أبناؤنا والقرآن

 

مريم الشكيلية

قال تعالى: (المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا)، وقال تعالى :(إنما أموالكم وأولادكم فتنة)، وفي سورة آل عمران يقول جل جلاله: (رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء) صدق الله العظيم.

إن نعم الله تعالى علينا لا تُعد ولا تُحصى ومن بين هذه النعم نعمة الأبناء والذرية الصالحة، فبتقدير الله تعالى وبصيرته يهب هذه النعمة ويحرمها لبعض من خلقه، لهذا تستوجب علينا الشكر العظيم عليها وصونها وإنباتها نبات حسن...

إن التربية السليمة للأبناء تحتاج إلى الجهد والصبر والتحمل وليست بالأمر السهل الهين، فالذرية الصالحة غاية كُل والدين لهذا يجب عليهم تنشأتهم التنشئة السليمة، التنشئة الربانية .... اليوم أتساءل ما علاقة أبنائنا بالقرآن الكريم؟ وهل كتاب الله تعالى اليوم اقتصر لديهم في الصلوات الخمس وفي صفوف الدراسة فقط؟ هل القرآن الكريم موجود في تفاصيل حياتهم ويومهم؟ وهل للقرآن الكريم دور في إصلاح سلوكياتهم وفي تصرفاتهم؟

منذ أن يأتي الطفل إلى هذا العالم وهو يتعلم من محيطه كل ما يشاهده وكل ما يتأثر به، وهو صغير يكون لصيقًا بوالديه يتعلم منهم ويقلدهم، ويطبع شخصياتهم في أدق تفصيل فإن وجد هذا الطفل والديه علاقتهم بالقرآن في كل محفل من حياتهم فسوف ينشأ عليه، وسيكون القرآن الكريم متأصلاً في سلوكه كلما كبر... ولكن قد يقول قائل إن الوالدين لم يقصروا في تعليم أبنائهم تعاليم دينهم وتوجيههم التوجيه السليم لاسيما كتاب الله تعالى في صغرهم ولكن وبتداخل عوامل أخرى وتغير نمط الحياة اليوم يكبر الأبناء، وقد يسلكون سلوكًا مختلفًا ففي الأخير إن الهداية من الله تعالى (إنك لن تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء) صدق الله العظيم... نعم كلام سليم وأنا هنا لا اتهم الوالدين بالتقصير، ولا أقول إنهم مهملون وأعلم علم اليقين أنهم يبذلون قصارى جهدهم حتى يصلون بفلذات أكبادهم إلى بر الأمان، ولكنني أقول إنَّ هناك طرق خاطئة وأخرى غير مجدية، وأخرى تقليدية قديمة في التربية وخصوصاً تعامل وتنشئة الجيل على القرآن الكريم، وغرسه فيهم وفي سلوكهم فلا يكفي أن تكون التربية بالكلمات والتوجيه فقط، وإنما إذا أردنا دوام التربية السليمة وزرع شيء ما في سلوك أبنائنا يكون بالقدوة والمشاهدة والتشجيع والفهم الصحيح، أن تلامس الآيات القرآنية وجدانهم وقلوبهم وليس فقط ترديد بالألسنة. إن الخطأ الذي نقع فيه كمربين أن نربط القرآن الكريم في حياة أجيالنا بالصلوات فقط، نُردد الآيات عند كل صلاة وكطفل أو ابن أحيانا كثيرة وحتى نحن الكبار قد نفقد ذاك الخشوع في الصلوات، وبذلك نكون قد رددنا الآيات بطريقة تكرار دون أن نستشعرها، أو قد نسرع في الصلاة حتى نعود لحياتنا وانشغالنا مما يترتب عليه إهمالنا تذوق حلاوة كلام الله تعالى، أو يقتصر الأمر في المدرسة وعلى  مقاعد الدراسة ولحصد أعلى الدرجات تجد الأبناء وكأنهم مجبرون على حفظ الآيات القرآنية ليخرج الأبناء من الصفوف الدراسية وهم لا يفقهون إلا المقرر لهم فقط وبدافع الدرجات.

إن الحلول المطروحة لنصل إلى النتيجة النهائية لهذه السطور هي بختصار هذا السؤال ماذا علينا أن نفعل كوالدين ومربين حتى نخرج ذرية صالحة جيل القرآن الكريم ؟ قبل هذا يجب أن نعلم أهمية الآيات القرآنية في حياة أبنائنا فهي المربى الأول، وبها تستقيم حياتنا ويصلح سلوكنا فقط إن فهمناها بطريقة صحيحة، ولامست وجداننا بعمق محتواها وما علينا سوى أن نجد طريقة مجدية في غرس كتاب الله تعالى في النشء، وهناك فعلاً طرق كثيرة وغير تقليدية فقط يجب أن يسعى الوالدان في إيجادها، وتكون طريقة تناسب كل الأعمار فالتعلم اليوم يحتاج إلى طرق مؤثرة وتترك الأثر على المدى البعيد، وتكون مقنعة أن حياة أبنائنا مع القرآن هي الضمانة الأكيدة والمخلصة الوحيدة لكل مطبات الحياة والأمان لكل مخاوف الوالدين من سلوكيات أبنائهم الخاطئة، فالقرآن نعمة من نعم الله علينا مع أبنائنا فلنحمد الله عليها دائمًا ونديمها بالشكر ونحفظها بتواجدها الدائم في حياتنا.

تعليق عبر الفيس بوك