ما أكثرها!

 

 

سعيدة بنت أحمد البرعمية

غضب البحر ذات صباح بلون المساء، خاصم البحر الصياد، فمدّ موجه خاطفاً شبكته المليئة بالأسماك وقذفها بعيدا في العمق، وأنذره طوفان عظيم.  

"واااو ما أكثرها".. فتح الابن الأوسط "حصالته" وأخرج منها مجموعة من الأوراق النقدية من فئة ريال ونصف الريال ومائة بيسة وقطع معدنية صغيرة، جلس على ركبتيه وأخذ ينظر إليها ويقول: واااو ما أكثرها!

رفع ظهره مُستقيمًا ثم رمى بنفسه عليها، يحفها بيديه ويبحلق من ورقة إلى أخرى، مندهشاً من كثرتها وتنوعها، يحتفن القطع المعدنية بين كفيه ويحركها مستمتعا بقعقعتها ورنينها، بسط يديه عليها، واحتفنها جميعها حفنة واحدة، ذاهباً إلى أبيه ووضعها في يده، الأب مندهشاً ماهذا؟

الابن: ما جمعته من مصروفي منذ عشرة أشهر، خذ يا أبي واشتري لأخي وظيفة!

"زوجوه يعقل".. جاءت الجارة لبيت جارتها أم عناد، فوجئت على المدخل بالابن أمامها يخرج مسرعاً نحو سيارته ساخطا متذمرا والشر يعلو وجهه، تابع طريقه دون أن يلتفت لها أو يُعيرها اهتماما، تلحقه الأم باكية متعثرة بدموعها، أخذت الجارة تضرب كفيها كفا بكف، مدركة أنَّ فكرتها في تزويجه لم تكن مُجدية!

 دخل سيارته وانطلق كالعاصفة، تعفّر وجه الأم وعيناها بالغبار، اقتربت منها الجارة، تربت على كتفيها قائلة: ادعْ له بالهداية.

دعني وشأني.. على آخر كرسي في نهاية الممشى، لفت نظرعلي عجوز جالس على وتينه؛ فيبدو وكأنه منسكب عليه ما ثّقُلَ حِمله على الثقلين، سأله مابك ياعم؛ نظر إليه العجوز بعين ثم أعادها إلى عصاته التي يضربها ببطء على الرصيف، ثم قال: لقد اتفق ابني وزوجتي على أنه تولّد لديَّ مُؤخرا جهاز شخصي حسّاس يُؤول المفردات، ألا تخشى تأويلي لسؤالك؟! اذهب ودعني وشأني.

ماذا تنتظر!؟ جاء أحمد الفجر من المستشفى وقد اسودَّ كلّ شيء أمامه، دخل غرفته وتدثّر ونام، صحا العصر على أثر مكالمة من زوجته، تقول: نحتاج بعض الأشياء، قام متثاقلا مهموماً وجلس أمام أمه واضعًا رأسه بين يديه.  

الأم: يبدو لي من حالتك أنّ جهاز "السونار" لم يكن كاذبا؛ بل إنك وزوجتك كنتما تتوهمان.             

تنهّد بمرارة: نعم جاءت الخامسة.

شهقت الأم لاطمة وجهها وعلا صوتها متذمرة، "كما قلت لك هي وأمهاتها سلالة لا ينجبن إلاّ البنات، تزوج ماذا تنتظر!؟

العدد المرجو

اعتاد الجد البخيل الطاعن في العمر، أن يعدّ نقوده كلّ مساء بعد أن ينام الجميع، وعندما لا يصل إلى المبلغ المرجُو، يتسحبّ بخفّة إلى محافظ أحفاده، ويُضيف ما يمكنه إضافته ثم يضع محفظته في معدة وسادته وينام.