السلطنة جارنا الصالح

د. أحمد أبوخلبه الحضري **

خلال عقود من التاريخ وما تخللها من صراعات وحروب وأزمات في اليمن والمنطقة العربية، تحددت مواقف واتَّضحت توجهات، وتباينت التكتلات التي تحكمها مصالح سياسية واقتصادية ونادرًا طائفية، ورغم كل تلك التباينات، كان وما زال موقف سلطنة عُمان هو الحياد والثبات على الحياد وعدم الانجرار مع أيَّ طرف.

وشكلت السياسة الإقليمية العُمانية معطى دبلوماسياً فريداً، سعى، في المُجمل، إلى احترام إرادة الشعوب، وعدم التدخل في الأزمات الداخلية، ما مكّنها من احتلال موقع استثنائي في السياسة الإقليمية والدولية، بفضل الاستراتيجية التي اختطها سلطان عُمان الراحل قابوس بن سعيد؛ إذ بلور- على مدى عقود من حكمه- سياسة قائمة على الحياد الإيجابي، والحفاظ على سجل ناصع ونظيف من أي ضلوع في المشكلات.

نحن كيمنيين نحمد الله أن منحنا جاراً صالحاً متمثلاً في سلطنة عمان، هذا الجار الذي لم يصلنا منه إلا الخير والسلام والسند وقت الشدائد، هذا الجار الذي لا يألو جهدًا لرأب الصدع وحل الخلاف، وقد تمثل هذا الدور واتضح جلياً مؤخرًا، في الحرب التي تدور رحاها حاليًا ومنذ سنوات، فقد قامت السلطنة- وما زالت- بدور الأخ المخلص الوفي، لما من شأنه لم الشمل والدعوة للحوار واستضافة المتحاورين من كل الأطراف، دون تمييز أو تحيز، ناهيك عن الجانب الإنساني؛ حيث سهلت السلطنة لليمنيين العبور للسفر بعد أن أطبق الحصار وأغلقت مطارات اليمن، فكانت السلطنة متنفسا وحيدا ونافذة دائمة لا تعلقها العواصف، وكذلك الجانب الطبي وعلاج المرضى والجرحى اليمنيين في السلطنة؛ إذ استقبلت السلطنة مرضى وجرحى يمنيين من كل الأطراف المتصارعة، دون تمييز، وليس لدى السلطنة إلا معيارٌ واحدٌ وهو معيار الأخوه والجوار، ففي عُمان يأتي الجريح من صنعاء ومن تعز ومن عدن ومن كل اليمن، فلا يجد سوى حضن دافئ ويد حنونة تمتد له، نحن اليمنيين نكن كل التقدير والاحترام لهذا الجار الصالح، ولهذه المدرسة السياسية النموذجية، ونسأل الله لعُمان سلطانا وشعبا الخير والنماء ودوام الأمن والأمان والاستقرار.

نسأل الله العون والحفظ لصاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله-، خير خلف لخير سلف.

ونسأل الله تعالى أن يعيد اليمن سعيدًا آمنًا مستقرًا.

** طبيب يمني مُقيم بالسلطنة

تعليق عبر الفيس بوك