◄ العجز المزدوج وزيادة الدين العام.. تحديان رئيسيان لاستقرار الاقتصاد الكلي
◄ القطاع المصرفي "قوي ومرن" بفضل سلامة المُؤشرات والقواعد التنظيمية المحلية
◄ القطاع المصرفي أسهم بدور أساسي في دعم الاقتصاد الوطني.. والبنوك قادرة على احتواء المخاطر
◄ القطاع المصرفي أثبت صلابة ضد الصدمات المعاكسة خلال جائحة كورونا
◄ "اختبارات التحمّل" تظهر قدرة القطاع المصرفي على تحمل صدمات متوسطة وشديدة
مسقط- العمانية
أصدر البنك المركزي العُماني أمس العدد التاسع من تقريره السنوي حول الاستقرار المالي لعام 2021؛ حيث أشار التقرير إلى تحسُّن النظرة المستقبلية للاستقرار المالي في سلطنة عُمان مع اتساع نطاق الحملة الوطنية للتحصين ضد كوفيد-19 والعودة التدريجية للأوضاع الطبيعية.
ويسلط التقرير الضوء على التحديات التي نتجت عن تفشي الجائحة وتأثيراتها، ويوضح أن التدابير والسياسات التي اتخذتها الحكومة العُمانية والبنك المركزي العُماني في سبيل دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والأفراد المتضررين من تداعيات الجائحة قد ساعدت على تجنب أزمات حادة وأسهمت في تسريع وتيرة التعافي الاقتصادي.
وذكر التقرير أنه على الرغم من الشعور بعدم اليقين في العالم تجاه فاعلية لقاحات كوفيد-19 وتحورات الفيروس الجديدة، إلا أن النظرة المستقبلية لاقتصاد السلطنة تتسم بالإيجابية في كل من 2021 و2022، وذلك نظرًا للتعافي المطّرد لأسعار النفط العالمية، وإجراءات الضبط المالي التي اتخذتها الحكومة، إلى جانب تنفيذ الحملة الوطنية للتحصين ضد كوفيد-19 في السلطنة على نطاق واسع. وكشف مسح أُجري في أغسطس 2021 لاستطلاع مرئيات مجموعة متنوعة من المتعاملين في السوق والأطراف المعنية، أن غالبية المشاركين في المسح أبدوا ثقتهم في النظام المالي في السلطنة، كما إنهم أصبحوا أكثر تفاؤلًا تجاه إمكانية حدوث تأثيرات سلبية في المُستقبل القريب مقارنة بالمسح السابق.
وترتب على تراجع أسعار النفط مقرونًا بفرض إجراءات وقائية واحترازية صارمة للحد من تفشي الجائحة انخفاض الناتج المحلي الإجمالي الاسمي بمعدل 17% في عام 2020. وعلى وجه مُماثل، انخفض الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 2.8%، إلا أنَّ معدل انكماشه يظل أقل بكثير من توقعات صندوق النقد الدولي، ولا يزال استمرار العجز المزدوج إضافة إلى الاتجاه التصاعدي للدين العام، يمثلان تحديين رئيسين للاستقرار الاقتصادي الكلي في السلطنة، فقد ارتفع كل من الدين الحكومي المحلي والخارجي خلال عام 2020 والنصف الأول من عام 2021 لتلبية الاحتياجات التمويلية الناجمة عن ارتفاع العجز المزدوج، كما يظل الدين الخارجي المصدر الرئيس لتمويل العجز، فضلًا عن تأديته لدور حيوي في دعم احتياطات البنك المركزي العُماني من النقد الأجنبي. وبالرغم من هذه التحديات، ظلت احتياطيات البنك المركزي العُماني من النقد الأجنبي عند مستويات كافية وملائمة لدعم استقرار نظام سعر الصرف الثابت وتوفير تغطية ملائمة للواردات. ولا يزال استقرار الأسعار أحد مواطن القوة التي يتمتع بها الاقتصاد العُماني في ظل تبني نظام سعر الصرف والذي يعد مرساة اسمية موثوقة لدعم استقرار الأسعار وتقليل مخاطر الضغوط التضخمية المستوردة. وقد تحوّل معدل التضخم في أسعار المستهلكين إلى قيمة سالبة خلال 2020م، إلا أنه من المتوقع أن يرتفع بشكل طفيف خلال 2021 مدفوعًا بتوقعات التعافي الاقتصادي وتطبيق ضريبة القيمة المضافة.
