هل شئت أنا أم شيأَ لي؟

رند الأديمي *

منذ وقت طويل قد وضع الإنسان في إطار واحد، كل شيء كان يمر من أمامنا يضع سطوته على النفس والذاكرة، شيئا فشيئاً تكبرُ كرةُ الثلج وتتدحرج حتى تتحول لكارثة لا يمكن للإنسان أن يتفاداها.

كارثة المخاوف التي تتحول إلى زعيم سياسي يظن أنه لابد عليه برمجة رغبات ومخاوف الناس ليصبح الزعيم المنقذ، والأكثر إيلاماً لو أصبح حاكماً بأمر الله؟! يتسلل الخوف من دون وعي إلى شرايننا عند كل صباح ومع قهوة الصباح يُهدى إلينا بقالب برنامج الصباح.

هزيمة، خوف، كارثة، تعداد موتى وتعداد ضحايا تفجير، وبالعاجل يتم استعباد الروح التي خلقت حرة. وأريد لها أن تكون من نفخ الرب.

شيئاً فشيئاً يجد الإنسان نفسه في فخ المواجهة أو الهروب من حلبة وضع فيها دون وعي منه،  فلا يصبح إلا عبداً قد صنع له آلهة من حيث لا يشعر.

الخوف من الغد، والخوف من الجوع، والخوف من الفيضان والخوف من تقلبات الليل والنهار.. إلخ.

هو الذي يكبر دائرة الوهم والأساطير والاستعباد، ومنذ البدء خلق الإنسان البدائي فكرة صنع الآلهة حتى يفسر الغموض الوجودي فيطمئن نفسه.

ونعود للسؤال الأول هل شئتُ أنا بكامل وعيي وإرادتي أم هم من شاءوا؟

ولنضرب مثلاً: لقد شئت أنت أن تحمي نفسك من الأوبئة والعمل بالأسباب التي يعرضها الطبيب والمُذيع الصباحي والنشرات الطبية، وشاءوا هم أن تصبح مريضاً عبر برامجهم التي تشرح لك كل يوم عن المرض والوقاية عن الحمية والفائدة، ولكنك وجدت نفسك مريضًا برغم أن مشيئتك أرادت شيئاً آخر وكل الأسباب عملت بها.

هنا أنت عملت وشئت لكنك خضعت لمشيئة خارجية ترعبك كل يوم تشرح لك عن تعداد الموتى والمرضى ووقعت أسير الخوف ثم أصبح الخوف شبحًا.

هنا السؤال هل أنت وحدك؟ أم أنت هم؟

تتجه بعض الفلسفات الدينية والروحية إلى ضرورة اعتزال الناس حتى تعرف رحلتك الذاتية التي وجدت لأجلها لأنك مع الاندماج الحضاري لا تصبح أنت أنت، إنما أنت إنعكاس لهم إنعكاس للضوضاء التي افتعلت في الخارج؟ والخارج هو ما غذيت به منذ الصغر هي سلسلة المحظورات والمخاوف والسبب والنتيجة هل تعلم كم نحن متورطين دون أن نعي ذلك.

وإن قررت التعايش بوعي حذر ومحلل ستجد ذاتك أسير لشبح ما دفن في أعماقك من دون تحكم منك.

وأخيرًا.. من هم؟ ومن نحن؟  أترك الجواب وحرية البحث لك.

* كاتبة يمنية

تعليق عبر الفيس بوك