"وجئتكم بنبأ عظيم"

 

وداد الإسطنبولي

وأخيرًا.. تنفسنا نحن الآباء والأمهات نسمات الهدوء.. وزفرنا صعداء الامتحانات.. وإرهاق الدراسة.. والنظر المتكدس على أوراق الكتب.. وكأننا نحن الطلاب أنفسهم..  بصراحة أعادني هذا الشعور للخلف قليلا.. فما أجمل شريط الأمس.. برغم هدوئي إلا أن بداخلي طفل مشاكس.

فها أنا أعيد تكرار الأمس بمشهد مختلف.. وبمصطلح آخر "الدراسة عن بُعد" فقد أصبحت الحقيبة المدرسية التي كانت تثقل كاهل ابني في غيابة الجب. بالطبع... لم أقصد التقليل من الحقيبة المدرسية، وإنما القصد أنه أصبحت الصلة وثيقة بين ما يتعلق بالطفل وتدريسه، وبين جهود الآباء والأمهات في مضمار العملية التعليمية.. وأضحت تلك الجهود هي المكتبة الفعلية التي يبحث فيها الطالب عن بحوثه ومشاريعه، فباتت الحقيبة المدرسة لا محل لها من الإعراب في زمن كورونا... و السؤلان المطروحان هاهنا:

هل اغتال كورونا الحقيبة المدرسية في الحقل التعليمي؟!

أم هل استعمر كورونا جهود الآباء والأمهات في الحقل التعليمي؟!

أم كليهما؟!

الأهم من هذا النبأ العظيم وهو حديثي عن الإجازة، وعدم ضياعها هباء، والتفكير والتخطيط لها لنسمو بأهداف سامية، فالتنافس على فعل الخير، وما تلهم به ذواتنا للعمل به فهو أفضل تنافس، حيث لا يكون اليوم كالأمس، ولا يكون اللاحق كما هو الآن، فالتفكير الإيجابي  يقودنا إلى الهدف المرجو منه، والاستغلال لهذا الوقت من الفراغ، يمحي ذاك الملل من فهرس حياتنا.

الجميل أيضًا نحن هنا في ظفار مقبلين على باكورة الصيف -الخريف كما اعتادت الناس تسميته، وتآلفت ألسنتهم على تسميته - التي سوف تسدل بجدائلها الخضراء فلكيا في (21/6/2021) ، بحيث ستكسو بعض السحر على المنطقة، صورته ستكون افتراضية نوعا ما، ولكن هي الطبيعة الربانية، أعذروني فأنا لا أغري أحدًا بالأجواء، وربما أبلغ رسالة ضمنية " خليكم في بيوتكم، تماشيًا مع التعليمات الصحية المنبثقة من الجهات المعنية وذلك لصحة الجميع".

استنشاقنا لعطر المطر وهو يحضن تراب الأرض، فهذا بحد ذاته نفسية متجددة ومختلفة تماما، سنغتنم هذا الجمال بالفرص في ربوع البلاد،  بجولات الأسرة الأحادية - وإن لم يكن كسابق العهد - ولكن لن نجعل هذه الأجواء ينطفئ بريقها منا أيضًا.

هناك جدول خططته وكرسته لموسم الصيف، وهناك خانة استحوذت اهتمامي  ألا وهي الذهاب مع الأبناء إلى أماكن لم نشاهدها من قبل، فدائما السائح يرى  أفضل من المقيم.

نحاول أن تمر علينا هذه الشهور على  خير وعافية، وننسى قليلًا مع استفاقة كل صباح ذلك الروتين اليومي " تسجيل حضور الحصة"، وعنوان أخر نرشفه مع نسكافيه الصباح "حصاد إحصائيات المصابين بكوفيد 19 "، نقوم ونصحى على استفهامات وتعجبات على هامة رؤوسنا، أريد أن أرفع بصري، وأرى هامتي تحمل عصافير أو حلقة الملاك الهادي.

صيفنا هذا بمثابة جزر المالديف نعم، وهناك أماكن ستنتعش في المستقبل، إذا وجدت التوجيه لها بطريقة إيجابية، دون النظر إليها بتفكير  ال...أنا، وامتداد براثن الجشع.

حتى هذا الحديث السابق أريد أن أنساه، فقط أريد أن أفكر بالإجازة، ولا أسمع ولا أرى سوى هذا النبأ الجميل، لأعيش بسلام كما عاش الهدهد بسلام بعد أن أتى  بنبئه العظيم، ونجى من عقاب نبي الله سليمان.

تعليق عبر الفيس بوك