ووفقًا للتقرير، لا يزال القطاع المصرفي يتمتع بالقوة والمرونة بالنظر إلى سلامة مؤشرات القطاع على الرغم من التحديات وظروف التشغيل، فبالرغم من أن الضغوط الناتجة عن تفشي الجائحة قد ترتب عليها نشوء عوامل ضعف لدى كل من البنوك والمقترضين، إلا أن الإصلاحات التنظيمية الدولية والقواعد التنظيمية المحلية قد مكنت البنوك في السلطنة من مواجهة الجائحة من موقف قوة والتعامل مع تداعياتها بصلابة في ظل وجود هوامش رأسمالية مريحة ساعدت البنوك على عبور تلك المرحلة بشكل سلس. كما إن القاعدة الرأسمالية المتينة للبنوك، أتاحت مجالًا مريحًا للتوسع في حجم أصولها والتزاماتها مع استيعابها للصدمة في الوقت نفسه. ونتيجة لذلك، لعب القطاع المصرفي دورًا أساسيًّا في دعم الاقتصاد الوطني من خلال تخفيف العبء على المقترضين المتأثرين وتأجيل دفع أقساط القروض، علاوة على زيادة الائتمان الممنوح لاستيفاء الاحتياجات التمويلية للاقتصاد، وبالرغم من بعض الضغوط، لا تزال البنوك قادرة على احتواء المخاطر التي تهدد جودة أصولها بشكل جيد، مع تدني نسبة القروض المتعثرة وكفاية المخصصات. وكما كان متوقعًا في ظل تحديات الظروف التشغيلية للقطاع المصرفي، فقد تراجعت ربحية البنوك خلال 2020، وقام البنك المركزي العُماني بتوفير السيولة لضمان مستويات ملائمة من السيولة في القطاع المصرفي. ووفقًا لذلك، ظلت البنوك تتمتع بنسبة سيولة مناسبة مع استمرار نسبة تغطية السيولة وصافي نسبة التمويل المستقر أعلى من المتطلبات التنظيمية المحددة.
وفي السياق نفسه، أوضح التقرير أن القطاع المصرفي أظهر قدرة عالية على مواجهة الظروف التشغيلية الصعبة التي ترتبت على الجائحة، وهو ما يأتي انعكاسًا لمتانة وصلابة القطاع ضد الصدمات المعاكسة. كما أظهرت اختبارات التحمّل التي أجريت باستخدام بيانات 2020 أن القطاع المصرفي قادر على تحمّل صدمات متوسطة وشديدة في الائتمان وأسعار الفائدة وسعر الصرف، على مستوى القطاع بأكمله، دون الإخلال بالحد الأدنى لمتطلبات البنك المركزي العُماني لنسبة رأس المال إلى الأصول المرجحة بالمخاطر (نسبة كفاية رأس المال) والتي تبلغ 12.25%.
وتشير نتائج اختبارات التحمّل كذلك إلى أن البنوك المحلية يمكنها تحمل السحب المستمر من الودائع لمدة خمسة أيام عمل على أقل تقدير اعتمادًا بشكل كلي على أصولها السائلة فقط. وتعد تقارير الاستقرار المالي أداة تواصل مهمة تتبناها البنوك المركزية من مختلف أنحاء العالم لنشر المعلومات المرتبطة بالمواطن التي يمكن أن تتعرض للضغوط في الاقتصاد المحلي والنظام المالي، وبالنسبة للسلطنة، يعدّ نشر تقرير الاستقرار المالي جزءًا لا يتجزأ من نظام المراقبة المالية الكلي منذ عام 2013م، وجزءًا من نظام المتابعة لأوضاع واتجاهات الاقتصاد الكلي والقطاع المالي.
