أكد أنَّ السلطنة ماضية نحو التحول لتطبيقات الثورة الصناعية الرابعة

طلال أبوغزالة لـ"الرؤية": مقومات الاستثمار في عُمان جاذبة لرؤوس الأموال

◄ التعلم المعرفي بالمنطقة العربية "ما زال بطيئًا".. ولا سبيل للتقدم سوى الابتكار

◄ "كلية طلال أبوغزالة للابتكار" الأولى على العالم في اشتراط اختراع ابتكار لتخريج الطالب

◄ نقود جهودًا على مستوى جامعة الدول العربية للانتقال من التعليم التقليدي إلى الابتكاري

◄ 6 فرق عمل مع منظمة الإيسيسكو في مجالات الذكاء الاصطناعي والبحث العلمي

نقترح إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم بدءًا من الصفوف الأولى وحتى الجامعة

على المؤسسات الجامعية عدم تخريج الطالب دون تقديمه لفكرة ابتكارية تؤكد كفاءته

"مصنع الدقم" سيكون رافدًا للأجهزة الإلكترونية من عُمان للعالم

اختيار عُمان لإقامة ثالث مصنع على مستوى العالم بفضل البيئة الاستثمارية الجاذبة

العالم سيتعافى من أزمة كورونا بحلول 2024

عدم التوزيع العادل لـ"لقاح كورونا" السبب الأول لظهور الموجة الرابعة

الجائحة تحولت إلى "تجارة مزدهرة".. وهناك شركات حصدت أرباحًا كبيرة

 

الرؤية- مريم البادية

أكد الدكتور طلال أبو غزالة مُؤسس ومالك مجموعة طلال أبوغزالة العالمية أن البيئة الاستثمارية في السلطنة تتميز بالعديد من المقومات التي تساعدها بقوة في جذب رؤوس الأموال من مختلف دول العالم، مشيدًا في الوقت نفسه بسرعة إنجاز المُعاملات، وخاصة المعاملات الجمركية حيث لا سيتغرق الأمر أكثر من 24 ساعة فقط.

وقال أبوغزالة- في حوار خاص مع "الرؤية" خلال زيارته للسلطنة- إن مصنع الأجهزة الإلكترونية الذي تعتزم المجموعة افتتاحه في المنطقة الاقتصادية الخاصة في الدقم سيكون نقطة بيع إقليمية من عُمان إلى المنطقة والعالم. وتوقع أبوغزالة- الذي اشتُهر بصدق تنبؤاته- أن يتعافى العالم من تداعيات أزمة كورونا بحلول العام 2024، قائلاً إن قراءته للوضع من بدء تفشي الفيروس أظهرت أن العالم لن يتخلص من هذا المرض إلا بعد 4 سنوات على الأقل. وأضاف الخبير العالمي أن غياب التوزيع العادل للقاحات المضادة لوباء كورونا من أبرز أسباب ظهور موجة جديدة في العديد من دول العالم، مشيرًا إلى أن الجائحة تحولت إلى "تجارة مزدهرة"، وأن هناك شركات حصدت أرباحًا كبيرة بفضل المبيعات المرتبطة بالتعقيم والكمامات وتوفير الأكسجين.

مع المحررة.jpeg
 

الثورة الصناعية الرابعة

وأوضح أن فلسفة التحول إلى الثورة الصناعية الرابعة في السلطنة مدروسة، وإن كانت تمضي بوتيرة بطيئةـ لافتًا إلى أن التفكير والدراسة قبل اتخاذ كل القرارات السياسية والاقتصادية وغيرها تحقق نتائج أفضل من التسرع، ثم الحاجة إلى إصدار تعديلات وتغييرات في القرارات الخاصة بالتنمية، مؤكدا أن السلطنة تنعم باستقرار في القانون واتخاذ القرارات والبيئة الاستثمارية الجاذبة، ما يعني استقرارًا في عملية التحول.

وأشار أبو غزالة إلى الجهود المبذولة في السلطنة لزيادة الاهتمام بالتعليم، مؤكدًا أن العالم العربي بأسره بحاجة إلى طفرة في قطاع التعليم. وقال إنه منذ انتخابه في عام 1998 لرئاسة أول مؤتمر للأمم المتحدة حول "التغيير في التعليم"، يعكف على متابعة مجريات التحول في المسيرة التعليمية حول العالم، مؤكدا أن دولة فنلندا تقود مسيرة تطوير التعليم في العالم، وأنها نجحت في صياغة سياسات تعليمية متطورة، تتبعها أمريكا في تطبيقها. وشدد أبوغزالة على أهمية دراسة التجربة الفنلندية والاستفادة منها، بل والسعي لتطبيقها في السلطنة، مشيراً إلى أنه في مطلع العام المقبل لن تكون هناك مدارس حكومية في فنلندا؛ حيث ستتحول جميعها إلى القطاع الخاص.

