فلتُشعِل أناملي

 

بلقيس المعمرية

يحدث أن تكون منطفئًا كعودِ ثقاب أكمل اشتعاله فانخمد، وأصبح "هشيمًا تذروه الرياح" أو أن تنطفئ كشمعة بعد أن كنتَ متوهجًا تُنير كل من يقترب منك، أو أن تصبح باهتًا لا تُرى بعد أن كنتَ مُشعًا كنجمةٍ في سماء الليل...

كلنا انطفأنا ذات يوم، جميعنا بدا لنا الظلام أجمل وأمتع من النور، وكلنا وددنا لو أننا نغوص في العتمة حيث اللاوجود، حيث لا نستطيع التفريق بين الأشياء، كأن نغوص في ظلامٍ دامس فلا نفرق هل نحن نحن؟ أم نحن القلم الذي نكتب به.

كأن ننطفئ لنعودَ إلى العدم، ما أجمل العدم!

لا ينبغي لك أن تخوض فيه معارك الحياة، ولا أن تجاهد كي تبقى صامدًا، ولست مضطرًا لأن تبقى على قيد الحياة مُرتديًا قناعَ السعادة والأمل.

في اللاوجود وحده، باستطاعتك أن تكون موجودًا بطريقة أجمل.

في لحظات انطفائك تعي جيدًا أن الهروب ليس جُبنًا منك لكنه إنقاذٌ لنفسك، وأن الصمت ليس جهلاً بل التقاط لشظايا روحك، اهرب بصمت ولكن أسرع في العودة لتعيد ترتيب صبرك مرةً أخرى.

كلنا نعلم أن الانطفاء ليس صعبًا، ولكن الصعب أن توقد في روحك قنديلًا جديدًا؛

لتستطيعَ بعدها أن تشتعل، وأن تنير الحياة، كأن تسقط كنيزكٍ تترقب البشرية وصوله بحذر، بعد أن بدوت للعيان أسودًا قاتمًا، أن تخرج من ذلك الظلام، وفي يديك فرشاةُ رسامٍ، وألوان تلوّن بها كل ما تمر به، وأن ترتدي مزيدًا من الأقنعة المزخرفة بعبارات التفاؤل التي تصيغها لنفسك في مُحاولةٍ فاشلةٍ لتحفيز سريان الحياة بين أوردتك.

إن كنت لازلت مشتعلًا، فإنني منطفئة..

فمد لي يديكَ وأمسك بعودِ كبريتك المشتعل، وأوقد قنديلي..

إنني منطفئة للغاية..

إما نهايةٌ مريرةٌ أو بدايةٌ جديدةٌ..

تعليق عبر الفيس بوك