د. خالد بن علي الخوالدي
حوادث مُتكررة وكثيرة تحدث في ربوع بلادنا الغالية بسبب الجمال السائبة والحيوانات الأخرى، راح ضحيتها مئات من الأرواح البريئة والآلاف من الإصابات التي عجزت وضجت بها مستشفياتنا، فلا يكاد يوم يمر إلا ونسمع ونرى مجازر وحوادث مميتة لشباب هذا الوطن وزهوره سببها الجمال التي لا راعي لها ولا مالك.
إنَّ المولى سبحانه وتعالى توعد كل إنسان تعمد قتل أخيه الإنسان سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة بالعقاب الأليم والعذاب الشديد؛ حيث قال سبحانه (مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ۚ وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَٰلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ (32) إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) والكلام ليس لبني إسرائيل وإنما لكل البشرية، وكل إنسان لا يحرص على المحافظة على حيواناته وخاصة الإبل قد يعرض غيره لخطورة الحوادث، والجهات المعنية حسب المتابع تقف عاجزة عن السيطرة لوقف هذه الآفة المزعجة التي تنتشر في شوارعنا، وتزيد هذه المُعاناة في الطرق غير المُنارة.
والحديث عن الجمال السائبة التي تتسبب في الحوادث المرورية المستمرة على شوارعنا ليس بالحديث الجديد، وإنما تم طرحه في مناسبات كثيرة وفي مقالات وتحقيقات وتقارير صحفية وإذاعية وتلفزيونية متنوعة وطرح خلالها كل أنواع التأثيرات العقلية والعاطفية والإحصائيات التي توضح خطورة هذه الآفات التي ابتليت بها مجتمعنا ابتلاءٍ كبيراً، وإذا ما قلنا ابتلاءات فهي كذلك فخلال أسبوع واحد كانت هناك 3 حوادث مميتة- حسب علمي- سببها الجمال السائبة. وهذه الحوادث تقع وسط صمت المسؤولين في مختلف الجهات المختصة وصمت من أصحاب هذه الجمال الذين لا يظهرون في الساحة، إلا في الحالات التي يكون لهم فيها تعويض، ويحدث هذا إذا كان الحادث في وضح النهار، رغم أنَّ هذه الجمال سائبة ليلا ونهارا، لكن القانون يفرض عليهم غرامات ومسؤوليات إذا وقع الحادث في الليل. أما في النهار فالسائق هو المسؤول حسب القانون، إنَّ القانون الذي وضع لهم الأحقية في ذلك غريب وعجيب، ولابُد أن يتغير؛ فحياة الناس أغلى من كل جِمال العالم، وأما حديث الأهالي فإنه متكرر ولا يكاد يُسمع ولا يُرى إلا في وسائل التواصل الاجتماعي والتحذير من وجود هذه الجمال على هذا الطريق ومن لم تصله الرسالة فسوف يدفع الثمن.
على الجهات المختصة أن تضرب بيد من حديد على من تسول له نفسه إزهاق أرواح الأبرياء وأن تكون هناك حملة وطنية صادقة للقضاء على ظاهرة الجمال السائبة وفرض عقوبات صارمة على من يترك جماله سائبة؛ سواء في وضح النهار أو في جنح من الليل وأن تتم مصادرة الجمال التي توجد على الشوارع خاصة السريعة والمفتوحة؛ فالجميع سئم من سماع الحوادث نتيجة هذه الجمال، كما على الجهات المعنية فرض إجراءات على مالكي الإبل بوضع اللباس الفسفوري على هذه الجمال حتى يمكن رؤيتها من مكان بعيد وتسجيل أرقام للجمال لمعرفة صاحبها ومحاسبته في حالة وقوع حادث سببه الإهمال وعدم المتابعة، ودمتم ودامت عمان بخير.