التعلم المعرفي

وأضاف الخبير العالمي أن التحول إلى التعلم المعرفي ما زال بطيئاً في المنطقة العربية أكثر من اللازم، كما إن أغلب دول العالم ما تزال تنتهج طريقة الكتاب المتمثلة في وجود معلم وطالب وكتاب ثم اختبار، وأن الاختبار يكون على قدر ما حفظه الطالب من معلومات. وشدد أبوغزالة على أن قيادة التغيير ليست حكرا على دولة بعينها، ولكن يتعين على كل دولة أن تسعى إلى قيادة التغيير في داخلها حتى تضمن تحقيق ما تصبو إليه من أهداف وتطلعات.

وأوضح أن "كلية طلال أبو غزالة للابتكار" تعد أول كلية جامعية في العالم تخرج عن النظام السائد للتعليم وتنتهج نهج تخريج الطالب من خلال تقديمه لابتكار جديد وليس من خلال امتحان يسعى من خلاله لصب المعلومات التي درسها ثم ينساها، فإذا لم يخترع ابتكارًا ذا صلة بتقنية المعلومات والاتصالات، لن يتخرج. وأضاف: "عقدنا اتفاقًا مع جامعة الدول العربية لرسم سياسات جديدة لعملية التحول في التعليم، وبدأنا مع عدد من الدول العربية لننتقل معهم من التعليم التقليدي إلى الابتكاري".

وعن تعاونه مع منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة "إيسيسكو"، قال: "شكلنا 6 فرق عمل لتنفيذ عدد من الموضوعات فيما يتعلق بمجال الذكاء الاصطناعي والبحث العلمي والتعليم الرقمي والاستشراف الإستراتيجي. وأكد أبو غزالة أنه في المراحل النهائية لمشروع أول قاموس في مجال الملكية الفكرية، قائلاً: "أنتجتُ سابقًا قاموس أبو غزالة في المحاسبة، ونعمل على إصدار قاموس في الذكاء الاصطناعي، حيث بدأت الاهتمام بهذا المجال منذ عام 1985 أثناء لقائي مع بيل جيتس مؤسس شركة مايكروسوفت العملاقة، في وقت كان العالم يتجه بدرجة كبيرة نحو مجالات تقنية، وفي الوقت الراهن نشهد تحولا هائلا نحو الذكاء الاصطناعي".

الذكاء الاصطناعي

ومضى أبو غزالة قائلاً إنه طالب منذ سنوات بإدخال الذكاء الاصطناعي إلى التعليم في الصفوف الأولى من الدراسة، كي ينفتح عقل الطالب على هذا المجال، ومن ثم في مرحلة ما بعد التعليم الأساسي يدرس الطالب تطبيقات متعددة في هذا المجال، وعندما يدخل الجامعة ينخرط في مرحلة الاختراع، الأمر الذي سيضمن تخريج مبتكرين وليس "حفاظ مناهج"، على حد قوله.

وشدد أبوغزالة على أن العالم- وخاصة العربي- بحاجة إلى المزيد من شركات الذكاء الاصطناعي، لافتاً إلى أنه يعكف على تأليف كتاب في الذكاء الإصطناعي وسيصدر شهادة في هذا التخصص في كلية طلالة أبوغزالة للابتكار، بمسمى "شهادة خبير في الذكاء الاصطناعي"؛ ليكون مؤهلا للعمل في كبرى الشركات والمؤسسات. واستشهد أبوغزالة بما قاله معالي الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط، عندما أكد أن "العرب أمام خيارين؛ إما الاندثار أو الابتكار"، مضيفاً أن الدول التي ستتأخر عن ركب التقدم الحضاري في مجال الابتكار ستظل دولا مستهلكة للتقنيات وتعيش على ما يقدمه العالم المبتكر فقط، دون ابتكار أفكار ومشاريع خاصة بها.

مصنع الدقم

وكشف أبو غزالة  أنَّ المجموعة ماضية في سعيها لإنشاء أول مصنع لإنتاج الأجهزة الإلكترونية في الدقم قريبًا، والذي سيتخصص في إنتاج الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية (تابلت) وأجهزة الحاسوب المحمول (لاب توب) وغيرها من أجهزة التواصل التقني، مؤكداً الأهمية الكبرى للمنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم في ظل المتغيرات الاقتصادية التي يشهدها العالم.

