كيف تقضي على البطالة؟

 

يوسف عوض العازمي

 

"في أحضان البطالة تولد آلاف الرذائل" محمد الغزالي.

 

 

غالباً في الدول المُتقدمة يتم التركيز الأوَّل على محاربة البطالة وإنهاء أي سبب لها، لما لها من تبعات تمس بعدة جوانب حساسة اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا وكذلك أمنيا، أي دولة تزداد بها نسب البطالة وعدد العاطلين عن العمل هي بالضرورة لاتملك إدارة محلية راشدة، مثير للتعجب عندما تجد دولة تملك معطيات لاتحصى من الموارد الطبيعية والمساحات الشاسعة وتتمتع بأمن داخلي مستقر ثم تجد أبرز مشاكلها البطالة!

 

الأمر لايتعلق بقطاع عام أوقطاع خاص، بل بعقلية الإدارة العامة للدولة: ما المبادئ التي على إثرها توضع الخطط القصيرة والطويلة المدى؟ ما مخططات التخصصات المطلوبة لسوق العمل؟ ما الرؤى التي تقدم كل جديد من فرص عمل جاهزة لكل باحث أوخريج من مؤسسات التعليم والتعليم المهني؟ ما الخطط التي تفتح أبواب المشاريع الكبرى ذات المدى الزمني البعيد التي تساهم في انخراط الشباب والشابات كأفراد فاعلين بها؟ ما خطط الجهات الاجتماعية والاقتصادية والأمنية لمواجهة وتنظيم هذه الأمور؟

ثم يأتي سؤال مهم: هل الدولة بإمكاناتها قادرة على استيعاب المقبلين على سوق العمل، بمؤسساتها المدنية والعسكرية؟ وإذا تبين أنها غير قادرة.. هل انعدمت الحلول؟ هل فعلاً توقف الدم في شريان فرص العمل؟

وما الأسباب؟ وما المُسببات التي أدت إلى هذه الأسباب؟

فإذا تبين أنَّ الدولة- أي دولة- لا تستطيع فهذا ليس عيبًا؛ بل العيب هو عدم الاعتراف بهذا العيب وعدم التعامل معه لإصلاحه، وقد يأتي من يسأل وهو مُحق: ما السبل التي قد تساعد الدول على المحاربة وثم القضاء على مشكلة البطالة؟ هي في الحقيقة سبل يسهل الكلام عنها، وبكل يُسر، لكنها تحتاج قلب يشتهي الحل حتى تمشي الرجل إليه، على طريقة المثل الكويتي: "إن اشتهى القلب.. مشت الرجلين!"

الحل باختصار وبلا تفاصيل مملة: قناعة تامة بالمشكلة، ومن ثم إرادة قوية لتفعيل هذه القناعة، مع تمهيد الطرق لفتح الأبواب أمام جهات الاستثمار الأجنبي الفاعل، لكي يُفيد ويستفيد. وذلك يتضمن: إعفاءً جمركيا- إعفاء رسوم الإقامة- إلزام المستثمر بوديعة مالية مُعتبرة- عدد عاملين مواطنين لا يقل عن 85%- فتح المجال للمواطنين بالقيادة التتفيذية العليا بذات الاستشمار بنسبة لا تقل عن 85%، وغير ذلك مما يضمن فائدة الطرفين: الدولة والمستثمر.

أيضاً يُفترض وضع خطط تنفيذية لتوظيف المواطن وإعلامه بجهة عملة الملتحق بها مباشرة بعد التخرج، وفق بنود لفائدة الأطراف المستفيدة (المواطن- الدولة- المستثمر)، مع وضع بنود تضمن عدم مضايقة المستشمر الفاعل الفائد للوطن، حتى يستفيد ويفيد، لأنه منطقياً لا يمكن لخاسر أو مقيد أن يفيد، بل يجب دعم المستثمر بأمور معقولة لا تؤثر على البديهيات العامة، مما يجعل عمله في تقدم وبذلك تستفيد كل الأطراف.

ما سبق بمثابة خطة عمل مختصرة جدًا، فمساحة المقال لا تكفي، لكن دائماً علينا التحلي بالقناعة بأن أي شخص لا يعمل ربما يكون سبباً لأزمة خطيرة في المستقبل، وقد يؤذي نفسه وأهله ومجتمعه..

لذا على ذوي النظرة الثاقبة في جهات الاختصاص أن يقوا الأوطان ممن ليس لديه ما يخسره، والسبب ضعف التخطيط وضبابية الرؤية، وعدم تحلي كل الأطراف بالمسؤولية واستيعاب متطلبات الأوضاع اليومية الراهنة!