قرار "التربية" يحتاج لدراسة

 

د. خالد بن علي الخوالدي

khalid1330@hotmail.com

 

ننادي بأعلى صوتنا دائمًا وأبدًا، بأننا ضد الصوت الأوحد والرأي الوحيد والقرار المؤسسي البعيد عن الشرائح المستهدفة، رأينا تجارب إيجابية بمشاركة المجتمع في الرأي ونجحت، وفي المُقابل تظل هناك مؤسسات تتفرد بالقرار دون مشاورة مجتمعية، وهو ما نراه في قرار وزارة التربية والتعليم بجعل الامتحان النهائي للفصول الدراسية في نهاية العام وهو ما يتعارض مع أغلب شرائح المُجتمع والمستفيدين.

لقد كانت تجربة العام الماضي استثنائية في كل شيء، وحتى نقولها بصراحة إنه عام دراسي للنسيان، فلا الطالب استفاد بدرجة تُحقق المطلوب، ولا المعلم استطاع بكل ما بذل من جهود توصيل المعلومة، طلاب يجلسون على مقاعد المنزل أو أرائكه، بعد أن دخلوا بضغطة أصبع إلى المنصة لتسجيل الدخول، ومعلم يشرح بعد أن بذل جهده في التحضير والإعداد، فلا المعلم وصل جهده للفئة المستهدفة، ولا الطالب استفاد، وهناك بعض الطلاب أتيحت لهم سبل الغش والكتب المفتوحة في الامتحانات النهائية والقصيرة، فنهلوا ينقلون منها ما يجعلهم من المتفوقين وبأسهل الطرق، وأولياء أمور كانوا بين خيارين إما منعهم من الغش والرسوب أو مُساعدتهم في الحل والنجاح!! فراجت الإجابات في الواتساب؛ بل إنَّ هناك من جلب لابنه معلمًا يجيب عنه في الامتحان، ومع أننا لا نقر كل ذلك فهذا ما حصل بالضبط، وإذا كان المسؤول في الوزارة لا يعلم عن ذلك فهي مصيبة وإذا كان يعلم فالمُصيبة أعظم.

ومن الأمور المُؤسفة التي حدثت خلال العامين الماضيين أن طلاب الصف الأول والثاني الابتدائي بلا تأسيس؛ حيث إنَّ التعليم عن بُعد لا يصقلهم ولا يُطور من مستوياتهم، ومن هنا فإنَّ عودة طلاب جميع المراحل إلى التعليم المُباشر هو مطلب شريحة كبيرة من المجتمع، كما إن طلاب الصفوف من التاسع إلى الحادي عشر قد تمَّ تغيير مناهجهم وزيادة التركيز فيه على المواد العلمية (الفيزياء والكيمياء والأحياء) ودرسوا عن بعد، فلم يستوعبوا هذه المواد الجديدة عليهم، ناهيك عن الصف العاشر والحادي عشر الذي درس عن بعد في العامين الماضيين وهذه السنة يرى نفسه في الصف الثاني عشر ليحسم مستقبله.

إن قرار وزارة التربية والتعليم بفرض امتحان نهائي واحد نهاية العام، يفرض ظلمًا كبيرًا على الطلبة، كما إنه تشتيت واضح للجهد، فمن غير المعقول أن تتعلم درسًا في شهر سبتمبر وتمتحن فيه في شهر يونيو!! يعني بين الدرس والامتحان ما يقرب من 10 أشهر "ما لكم كيف تحكمون"، ناهيك عن أنَّ كل مادة بها ما يقرب من 60 درسًا خلال الفصلين على الأقل، وهذه الدروس بينها ترابط، حتى لو قال المسؤول إنَّ الدروس التي تدخل في الاختبارات القصيرة لن تدخل في الامتحان النهائي، وهو ما يمثل 30%، إلا أنَّ الطالب لا يستطيع حذفها وعدم مذاكرتها مرة أخرى خاصة للصف الثاني عشر لأنَّ الدروس متوالية ومترابطة خاصة في المواد العلمية.

نأمل من الوزارة أن تتشاور مع الجميع قبل اتخاذ القرار بشكل منفرد، ومشاركة القرارات المصيرية مع المعنيين من المعلمين والإداريين والطلبة وأولياء الأمور أنفسهم، فمستقبل أبناء عمان هو شراكة بين الجميع وليس مسؤولية وزير أو مسؤول، وهناك شريحة كبيرة من المجتمع يرون أن قرار أن يكون الامتحان النهائي واحدًا، لا يُحقق المطلوب والهدف المنشود، وبه إجحاف بالعملية التعليمية، فإذا كان العام الماضي ذهب بكل سلبياته ومآسيه بسبب جائحة كورونا، فإنَّ الحكومة بذلت جهودها في هذا الجانب، وتم تطعيم أغلب الطلاب والمعلمين ضد فيروس كورونا؛ لضمان عودة الحياة إلى طبيعتها، فأرجعوا الأمور إلى طبيعتها ولا تنفردوا بالقرارات المصيرية، ودمتم ودامت عمان بخير.