علي بن حمد المسلمي
"لَقَدْ خَلَقْنَا ٱلْإِنسَٰنَ فِى كَبَدٍ"، من منطلق الآية الكريمة، وفي ظل الظروف المناخية التي تعيشها بلادنا حالياً وجائحة كورونا والأزمة الاقتصادية، علينا أن نتدكر أن الحياة دار ابتلاء واختبار ما دمنا على هذه البسيطة. "الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ".
إن الصبر على البلاء أفضل من القنوط والوهن وتفويض الأمر إلى مدبر السماء والأرض؛ فهذا نبي الله أيوب عليه السلام صبر على مرضه ثم كشف الله عنه الضر وعوضه وأبدله خيراً منها "فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ..".
وفي ظل الأنواء المناخية التي تتعرض لها بعض مناطق السلطنة حالياً؛ نتيجة إعصار شاهين وما خلفه من آثار غير إيجابية على الممتلكات العامة والخاصة في بعض المحافظات، علينا أن نواسي بعضنا البعض بالتخفيف عن الأسر التي فقدت أحدا من أفرادها أو تأثرت بيوتهم وممتلكاتهم بالكلمة الطيبة والعون المادي والمعنوي وبما تيسر "مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ؛ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى".
إن المجتمع العُماني مجتمع مترابط ومُتراحم يشد بعضه بعضا "المؤمن لِلْمؤْمن كالبُنْيان يَشُدُّ بَعْضُه بَعْضا". وقد أثبت في تجارب سابقة في مثل هذه الأنواء المناخية قدرته على التعامل مع هذه الحالات الطارئة وعون بعضهم البعض من مسندم في الشمال وحتى ضلكوت في الجنوب في ملحمة وطنية تعبرعن مدى انسجام المجتمع العماني وتعاضده في وقت المحن ونكران الذات والاعتماد على النفس بفضل الفكر والموروث الحضاري الذي تمتلكه السلطنة عبر العصور الذي رسخه المغفور له السلطان قابوس- طيب الله ثراه- وما زال يترسخ في مسيرة النهضة المتجددة التي يقودها بحكمة واقتدار حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه.
إن الدور الذي تقوم به الجهات المعنية بمعالجة ما خلفته الأنواء المناخية بكافة أطرها التنظيمية، تخطيطاً وتنظيماً وتنفيذاً؛ يستوجب علينا نحن كمواطنين ومقيمين أن نتعاون معها قلباً وقالباً من خلال التحذيرات التي تصدرها وأن نستمع لكل ما تقوله؛ لأنها نابعة من معلومات موثوقة من خلال البيانات الصادرة عنها حرصا على سلامة الجميع "وَلَا تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى ٱلتَّهْلُكَةِ".
إن الاستفادة من التجارب والعبر المستخلصه لما تخلفه هذه الأعاصير من أثار جانبية تؤثر على البشر وممتلكاتهم، لحري بنا أن نستلهم تجارب من سبقونا ونجدد في طرق الاستجابات لهذه النوازل لتفادي ما هو أسوأ ومعالجة الآثار الناجمة عنها بالتخطيط والفكر السليم.
والإيمان بقضاء الله وقدره من أركان الإيمان، وعلينا أن ندرك إن قضاء الله وقدره لا مرد لله وعلينا أن نأخذ بالأسباب ونفوض أمرنا إلى الله سبحانه وتعالى فقدرة الله فوق كل شيء وما علينا إلا أن نتضرع إليه بالدعاء ونستخلص العبر ونستفيد منها مادياً ومعنوياً ونؤوب إليه في السراء الضراء "وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ".
إن تقديم الشكر للجهات المعنية لا يفي حقها، وخاصة الجيش السلطاني العماني وهيئة الدفاع المدني والإسعاف وشرطة عمان السلطانية وهيئة الطيران المدني مُمثلة في الأرصاد الجوية والقطاعات الأخرى المساندة، فمن لا يشكر الله لا يشكر الناس، وهذا واجبهم الوطني من أجل عمان وأهلها والمقيمين بها، نسأل الله لهم التوفيق والسداد وأن يحفظ الله عمان ويكلأها بعين رعايته إنه سميع مجيب الدعاء.