ابتكار الحلول

عبد العزيز الزدجالي

يقول بيتر دراكر، وهو أحد رواد علم الإدارة، إن جميع الابتكارات الضخمة هي بسيطة جدًا بشكل يبعث على الدهشة.

هذا الطرح يُذكرني بما قامت به الحكومة الرشيدة، ممثلة بوزارة العمل في معالجة تراكم أعداد الباحثين عن عمل، فمن خلال التقرير نصف السنوي الذي نشرته الوزارة مُؤخرًا، ويتحدث عن تحقيق نسبة ما يُقارب الـ60% من أهدافها للعام 2021، وشمل طرح أكثر من 19 ألف وظيفة في كافة القطاعات العسكرية والمدنية ومؤسسات القطاع الخاص حتى تاريخ صدور التقرير، ردا بشكل قاطع على كل من ساوره الشك في تصريحات الوزارة، ونيتها في توفير عدد 32 ألف وظيفة خلال هذا العام، وذلك عبر المؤتمر الصحفي للوزارة في مارس الماضي، وكيف للوزارة أن توجد هذا الكم الهائل من الوظائف التي ظلت حبيسة الأدراج طوال تلك السنين الماضية، إلا أنه كما يُقال أن الحاجة أم الاختراع وحين تتضافر الجهود يتحقق المستحيل.

وزارة العمل سعت إلى تفنيد هذا التحدي من خلال ابتكار حلول جذرية عجلت من وتيرة التوظيف، وأهمها هو الإحلال الوظيفي خاصة في المؤسسات والشركات الحكومية، كما أن تحالف قطاعي العمل وتنمية الموارد البشرية بالوزارة في دعم أجور العاملين لدى المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، أسهم في تبني تلك المؤسسات للعديد من الباحثين عن عمل، كذلك سلك مسار الدوران الوظيفي قضى على حجج بعض مؤسسات القطاع الخاص بعدم توظيف الكادر الوطني؛ لافتقاره للخبرة الكافية لمقارعة الوافدين، بالإضافة إلى قيام الوزارة وبشكل صارم بعدم تجديد عقود وظائف الوافدين التي يزدهر بها الكادر الوطني المؤهل لشغل تلك الوظائف.

وزارة العمل بعثت لجميع المؤسسات الموظفة رسائل إيجابية بأن توظيف العُماني سيُسهم في بنيتها الاقتصادية ويجعلها متينة، فلقد اتخذت الوزارة شعار التوطين يُعزز الاستثمار، وترجمته لواقع ملموس، عبر تخفيض رسوم تسجيل، واستخراج عقود العمل للعُمانيين، أضف إلى ذلك دعم الأجور والرواتب، ومن الحلول التي عملت الوزارة على تشجيعها هي المبادرات الوظيفية، ومنها على سبيل المثال طرح 600 وظيفة كمُديرين لمحطات الوقود وغيرها من المبادرات التي تسعى الوزارة تحقيقها بالشراكة مع القطاع الخاص الذي انحنى بكل سرور للتوجيهات السامية لمولانا السلطان هيثم بن طارق المعظم – حفظه الله ورعاه.

وكما بدأت مقالي بمقولة بيتر دراكر، فإنني اختتمها بكلماته: "في الحقيقة، أكبر مديح يمكن أن يتلقاه أحد الابتكارات هو عندما يقال عنه: بالفعل كان من البديهي ذلك، كيف لم نفكر به من قبل؟".

فكل التحية لجميع العقول النيرة لهذا الوطن المعطاء الذي يستحق أن نجهد أذهاننا لبنائه بخيال واسع مزدان بحلة من الاختراع والابتكار.

تعليق عبر الفيس بوك