وقال أبوغزالة إنه مع افتتاح هذا المصنع في السلطنة، سيكون الثالث من نوعه على مستوى الشرق الأوسط والمنطقة العربية بعد مصنعي الأردن ومصر. وأضاف أبوغزالة أن المجموعة تُخطط لهذا النوع من المشاريع منذ عام 2001، عندما ترأس فريق الأمم المتحدة لتقنية المعلومات والاتصالات، وشارك في صياغة السياسات مع الفريق الفني الذي ضم كل شركات التكنولوجيا حول العالم؛ حيث جرى وضع سياسات التحول لاستخدام تقنيات المعرفة.

وأوضح أبو غزالة أن اختيار السلطنة لتنفيذ هذا المشروع وإنتاج الأجهزة على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي، يعكس الأهمية الاستراتيجية لعُمان ودورها المحوري في تعزيز التبادل التجاري بين دول المجلس، فضلاً عن كونها نقطة التقاء بين الشرق والغرب. وقال: "قسّمنا هذه المصانع على 3 مناطق حول العالم؛ الأول في الأردن ويخدم إقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والمصنع الثاني في مصر ليخدم دول القارة الأفريقية، بينما سيتولى المصنع في السلطنة توفير المنتجات لدول الخليج". وأشاد أبوغزالة بالبيئة الاستثمارية الجاذبة في السلطنة، معربًا عن سعادته بإنجاز المعاملات في أقل من 24 ساعة، مشيرا إلى أن عملية تخليص الإجراءات الجمركية في السلطنة لاستيراد خطوط الإنتاج لم تتجاوز 24 ساعة. وأوضح أن جميع المعدات المطلوبة لبدء الإنتاج في المصنع وصلت إلى مسقط، وفي طريقها إلى الدقم، لتنفيذ مرحلة تركيبها.

الملكية الفكرية

وعن إسهاماته الرائدة في مجال الملكية الفكرية، قال أبو غزالة: "نفخر بمساهمتنا في تطوير قوانين حماية الملكية الفكرية في أغلب الدول العربية من خلال وضع أسس وتشريعات وأنظمة"، مضيفًا أنَّه عضو في مجلس اختصاصي بالصين يعمل على تطوير نشاط الملكية الفكرية، وأنتج أول قاموس في هذا المجال يشرح أنواع الملكية الفكرية وكيفية حمايتها.

وتطرق أبوغزالة للحديث عن مجال الفضاء ومدى تقدم العرب فيه، فقال إن العالم العربي ما تزال ثقافته وخبراته محدودة في هذا المجال؛ حيث لم يستوعبوا بعد أننا بحاجة إلى البحث عن مكان جديد غير الأرض للعيش فيه، وقال إن "الكرة الأرضية ستمتلئ بالبشر وسيكون العالم بحاجة إلى مكان جديد، لذا فنحن نحتاج إلى تطوير هذا العلم (علوم الفضاء)".

وعن توقعاته للعالم في ظل استمرار جائحة كورونا، قال: "أبديت رأيي حولها منذ أبريل 2020 وقلت إن أمامنا 4 سنوات على الأقل لتجاوز هذه الجائحة، ويومها قامت ضدي حملة على هذا التصريح، لكن ما أستطيع قوله إن دراساتي وأبحاثي أوصلتني إلى أن هذا الوباء لن ينتهي إلا إذا تم التطعيم على دفعة واحدة لجميع سكان العالم وبكميات متساوية دون استثناء أحد، إذ إننا لو استثنينا واحدًا فقط ستعود الإصابات من جديد، وهذا ما نلاحظه اليوم في ظل وجود موجات جديدة، على الرغم من التطعيمات، والسبب في ذلك عدم توزيع اللقاح بصورة عادلة على الجميع في ذات الوقت، وتُرك الأمر للتفاوض بين الحكومات والشركات المنتجة، وحدث أن بعض الدول استحوذت على كميات كبيرة مقارنة بدول أخرى لم يصلها اللقاح حتى الآن".

واختتم أبو غزالة حواره الخاص مع "الرؤية"، بالقول إن توقعاته "أصبحت واقعًا"، عندما قال إن جائحة كورونا ستكون مشروعا تجاريا، لافتاً إلى الازدهار الآن في تقنيات مقاومة الوباء والتي باتت من أربح الأعمال في العالم، وأن الشركات المختصة في مكافحة الجائحة مثل الشركات الخاصة بتوفير أسطوانات وأجهزة الأكسجين والكمامات وغيرها أصبحت من أغنى الشركات حول العالم، وبات هناك تنافس فيما بينها لإنتاج المزيد.

تعليق عبر الفيس بوك