نعمةُ المسجد

 

وليد بن سيف الزيدي

إنَّ الجميع يعلمُ في الفترة القريبة التي مضت أنَّ جائحة كورونا قد فرضت على بلدان العالم إغلاق كُلي، وأحيانًا جُزئيا في المؤسسات الحكومية والخاصة سواء الاجتماعية منها أو التعليمية أو الدينية، وحيث كان التباعد ومنع التجمعات بين الناس في بداية ظهور الجائحة وحتى اليوم هو الخيار الأول لوقاية الأفراد والمجتمعات من تفشي فيروس كورونا بينهم. وعلى الرغم من المحاولات التي بذلتها بعض دول العالم في التوصل إلى اللقاحات الطبية التي تضمن القضاء على الفيروس بشكل كُلي إلا أنَّ تلك المحاولات والجهود ما زالت مُستمرة بغية؛ تحقيق النتيجة التي تُعادل صفر حالة من حيث أعداد المصابين بالفيروس والآثار المُترتبة عليه.

وتُعد تلك اللقاحات الطبية التي تم التوصل إليها في الفترة الماضية والتي اعترفت بها منظمة الصحة العالمية وتحرص اليوم العديد من الدول على الحصول عليها، ذات نتائج جيدة من حيث تقليل الآثار المُترتبة على الفرد في حالة إصابته بالفيروس، كما أنها تمنح صاحبها فرصة التنقل بين بلدان العالم، والحصول على فرص الانتساب للجامعات التعليمية المحلية والعالمية. ولاسيما أنَّ المؤشرات التي تظهر بين فترة وأخرى من الجهات الصحية العالمية والمحلية تُشير إلى أنَّ الجائحة مُستمرة إلى أجل غير مُسمى. ويبقى خيار أخذ اللقاح والتباعد ومنع التجمعات بين النَّاس بعد حُسن الظن بالله هو الخيار المُهيمن حتى هذه اللحظة.

ونحن في بلاد المُسلمين وكجزء من هذا العالم الذي لا يمكن فصله عنه؛ وذلك بحكم التطور الكبير والسريع الذي نشهده اليوم في وسائل الاتصال والتواصل والتي جعلت من العالم كمجتمع واحد، قد تأثرنا أيضًا بما فرضته جائحة كورونا وعلى مستوى جميع الأصعدة في الحياة ولاسيما في إغلاق المساجد.

نعم، لقد راودني ذلك الشعور بعد مضي فترة من قرار اللجنة العُليا المُكلفة بمتابعة التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا، والذي جاء بإغلاق المساجد ومنع صلاة الجمعة والجماعات بداخلها؛ نتيجة لما فرضته الجائحة ولتقليل الآثار المترتبة عليها. ومن خلال السؤال قد وجدتُ ذلك الشعور عند البعض كذلك، وربما البعض منكم قد شعر به أيضًا؛ حيث تمثل ذلك الشعور بتراجع أو نقصٍ في مستويات الراحة النفسية والطمأنينة، والهمة في أداء فروض الصلاة داخل المسجد، وإنجاز أكبر عدد ممكن من ركعات السُنن وقراءة أجزاء من القرآن الكريم، والدعاء والذكر أثناء فترة الإغلاق وخصوصًا في شهر رمضان المبارك، على الرغم من وجود الوقت الكافي لأداء تلك العبادات داخل البيت، لكني لم أشعر بنفس تلك الهمة والراحة التي هي داخل المسجد. فسبحان الله العظيم!

وبذلك أيها الأخوة الأعزاء يكون المسجد نعمة من نعم الله العديدة التي أنعمها علينا في بلاد الإسلام والمسلمين، ويكون بذلك قد أدرك العديد منِّا اليوم نعمة المسجد وبشكل أكبر من السابق وخصوصًا بعد قرار الإغلاق.

إنَّ نعم الله علينا في عُمان لاتُعد ولا تُحصى ومنها نعمة الإسلام والوطن والسُّلطان، فعلينا جميعًا أيها الأحبة في الله الحفاظ على تلك النعم بالحمد والشكر لله، وإحسان الظن به سبحانه وتعالى، والعمل فيما يُقربنا إليه بالقلب واليد واللسان. ثم لنا أن نتصور كيف سيكون حالنا في حالة فقدنا نعمة واحدة من تلك النعم الكثيرة بعمل أيدينا. ولنتذكر تلك الأيام التي أصبحت أو ستصبح من الماضي والتي أغلقت فيها المساجد بسبب الجائحة وما ترتب عليها من آثار نفسية علينا، ثم لنرويها للأجيال القادمة لأخذ الحكم والعبر منها، ثم لنغرس في نفوسهم حُب المسجد وصلاة الجمع والجماعات فيها، ولنخبرهم بأن التبكير إلى المسجد والصلاة في الصف الأول فيه الخير الكثير.

تعليق عبر الفيس بوك