرؤية

أجرى فريق بحثي دراسة بحثية بعنوان "خرائط النقاط الساخنة للحوادث المرورية باستخدام الأساليب القائمة على نظم المعلومات الجغرافية: دراسة حالة لمحافظة مسقط في سلطنة عُمان"، وذلك بقيادة الدكتورة أميرة بنت خميس بن زاهر العامرية أخصائية إحصاء بدائرة التطوير المؤسسي بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار.

وقالت العامرية: "استخدمنا نظم المعلومات الجغرافية لتحديد المناطق عالية الخطورة أو البؤر الساخنة التي كانت تتكرر فيها الحوادث في محافظة مسقط خلال الفترة 2010- 2014، وتم اختيارنا لهذا الموضوع، كون الحوادث المرورية السبب الأول للوفيات بين فئات الشباب خلال السنوات السابقة". وأضافت أن دراسة عالمية أجريت على مستوى 188 دولة كشفت أن حوادث المرور هي المسبب الأول للإعاقة في سلطنة عمان والمملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة.

وعن أهمية هذا المشروع البحثي، تقول الدكتورة أميرة العامرية: "الحوادث المرورية مشكلة عالمية كبرى تسبب عبئًا كبيرًا على مؤسسات الرعاية الصحية بشكل خاص وعلى الاقتصاد بشكل عام في مختلف دول العالم، وقد حازت مشكلة الحوادث المرورية على اهتمام كبير من قبل مهندسي الطرق ومسؤولي السلامة المرورية والباحثين في معظم الدول ومن بينها سلطنة عُمان، وتعد عملية دراسة وتحليل التوزيع المكاني للحوادث المرورية أمرًا في غاية الأهمية لتطوير برامج الحد من الحوادث المرورية وتقليل الآثار الناجمة عنها". وأوضحت أنه يتم استخدام نظم المعلومات الجغرافية في إنتاج خرائط تسمح بإعطاء تصور للنمط المكاني للحوادث المرورية إضافة إلى إتاحة الإدراك البصري للتوزيع المكاني لإنتشار الحوادث المرورية على شبكة الطرق.

وأشارت العامرية إلى وجود القليل من الفهم المنهجي للتوزيع المكاني لوقوع حوادث المرور على الطرق في منطقة الشرق الأوسط، لا سيما في سلطنة عُمان؛ حيث تُعد حوادث المرور السبب الرئيسي للإعاقات الجسدية التي تصيب مستخدمي الطرق سائقين كانوا أم مشاة، مؤكدة أن هذه الدراسة البحثية هدفت إلى تقييم الأبعاد المكانية والزمانية بإستخدام نظم المعلومات الجغرافية لتحديد المناطق عالية الخطورة أو البؤر الساخنة التي كانت تتكرر فيها الحوادث في محافظة مسقط خلال الفترة من 2010 الى 2014. وقالت: "قمنا باستخدام عينة من قاعدة بيانات الحوادث المرورية بشرطة عمان السلطانية والمتاحة للاستخدام البحثي، وغطت البيانات الفترة من 1 يناير 2010 إلى 2 نوفمبر 2014، وقد تم الإقتصار على الحوادث المرورية التي وقعت في محافظة مسقط، ومن خلال تلك البيانات وجدنا أن هناك 12438 حادثاً مروريا في تلك الفترة، ونظرًا لوجود بعض البيانات غير المكتملة اقتصر التحليل على 9357 حادثاً مرورياً خلال الفترة المذكورة".

وأوضحت العامرية أبرز النتائج والتوصيات التي خرج بها هذا المشروع البحثي، قائلة إن هذه الدراسة أكدت وجود أدلة لتكرار حدوث الحوادث المرورية في أماكن محددة من شبكة الطرق في محافظة مسقط سيما الطرق التي تكثر فيها الدوارات والتقاطعات. وأضافت: "لاحظنا تكرار الحوادث على طرق الخدمات التي يكثر فيها مستخدمي الطريق من سائقين ومشاة على شارع السلطان قابوس وقلة عدد الحوادث الواقعة على طريق مسقط السريع، كما أكدت النتائج على تسبب التقاطعات التي تفتقر إلى الإشارات المرورية في وقوع الحوادث، إضافة إلى العلاقة الطردية بين الكثافة المرورية واحتمالية وقوع الحوادث المرورية خلال نفس الفترة".

وبينت أن تحديد البؤر الساخنة يسهم بدور كبير في مساعدة متخذي القرار في البحث عن وسائل تسهم في الحد من الحوادث في تلك المناطق سواء القيام بحملات توعية أو إجراء بعض التغييرات في شبكة الطرق من حيث المداخل والمخارج، وقد تم بالفعل معالجة معظم هذه البؤر الساخنة من قبل الجهات المختصة، حيث لاحظنا إستبدال العديد من الدوارات والتقاطعات بالجسور وإستخدام إشارات المرور في تنظيم حركة السير كما نراه في دوار برج الصحوة وأيضا شبكة الطرق السريعة التي توسعت في مختلف مناطق السلطنة.

وعن فوز هذا البحث بالجائزة الوطنية للبحث العلمي في دورتها الثامنة كأفضل ورقة علمية منشورة ضمن قطاع الثقافة والعلوم الاجتماعية والأساسية لفئة الدكتوراه، قالت العامرية إن مثل هذه الجوائز من شأنها دفع عملية إنتاج الباحثين الأكاديميين للبحوث العلمية في مختلف المجالات، وهذا في حد ذاته يعطي دافعا كبيرا ويشجع الباحثين لبذل المزيد من الجهد لإجراء بحوث ذات جودة عالية وذات أهمية وطنية.

وعن دور قطاع البحث العلمي والإبتكار بوزارة التعليم العالي والإبتكار في دعم البحوث العلمية، تقول الدكتورة أميرة العامرية: "لاحظنا خلال السنوات الأخيرة زيادة الدعم للبحوث العلمية من قبل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي واللإبتكار والسعي في توفير بيئة بحثية محفزة للبحث العلمي والباحثين، وتشجيعهم على إجراء بحوث علمية ذات أهمية وطنية كون أن التعليم والتعلم والبحث العلمي أحد الأولويات الوطنية في رؤية عمان 2040، ونرجو أن يستمر هذا الدعم بشكل أكبر للرقي بمستوى البحث العلمي والابتكار في السلطنة".

تعليق عبر الفيس بوك