دروس بلا كتاب

 

 

أحمد بن سعيد المرزوقي

 

في هذه الحياة طرق شتى للتعلم واكتساب الخبرة والمعرفة، لكن تبقى التَّجربة هي سيدة تلك الطرق، لأنها لا تكسبك المعرفة والخبرة فقط؛ بل تضيف لك تلك الحكمة التي من خلالها تستطيع تقدير المواقف والأمور، وتسمح لك بأن تكتسب المرونة في أحلك الظروف شدةً، وتمنحك العمل بهدوء وتركيز في خضم الفوضى التي تعترينا والعوائق التي تقف ضدنا، إنَّ ما تعرضت له بلادنا من أنواء مناخية أمرٌ من الله.

"وَكَانَ أَمْرُ ٱللَّهِ قَدَرًا مَّقْدُورًا" وكل تدبير من اللطيف الخبير هو لطفٌ سخي وإن بدا لنا فيه السوء والظلام، وإن كان مُؤلماً ومُحزناً هو خير وحسن تدبير من الله، وإن الرضا بقضاء الله وما قدر ولطف لهو نهجُ المُؤمنين، والحمد لله رب العالمين، شعبٌ تلقى القضاء بصدرٍ راضٍ وروحٌ صبورة، التلاحم والتكاتف بيننا كجدارٍ مُتماسك قوي الأساس، لا تزعزعه الظروف ولا تطفئ شمعته رياح الفتن العاتية.

ويبقى الشعب العماني نموذجاً للسلام والتلاحم والتكاتف.

"أيُّها المواطنون الأعزاء" ومن يقيننا بتلك المحبة، سرنا على نهجٍ ثابت، وهمةٌ وقادة، وروحٌ شغوفة للوقوف مع بلادنا في كل النوائب وكل التَّحديات، أن تشعر أنك مسؤولٌ عن وطن، أن ترى أن ألمه هو ألمك، وأن حزنه يسرق منك سعادتك، أن تشعر أن بيدك جزءٌ من الحل للمشكلة، وأن القرار الذي تتخذه لموقف ما وتتحمل تبعاته الأخرى ومع ذلك ترجح كفة الوطن، أن تجعل من كفك اليد التي تُمد لسد الفراغ في الحلقة، أن تحمل عن الآخرين بعضاً من التعب، أن تمسح عن قلوبهم بعضاً من الخوف والتوتر، أن تسطر حبك ملحمات من العطاء والبذل، أن تملأ جوف الليالي بالدعاء أن يرفع الله عن الوطن البلاء وأن يحفظه سالماً آمناً، أن تبقى تترقب انفراج الشدة في رجاءٍ وأمل، أن تمضي مع المتطوعين في رَتْمِ النوائب وتَسدُ الخلل.

هذا هو الدرسُ الذي لايمكن أن يعلمك إياهُ كتاب، ولن تجد حروفه مكتوبةً في مخطوطةً أو صفحات، وكما قيل: الوطن، هُوَ الحُبُ الوَحِيدُ الخَالِي مِن الشَوَائِبِ، حُبٌ مَزرُوعٌ فِي قُلُوبِنَا وَلَم يصنَع..

دمت يا وطني في سلامٍ ووئام.

تعليق عبر الفيس بوك