هل تدعم أمريكا الديمقراطية حقًا أم مجرد ديمقراطيات غنية أخرى؟ (2- 5)

خطوط الخطأ الحقيقية

مقالة بقلم جيك ويرنر

ترجمها بتصرف: عبيدلي العبيدلي

"إن حرب واشنطن ضد الاستبداد ستفشل إذا تركت الفقراء". جيك ويرنر.

ربما تكون القضية الأكثر إلحاحًا حين تنحرف سياسة الولايات المتحدة عن رغبات معظم الديمقراطيات، والتي هي إنهاء جائحة COVID-19، فقد كان النظام الدولي الذي يستجيب لاحتياجات الجنوب العالمي سيبدأ في تنظيم نظام لإنتاج اللقاح العالمي وتوزيعه في مايو 2020، عندما ظهر أول لقاح واعد.

لكن بدلاً من ذلك، وعلى الرغم من أن مليارات الدولارات من الأموال العامة مكنت من تطوير اللقاحات، إلا أن إنتاج اللقاحات (وأرباحها الهائلة) تُرك بالكامل لشركات الأدوية الخاصة، مما أدى إلى حدوث نقص مدمر. أما بالنسبة للتوزيع فمن غير الممكن أن تغيب عن أذهاننا مبادرة "كوفاكس" التي وعدت بحد أدنى من المساواة في توزيع اللقاحات العالمية، إلا أنها تعثرت عندما اشترت الديمقراطيات الغنية معظم إمدادات اللقاح. (وهذا يكشف بشكل أو بآخر ما يحاول حديث ويرنر أن يشير إليه عند الانفصام في سياسة الولايات المتحدة التي تروج لنفسها أنها حليفة النظم الديمقراطية. المترجم).

لكن وجدنا إدارة بايدن تحت ضغط كبير من التحالف عبر الوطني من مجموعات الصحة العامة والتجارة العادلة، وجماعات العدالة العالمية، تهرع للعمل أخيرًا. ففي مايو، وافق بايدن على دعم التنازل عن قيود الملكية الفكرية لمنظمة التجارة العالمية على لقاحات كوفيد-19. وفي الوقت ذاته، أعلنت الديمقراطيات الغنية لمجموعة الدول السبع مؤخرًا أنها تنوي التبرع بـ870 مليون جرعة لقاح خلال العام المقبل. وعلى الرغم من الترحيب بهذه الجهود، فإنها كانت أقل بكثير عن الثمانية مليارات جرعة اللازمة للقضاء على الوباء في البلدان النامية. وحتى بعد أن جرى دمج الإجراءات الجديدة، يتوقع بايدن أن يستمر الوباء في جنوب العالم حتى عام 2023.

ينبغي الإشارة هنا إلى التركيز على التبرعات ليس الطريقة الأسرع ولا هي الأسلوب لأفضل للسيطرة على الوباء. فالأجدى فعالية بكثير هو توسيع الإنتاج في الجنوب العالمي نفسه، والمساعدة في إنشاء بنية تحتية دائمة للصحة العامة لمنع الكوارث في المستقبل. وأصدرت مجموعة الدول السبع تعهدًا مبهمًا بدعم مثل هذا البرنامج، ولكن حتى إذا استمر التنازل عن الملكية الفكرية في النهاية (على الرغم من حالة الطوارئ، فمن المتوقع أن تستغرق المناقشات عدة أشهر، وتستمر ألمانيا في منعه)، فإن رفض الديمقراطيات الغنية لمشاركة التكنولوجيا والمعرفة مع بقية العالم يلقي بظلال من الشك على نواياهم.

إن التأخير الكارثي في ​​صياغة استراتيجية مواجهة الجائحة العالمية والعيوب العميقة فيما يظهر الآن تنذر بمستقبل قاتم مع تفاقم أزمة المناخ. هنا أيضًا، نكتشف أن الولايات المتحدة على خلاف مع معظم الديمقراطيات. لقد أنتج الجزء الصغير من سكان العالم الذين يعيشون في الديمقراطيات الغنية اليوم أو الدول التي سبقتهم حوالي نصف جميع انبعاثات غازات الاحتباس الحراري منذ العام 1751. واعترافاً بهذه المسؤولية التاريخية والثروة غير المتناسبة التي اكتسبتها البلدان الغنية من خلال الاستحواذ على حق استخدام كل الموارد، طالبت الدول النامية الدول الغنية بتحمل الجزء الأكبر من عبء حل أزمة المناخ. وتكتفي هذه الأخيرة بالقول إنها ستدعم البلدان الفقيرة في انتقالها إلى الطاقة المستدامة، لكن نسبة ضئيلة لا تحتسب من الوعود التي قطعتها على نفسها الاستثمارات الكبيرة قد تحققت.

على نحو مواز نجد أن النزاعات حول الوباء وتغير المناخ ترتبط بمجموعة ثالثة من القضايا التي تفصل بين البلدان الغنية والبلدان النامية: السياسة الصناعية والملكية الفكرية. لأن الدولة الفقيرة الوحيدة التي نجحت في تحدي الديمقراطيات الغنية بشأن هذه القضايا هي الصين الاستبدادية. ويستغل المحللون في واشنطن بانتظام إطار "الديمقراطية مقابل الاستبداد" لإضفاء الشرعية على سياساتهم الظالمة، وغير العادلة.

وعلى سبيل المثال لا الحصر، يؤكد تقرير للمجلس الأطلسي بعنوان "مواجهة تحدي الصين للعالم الحر"، أن: "الصين تنخرط في ممارسات اقتصادية غير عادلة تنتهك خلال تطبيقها المعايير الدولية، بما في ذلك: سرقة الملكية الفكرية، ودعم الشركات المملوكة للدولة لتحقيق أهداف جيوسياسية، وتقييد الوصول إلى الأسواق للشركات الأجنبية".