فاطمة الحارثية
أتت مجموعة إلى منزل كبير ومنظم، ولاحظ أحدهم أنَّ ثمة جدارا طويلا يفصل بين قاعتي البناء، فقرر هدم ذلك الجدار ليُوسع المكان على المجموعة، ويُسهل الحركة بين القاعتين، وشرع بالهدم دون سؤال أحد، فانضمَّ إليه فريق من المجموعة لمساعدته، وهم يذمون صانع البناء، وبقي فريق آخر يُراقب ما يحصل بحيادية، ليأتيهم صوت يُنادي من أقصى القاعة، محاولًا منعهم من عملية الهدم، خشية أن يكون الجدار هو ساس البناء، لم يلتفت إليه أحد ونهره البعض بقول: "أنت لست مهندسًا ولا من أنشأ هذا البناء فاصرف عنَّا وجهك"، حاول أن يُمسك بيد أحد الهدامين فانهال عليه بمطرقته، فولى خارج البناء متأثرًا بجروحه، واستمر الهدم، ولم يكد يبلغ الهدم منتصف الجدار حتى وقع السقف عليهم جميعاً، وأثناء سقوط السقف أخذ اللائمون يلقون باللوم على بعضهم البعض، وعلا الخلاف حتى أتى السقف عليهم جميعا، وأسقطهم صرعى، دون أن ينفعهم اللوم أو يُدركهم الندم.
في إحدى الدول، علا صوت المُعارضة، واجتمع قومٌ من الأمة في مسيرة سلمية، من أجل أن يقدموا كلمتهم، ويعرضوا آلامهم وطلباتهم، فأسرع الإعلام الرسمي إلى موقع الحدث، وحول قنواته الرئيسية إلى بث مباشر من الموقع، فتحدث البعض وأصغى البعض الآخر، وتحمل أحد المسؤولين تلك المسؤولية بكل صدق وأمانة، وانتقل الحوار المباشر من الشارع إلى مجلس يُمثل الشعب، فعاد المعارضون إلى منازلهم لمُتابعة البث المباشر، ومجريات التحقيق فيما قدموه من عريضة طُلب منهم تدوينها، وبيان المشكلات وحلولها، وليُشاركوا في الخط المفتوح والمنتدى المباشر الذي تمَّ بثه لعدة أيام، من أجل دراسة العريضة المُسجلة وتلبية رغبات الناس ومقترحاتهم السريعة الممكنة، ووضع الخطط للطلبات التي تحتاج إلى وقت لتنفيذها وتحويلها لجهات الاختصاص المُختلفة، لتأتي سلوكيات واعية قادرة على احتواء الأزمات، وإرضاء جموع الناس، دون تهويل ولا تهديد ولا سجون (حلم).
في إحدى الدول المُتمكنة، أرادت مجموعة من المخربين نشر الفتنة، من أجل؛ زعزعة أمن تلك الدولة، ولأنها دولة متمكنة وقوية بإخلاص وولاء ووفاء أجهزتها الوطنية، فهي دولة تستثمر وتستميل وتدرب وتضع كوادرها الوطنية المُخلصة، في جميع أجهزة دولتها الحساسة والمهمة، استطاعت حجب جميع منصات التواصل الاجتماعي، والإعلام الأصفر، وتمكين الإعلام الرسمي في وقت قياسي، مما أدى إلى احتواء الفتنة وقمعها وإيقاف نشر الذعر ومكائد هدم المنجزات.
دولة أخرى أعلنت عن فرض الجباية والضرائب، مع زيادة مبلغ رمزي بسيط مُحدد، وليس بالنسبة المئوية للعاملين في دولتها، واتبَعهُ إعلان آخر أجوف عن تنظيم أسعار السلع الأساسية، والتخفيض والعفو الجمركي المؤقت لبعض السلع الأساسية، فسكت الجمهور واطمأن، علماً بأن لدى تلك الدولة دائماً مسؤول وهمي، يتحمل المسؤولية ويتم إقالته والاستبدال بغيره متى ما صحا الجمهور واعترض على أي أمر، ولا تتأثر استراتيجياتهم ولا سياسات تلك الدولة مهما بلغ عدد من تم إقالتهم، فالارتكاز على النظام وليس الناس، فما يصلح لوجه عمله لا يصلح للوجه الآخر.
سمو...
نقرأ عن تعيين الآلاف من المواطنين فيستبشر الناس، ثم يتبعه بعد عدة أيام إعلانات عن عدد العمالة المستوردة، فهل هناك خلل في الخبر أم في الاستراتيجيات؟