رياحين العطاء

عائشة الدرمكية.. نجاح من نوع خاص

جاسم القرطوبي

إذا كان المتنبي قال عن بعض نساء زمانه متفجعًا: "ولو كان النساء كمن فقدنا // لفضلت النساء على الرجالِ"، فإنَّ هذا الزمان يجيبه مُفتخرًا: نحن في عصر تساوت فيه النساء والرجال في الدرجات العلمية والعطاء، بل ومنهن من تخرج على يديهن الرجال.

ولعلي في هذه السطور أطرز ديباجة المقال عن أستاذة تشرفتُ بالدارسة على يديها في الجامعة العربية المفتوحة حيث كانت تدرسنا مادة اللغة العربية وآدابها.

الدكتورة المكرمة عائشة بنت حمد الدرمكية رئيسة قسم الدراسات اللغوية والعامة بالجامعة العربية المفتوحة فرع مسقط ومديرة لبعض برامج الجامعة وأنشطتها وعضو فعال في العديد من أنشطتها، برعتْ في تخصصها، ونجحت في إيصال المعلومات لنا وتبسيطها حتى علقت عباراتها بأذهاننا كالقرط وتحولت لمعمولات في الاستفادة منها ثقافياً وفي مختلف نواحي الحياة.

صورة داخل المقال في الموقع.jpeg
 

تخصصت الدكتورة عائشة الدرمكية في سيميائيات التواصل والذي يُعد من الدراسات اللسانية، أي لسانيات اللغة. وتعد اللسانيات جزءًا من السيميائيات التي تدرس العلامات أو الأدلة اللغوية وغير اللغوية، في حين أن اللسانيات لا تدرس سوى الأدلة أو العلامات اللغوية. وقد نجحت أستاذتنا بالفعل في ترجمة هذا التخصص لأشكال عديدة واستفدنا منها سواء أنا كشخص أو بقية الزملاء، فعلى الصعيد الشخصي عرضت علينا الدكتورة إعلاناً لمسابقة في الكتابة الوجدانية وعممتْ هذه المسابقة على جميع فروع جامعتنا العربية المفتوحة فحركت في ذلك كوامن الطوفان الكتابي الجارف لاسيما وصادف ذلك اليوم عودة جلالة السلطان قابوس بن سعيد رحمه الله وطاب ذكره ومرقده من رحلة علاجه الأولى من جمهورية ألمانيا وقد كتبت النص دفقة واحدة لما بذره فينا تلك البذور التي خلفها الحب السامي فتوجت قصيدتي بالمركز الأول على مستوى فرع جامعتنا بالسلطنة والثاني على جميع فروعها الثمانية، ولم تكتفِ الدكتورة عائشة بهذا المستوى بل ورقتْ وعلمت وجودت أسلوب الإلقاء قبيل تسجيلي للقصيدة الفائزة لتعرض في حفل التتويج.

أما بالنسبة لأنشطة الدكتورة عائشة الدرمكية فهي متفرعة من أصل ثابت راسخ مفعم بالجد والاجتهاد، فهي عضو مؤسس وعضو مجلس إدارة اتحاد الأكاديميين والعلماء العرب والذي مقره في المملكة الأردنية الهاشمية وهو أحد الاتحادات العربية النوعية المتخصصة، كما أنها عضو جمعية اللهجات والتراث الشعبي بجامعة الملك سعود بالمملكة العربية السعودية منذ 2005 إلى يومنا هذا، وهي عضو مختبر السيميائيات وتحليل الخطابات الأدبية والفنية في جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، وأيضاً هي عضو لجنة إعادة صياغة استراتيجية الثقافة لدول مجلس التعاون الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربي ٢٠١٩ إلى غير ذلك من العضويات واللجان على المستوى الخارجي. وأما على المستوى المحلي فقد تعددت أنشطتها ما بين الأدبي والاجتماعي فعلي سبيل المثال لا الحصر هي رئيسة لجنة الثقافة والإعلام والسياحة في مجلس الدولة، وكانت رئيسة مجلس النادي الثقافي بسلطنة عُمان بدءا من عام ٢٠١٤ إلى عام ٢٠٢٠ ميلادية، كما أنها عضو لجنة تقييم الأنشطة المختلفة للأندية الرياضية لكأس جلالة السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- ورئيسة الرابطة الوطنية للاتحاد العماني لأندية اليونسكو منذ ٢٠١٧ وإلى مايو ٢٠٢٠م والقائمة تطول على السرد في هذه العجالة.

نالت الدكتورة عائشة الثقة السامية من لدن جلالة السلطان قابوس بن سعيد طيب الله ثراه بالمرسوم السلطاني رقم ٩٩ /٢٠١٧ إذ عينت عضوا بمجلس الدولة في مجلس عُمان بسلطنة عمان لتنضم لسلسلة من رجال الدولة ونسائها الذين لولا إسهاماتهم القيمة للوطن لما نالوا هذا التقدير، كما أنها حصلت على وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى من لدن مولانا جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم في ٣٠ نوفمبر ٢٠٢٠م.

وللمكرمة الدكتورة عائشة عدة إصدارات منها: سيمائيات النص الشفاهي في عمان صدر ٢٠١٣، سيميائيات النص الدراسي المصاحب للكلام (دراسة في مدونة صحيح مسلم) صدر ٢٠١٢ والسلطة الخرساء سيميائيات الأمكنة في نص السيرة الذاتية صدر عام ٢٠١٤.

ليس هذا فحسب؛ بل إن الدكتورة عائشة الدرمكية عضو لجنة تحكيم في فعاليات ثقافية كثيرة ولها بحوث أدبية ومشاركات علمية عديدة، فقد مثلت السلطنة مؤخرا في اجتماع الاتحاد البرلماني الدولي وهيئة الأمم المتحدة للمرأة. وللدكتورة عائشة الدرمكية تفاعل أيضاً في وسائل التواصل الاجتماعي مفيدة بلا حصر ولا حد وأيضاً لها مقالات أسبوعية محلية كجريدة عمان والملحق الثقافي شرفات التابع لمؤسسة عمان للصحافة، ومقالات خليجية في صحيفة الرؤية الإماراتية كل أسبوعين وأخرى شهرية بعنوان سيمياء وذلك في مجلة تراث الصادرة عن نادي تراث الإمارات.

لقد وجدتني وأنا أكتب شكرًا ووفاءً عن هذه القامة المعطاء كالذي يحاول حصر الشمس في وعاء فلا يستطيع، وليس لي في بحر إنجازها سوى البلل.

تعليق عبر الفيس بوك